التاريخ، بين الخبر الدقيق والنظر والتحقيق

9 دقائق للقراءة

أية علاقة بين التاريخ والاستراتيجيا؟
هل يساهم فهم التاريخ في فهم الحاضر وبناء المستقبل؟

بقلم الدكتور مازن الشريف المفكر الاستراتيجي، الأمين العام المساعد للاتحاد الدولي للمؤرخين

يذكر المؤرخ العلامة عبد الرحمان بن خلدون في المقدمة أن التاريخ “في ظاهره لا يزيد عن الإخبار..وفي باطنه نظر وتحقيق”، وهذه الحكمة العظيمة لواحد من أكبر المؤرخين، وأبو علم الاجتماع، فيها معطيات دقيقة عن علم التاريخ وفنه، الذي ليس فقط سردا لأخبار الأمم ونظرا في حدثان الأيام وتتابع العصور والحقب والسنين، أو كما قال ابن خلدون: “فإن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال، ةتشد إليها الركائب والرحال”، وهو أمر لا غنى عنه لأي أمة أو شعب، لأن التاريخ جوهر حضاري ثقافي، ولكنه نظر عميق وتحقيق دقيق. وفي ذلك يقول المصنف العثماني حاجي خليفة المتوفي سنة 1657 والذي كان له فضل معرفة العرب لابن خلدون وكتبه، والمتؤثر به بشكل جلي: وعلم التاريخ هو معرفة أحوال الطوائف وبلدانهم ورسومهم وعاداتههم وصنائع أشخاصهم، ةفائدته العبرة بتلك الأحوال والتنصح بها وحصول ملكة التجارب بالوقوف على تقلبات الزمن”.
وإن جانب النظر والتحقيق يفتح أبوابا كثيرة:

  • أولها تمحيص وتحقيق التاريخ نفسه: لخضوع رواية التاريخ مرات كثيرة لهوى وانتماء من دوّنه، وكثيرا ما نجد الخبر نفسه في تناقض بين راو له من جانب وآخر من جانب مضاد، كما هو الشأن في دراسة الحروب الصليبية بين مؤرخ صليبي متحمس، يذكر بفخر كيف قتلوا آلاف الفجرة من سكان فلسطين وسالت دماؤهم (النجسة وفق تعبيره) في شوارع أورشليم، ومؤرخ مسلم شاهد عمليات القتل والابادة، وهذا من واقعة حقيقية لا مجرد مثال.
    بل حين ننظر في التزييف والتزوير في واقعنا الراهن رغم كل إمكانيات النقل المباشر بالصوت والصورة والتوثيق الحي، نفهم أن علينا أن نعيد قراءة التاريخ بتمعن، وأن نفككه جيدا، وننظر ونحقق، فالحقيقي الثابت لن يزيده ذلك إلا رسوخا، وما كان موضوعا وُقينا شرّه، فلا يضع الوضاعون ويدس الداسون إلا لشر ومكيدة، وما أكثر ما تضررت أمتنا من مكائد الوضاعين التي زرعوها كالألغام في تاريخنا، والأمر مستمر للأسف إلى اليوم.
    وهو ملف يخص أيضا دارسي الأحاديث النبوية كمكون أساسي للتاريخ الاسلامي ولكن للأسف شابها من الوضع والدس ما شابها، وشكل ذلك التحريف والوضع أرضية لفقه الحقد والتبرير للظلمة والطغاة البغاة ومنبعا للتكفير والتطرف وللخزعبلات والجهل.
    *وكذلك يفتح الباب على تاريخ البشرية ككل: بين المنظور التطوري الاختزالي الذي يرى أن الإنسان مجرد مصادفة من صانع ساعات أعمى (كما يقول زعيم الملاحدة اليوم تشارلز دوكنز ردا على نظرية صانع الساعات لويليام بالي عالم للاهوت سنة التي نشرها 1802 وفكرة التصميم الدقيق.) ونتيجة عمل جيني عشوائي، فيربط تاريخ البشرية بالقردة والثدييات، وبين رؤية علمية تاريخية لها آلاف القرائن والدعائم (في طبيعة الخلية الحية وفي طبيعة العقل وفي نشاة اللغة مكتملة ضمن ما أسماه نعوم تشومكي بالانفجار اللغوي العظيم) تعطي البحث التاريخي عمقا آخر وتفند القرائن الاركيولوجية للدراونة وتقترب من المعطى الديني عن خلق آدم.
    *وكذلك يفتح الباب على مصراعي الحاضر والمستقبل: وتدور في فلك ذلك قاعدة أراها جوهرية وأساسية: “من لم يفهم تاريخه لن يفهم حاضره، ولن يتمكن من بناء مستقبله”.
    إن دور المؤرخ ليس فقط سرد الأخبار وتتبعها، بل هو مصلح اجتماعي، وخبير بشأن الحضارات والأمم، ومثقف حيوي، وله عبر تحقيق التاريخ والنظر فيه واستخلاص عبره ما يدعم حاضره فهما ودراية وقدرة على النصح والبناء والاصلاح، وما يدعم مستقبله ومستقبل أمته وشعبه استشرافا وتصورا وتخطيطا. ولعل هذا ما أراد أن يشير إليه ابن خلدون حتى في عنوان مصنفه التاريخي الضخم “العبر”، فالعبر خلاصات لها استخدام وثيق ومهم لا ينفصل عن الحاضر والمستقبل.
    إن المسألة الزمنية في علم التاريخ وفنه مسألة على غاية الدقة، وهي ليست فقط في الرجوع إلى الماضي وتفكيكه وفهمه ومراجعته ومشاهدته تصوريا أو صوريا (الأمر أيسر منذ اكتشاف آلة التصوير والفيديو)، بل أيضا نقل الماضي إلى الحاضر وتفسير غوامضه ومعالجة أدوائه، ونقل الماضي إلى المستقبل لفهم المآلات ورسم سيناريوهات المستقبل واستشرافاته الدقيقة.
    ففي سُنّة التاريخ ونواميسه قوانين ثابته، من بينها أن الحاضر لا ينفصل عن التأثر بالماضي، وأن التاريخ كثيرا ما يتكرر ولو بتغيير بعض الأوجه الظاهرة، ولكن الجوهر ذاته.
    وكذلك فلا يمكن لمن لا يعرف التاريخ أن يفقه شيئا في شؤون الراهن ومسائل الواقع، ولا ان يرى مقدار ثقب إبرة من الزمن الآتي وما يحمله المستقبل: إن المؤرخ الحق خبير في العلوم الاستراتيجية بالضرورة، ولو لم يشعر بذلك، وإن اعظم وأكبر خبراء الاستراتيجيا وصناع المستقبل ونظرياته وأقوى المنظرين في مراكز الدراسات الاستراتيجية وصناعة القرار في الولايات المتحدة: مؤرخون: من كيسنجر (مهندس الفوضى الخلاقة وتقسيم العالم العربي) إلى برنار لويس (مهندس تقسيم الشرق الأوسط) وفوكيوياما (صاحب نظرية نهاية التاريخ).
    وإن المتتبع لواقع أمتنا يجد ربطا دقيقا مع التاريخ وتكرارا على غاية الذكاء لأنماط فاسدة منه بشكل آلي وبشكل تراكمي وبشكل مقصود وهو الأقوى: ألست ترى في داعش ملامح ابن عبد الوهاب وعصابته وابن تيمية وزمرته والخوارج ومجموعاتهم؟
    أليس في ما جرى للعالم الإسلامي والعربي من تفكيك أو محاولات تقسيم وتناحر وارهاب من مخرجات التاريخ ومن عقول درست تاريخنا وفهمت شعوبنا وعرفت مواطن الداء والتطرف؟
    ألست تقرأ ما يجري اليوم فيما دونه منذ سنين عديدة كيسنجر وبرنار لويس وحكماء صهيون؟
    إن علم الاستراتيجيات المستقبلية يقوم على رسم سيناريو والعمل على تنفيذه: أليس العالم العربي هو المِخبر الأفضل والمجال التطبيقي الأكثر ملاءمة في العالم كله؟
    ألا يبعث هذا على مراجعة نظرنا للتاريخ ولدور المؤرخ؟
    إن علم الاستراتيجيا هو ابن الجغرافيا (منذ أن كان علما خاصا بالتخطيط العسكري وحركات الجيوش إلى أن أصبح علما شاملا)، والجغرافيا أخت التاريخ، وكلاهما صانعان للحاضر وبانيان للمستقبل، وللجغرافيا والمكان أثر كبير في صياغة الاستراتيجيا وفي رسم ملامح التاريخ الذي هو تشكل مستقبلي لفعل في الماضي. وبالنظر لعلاقة التاريخ بالمكان والجغرافيا وصناعة المستقبل وما يسبق ذلك ويحايثه ويعقبه من استراتيجيات، نضرب مثلين مهمين: أرض الهنود الحمر، وفلسطين.
    ذلك أن خط المكان ودوائره، وتنقلات الانسان فيه، وبنائه للمدن وتكوينه للحضارات، وأحقيته في أرض ما، وما يربطه بها من وشائج وروابط تجعلها له وطنا ويجعله مواطنا لا مستوطنا، هي في التاريخ شبكة كثيرة الحركة، سريعة الانتقال إذا نظرنا بالزمن الجيولوجي، فما من أمة إلا ووفد بعضها على أرض جديدة مسافرا أو متاجرا أو هاربا أو غازيا مستعمرا، لكن لذلك ثوابت: فالذي يصنع تاريخ أرض ما هو صاحبها، ومن وفد ليشاركه بذلك الفعل الحضاري سلميا انتمى إليه، كما ساهمت عليسة القادمة من صور الفينيقة فرارا من أخيها في تاريخ إفريقية مع الأمازيغ، ونتج عن ذلك الحضارة القرطاجنية، وكلك مساهمة التجار المسلمين وذويهم في تاريخ أندونيسيا وماليزيا والهند وبنغلاديش وباكستان والصين (عشيرة الهوي) وأثرهم في إسلام شعوب تلك البلدان عدا الهند التي أسلم قسم كبير من شعبها والصين وفيها قرابة المائة مليون مسلم من عشيرة الهوي وهم أحفاد تجار مسلمين. أما مسألة الهنود الحمر فمختلفة: إنهم أصحاب الأرض، وقد تمت إبادتهم، وصار للمكان اسم آخر وسكان آخرون، صحيح أنه لا يمكن تصحيح ذلك اليوم، وتهجير القادمين قبل قرون من البرتغال وإسبانيا ودول اوروبا، لكنها مسألة مبدئية. أمر يعمل الكثير من الناشطون من أصول الهنود الحمر على إحيائه والتذكير به، ومن بينهم فنانون كبار، ولا يمكن نسيان موقف الفنان الكبير مارلون براندو الذي رفض تسلم جائزة الأوسكار سنة 1973 (عن قيامه بدور فيتو كورليني في فيلم The Godfather) اعتراضا على الصورة المسيئة لشعب الهنود الحمر في الأفلام الهليودية وأرسل ممثلة مغمورة تدعى ساشين ليتلفذر لتحضر بدلاً منه وهي ترتدي ملابس سكان أمريكا الأصليين، وترأس جمعية للدفاع عنهم، وألقت كلمة نيابة عنه عبرت عن موقفه الرافض للصورة المخلة وعدم الاحترام في السينما الأمريكية للهنود الحمر، وهو بموقفه ذاك شكل دعما كبيرا لهم للدفاع عن قضيتهم، واعتبر ذلك من قبل النقاد أقوى اللحظات في تاريخ الأوسكار.
    وفعلا فإن للسينما كما للرواية في الكتب التاريخية والأدب أثر كبير في تلميع أو تشويه شعب أو شخص، وتغيير أحداث وقلب حقائق، مما سيؤثر على الرأي العام ويكون له أثر استراتيجي عميق وخطير، وكم تحفل السينما والكتب والتواريخ الموضوعة بذلك، لذلك قالت الكاتبة والروائية والباحثة الأكادية الكندية أنطونين مالييت Antonine Maillet “حين يكتب الملوك والأمراء التاريخ، لا أحد في المستقبل سيعرف رأي ووجهة نظر الشعب”.
    ورحم الله شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري حين قال
    يُزهِّد في المحامدِ طالبيها …يقينٌ أنَّ عُقباها هباء
    فقد تأتي الفظيعَ ولا عقابٌ …وقد تُسدى الجميلَ ولا جزاء
    وفي التاريخِ أتعابٌ كِثارٌ …مضتْ هدَراً وطار بها الهواء
    وأعمالٌ مشرِّفةٌ ذويها …تولاَّها فضيَّعها الخفاء
    وأُخرى جرَّ مغنمَها دنيٌّ… فسرَّته ، وصاحبُها يُساء

أما فلسطين، فهي شاهد حي على كيفيات التلاعب بالتاريخ، والعمل الممنهج بشتى الوسائل، ومنها السينما والاعلام، على إثبات الكذب والتلاعب بالرأي العام الدولي، وبشعوب كثيرة، فالشعب الأمريكي منذ سنوات قليلة كان يصدق أن صور الفلسطينين المقتولين هي صور أطفال يهود قتلهم فلسطينيون متوحشون كما كان ينشر الصهاينة ويروجون.
فلسطين إنها وطن لأهلها، مستوطن من غاصبين لها تحيلوا حتى على التاريخ (عبر ما تم دسه من خبراء وانتروبولوجيين قبل قرنين ثم تم استخراجه لاحقا لبناء مزاعم لوجود لهم ومدن وقصص كاذبة، وعبر غيرها من الوسائل، ودور المؤرخين مهم في الحفاظ على هويتها ونصرة قضيتها والرد على مزاعم المزورين والمزييفين باسم التاريخ والحضارة والثقافة.
فلسطين أرض لها شعب، وشعب له تاريخ، وليست كما ادعوا أرضا بلا شعب وهبوها شعبا بلا ارض، بعد حفر في أخاديد المستقبل، ووعود تم العمل عليها منذ قرون، لعل أوائل السعي إليها كانت في بابل القديمة وبلاد نبوخذ نصر الثاني (أو بختنصر “السعيد الحظ” كما سماه الفرس) الملك الكلداني العظيم، حيث اجتمع البناؤون الاحرار (أسرى بني إسرائيل الذين حملهم معه إلى بابل بعد تدمير دولة بني إسرائيل الأولى سنتي 597 و 587 قبل الميلاد ودمر مدينة أورشليم وسبى أهلها) وتأسس المجمع الماسوني الأول وأودع خزائن كثيرة له في مدينة نمرود العراقية القديمة، ليتم نهب ذلك سنة 2003 بمجموعة من مرتزقة بلاك ووتر والموساد (من أقدم نسخ التورات ومخطوطات للماسونين الأوائل)، ثم تدمير المكان كله سنة 2013 عبر مرتزقة الدواعش وفريق من الموساد أيضا، أليست تلك متابعة مذهلة للتاريخ ونحن غافلون؟
ثم في مجمع فرسان مالطة قبل الحروب الصليبية (حيث اتحدث الصليبية المتطرفة بالماسونية لتولد الصهيونية المسيحية التي شكلت فيما بعد اللوبي القوي في الولايات المتحدة والعالم) ، الذي ولدت منه الصهيونية وساهمت في ولادة النازية والفاشية (رغم انقلاب الامر على اليهود)، ثم المرمون (المتطرفون الذين ارتكبوا مجازر بحق الكاثوليك في أمريكا في القرن الثامن عشر، ثم المحافظون الجدد ورثة الصليبيين وحلفاء الصهاينة الأقوى، وقام أحد كبارهم وهو جورش بوش الابن بتدمير العراق هاتفا أمام العالم: إن الرب امرني بتدميرها، في تماش مع ما تم دسه في التورات والتلمود ومخطوطات الماسونيين الأوائل عن تدمير بابل وعلاقة ذلك بالهرمجدون ومعركة آخر الزمان ونزول المسيح.
أليس هذا كله: (فعل في الحاضر يتصل بعمق الماضي لخلق أثر يفتح باب المستقبل).
وثق أن استراتيجيات الصهاينة وحلفاؤهم تنبع تماما من هذه القاعدة ووفق هذا المعتقد وهذه الرؤيا مع تتبع العلامات ومراقبة الاشارات وتطبيق الخطط بدقة متناهية ليس أولها تأسيس الوهابية من الجاسوس الماسوني اليهودي البريطاني همفر في القرن الثامن عشر ولا ما فعله لورانس ومن كانوا بعده، ولا ما جرى في العراق والشام وما يجري وما سيجري أيضا.
فأين نحن من دراسة وتفكيك وفهم كل ذلك، والتصدي له؟
إن المعركة الحضارية معركة تاريخية في جوهرها، لها امتداد عميق في الزمن، ولها تمظهرات في الواقعن وآفاق تطور كبير في المستقبل، وما لم نكن على فطنة ودراية فلن ننتصر، بل لن نستطيع ان نحافظ على ما بقي بين أيدينا.
وليس أوكد من دور المؤرخين، والمختصين في العلوم الانسانية، وخاصة علم الاجتماع والانتروبولوجيا، للقيام بدور مهم وأساسي في هذه الفترة الحرجة من تاريخنا، والتي تتمظهر فيها قوى هدم غير مسبوقة، تامل كم قرنا مضى على مدينة نمرود دون أن يدمرها أحد، ولا حتى جيش المغول، ثم يتم نسفها بالأرض اليوم.
ولكن عمل المؤرخين والمختصين في العلوم الانسانية لا يمكن أن يكون بمعزل عن العلوم الاستراتيجية، وهذا ما فهمه الامريكان فجعلوا على أهم مراكزهم الاستراتيجية مؤرخين، وكذلك لا يكون العمل الاستشرافي ناجعا وناجحا دون تناغم بين علم التاريخ وعلم الاستراتيجيا.
إن تجربتي الخاصة في مجال الفكر الاستراتيجي والاستشراف، نبعت أساسا من قراءتي للتاريخ، وإن تحقق جميع استشرافاتي فيما يخص حركة التنظيمات الارهابية سواء في بلادي تونس او العالم العربي أو دوليا (وفق الأدلة والوثائق المدونة في دراساتي وكتبي ككتاب بصيرة عقل، ومقالاتي التي تم نشرها بلغات عديدة منها إضافة للعربية: الانجليزية والفرنسية والايطالية والالمانية واليابانية عبر أهم صحف تلك البلدان، وظهوري في الكثير من البرامج الاعلامية في وسائل إعلام محلية وعربية وعالمية) دليل على أن فهم روح التاريخ وتتبع مساراته يفضي بالضرورة إلى فهم المستقبل وقراءة مساراته أيضا.
وإن كتابي رحلة في عقل إرهابي الذي يدرس بشكل مستجد آليات صناعة الارهابي وغسل دماغه وبرمجته عبر مراحل نظريتي الخاصة (التنظير والتكفير والتفجير) يثبت وفق العديد من الدراسات والمتابعات أن أكثر الدواعش والغالبية الساحقة منهم من أصحاب التخصصات العلمية التقنية، ويندر أن يكون فيهم مختص في العلوم الانسانية والفلسفة، وهذا دور آخر للمؤرخين وأصحاب تلك العلوم إضافة للفلسفة لتحصين الشباب وتثقيفهم، فشاب مثقف تاريخيا، يحمل وعيا أكبر، وعقل يحتوي على معارف في التاريخ والفلسفة وعلوم الانسان هو عقل محصن جدا من فيروس التطرف والارهاب، عقل يصعب بحق أن يتم غسله.
إن نظري لفلسفة التاريخ يتجاوز الخبر إلى الفعل الواقعي والمستقبلي عبر آليات استراتيجية، ليصوغ بذلك مقولات فلسفية في صلب الواقع وفي قلب المعركة الراهنة، ليفتح بذلك آفاقا للآتي ويبني النظريات التي يمكن أن تفيد في المراحل القادمة، وإن ذلك بعض مما في حكمة ابن خلدون، أن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، وفي باطنه نظر وتحقيق.

سوسة
‏18‏-10‏-2017‏ 18:36:32

مقالات ذات صلة

هل حقا صعدوا إلى القمر
نشرع بداية من اليوم في إثبات ما ذكرته من أمور وأحداث في برنامج “الحكاية وما فيها” على قناة تلفزة تي في، الذي نسبني بعض...
2 دقائق للقراءة
حرب القيامة
الريح العاصفة، والحرائق الغامضة، والأعاصير العاتية، والزلازل المدمرة، وموجات البرد القارس والحر الشديد، في غير مواسمه ومواضعه.كل ذلك سلاح في أيدي الشياطين.لطالما حذرت من...
2 دقائق للقراءة
وجهة نظر: الذكاء الاصطناعي
أعكف هذه الأيام على دراسة الذكاء الاصطناعي، وأجري حوارات ممتعة وماكرة مع بعض المواقع التي صار لها صيت كبير، مثل CHATGPT/ POE/NEEVA.سألت عن مواضيع...
2 دقائق للقراءة
المدرسة البرهانية
ونحن في ذكرى يوم عظيم من أيام الله.ليس لشيء سبق، ولا لشيء لحق، بل لأمر عظيم كان فيه.أمر ارتجت له السماء، واهتز له العرش،...
3 دقائق للقراءة
تحية لتلاميذي
تلاميذي هم أبنائي، نمور علمتهم ودربتهم ومنحتهم ثمار عذابات عمري وخلاصة شقاء سنوات التدريب القاسي والبلاء المر.وفي مدرستي يكون التعليم في الحال والمقال، في...
< 1 دقيقة للقراءة
ليبياوتونس تاريخ ومآلات
بقلم الدكتور مازن الشريف، المفكر الاستراتيجي.رئيس المنظمة الدولية للأمن الشامل، والمركز العالمي للاستشراف والمستقبليات.نائب الامين العام للاتحاد الدولي للمؤرخين بدأ اهتمامي العلمي بملف التكفير...
6 دقائق للقراءة
دعاء الكلمة
اللهم يا من إذا قضى أمرا قال له كن فيكون.يا صاحب الكلمة وسرها.يا من خلقه كلمة، وعطاؤه كلمة.ونعيمه كلمة، وعذابه كلمة.ورضوانه كلمة، وغضبه كلمة،...
< 1 دقيقة للقراءة
الشيخ بوعمامة وأبطال الطريقة الشيخية (1845-1908)
(من أطروحة الدكتوراة في التصوف) من أرض الجزائر أيضا، قائد كبير لقب بعبد القادر الجزائري الثاني، إنه المجاهد البطل الشيخ محمد بن العربي بن...
4 دقائق للقراءة
فهرس أطروحة الدكتوراه في التصوف
الحمد لله والصلاة والسلام على حبيب الله. وبعد فهذا فهرس عناوين أطروحة الدكتوراه في أصول الدين: (التصوف الإستراتيجي بنية الأصل وهيكلية الفروع). والتي ناقشتها...
3 دقائق للقراءة
معضلة التاريخ
هنالك فرق كبير وبون شاسع بين معرفة الحقائق التاريخية وكشف غوامضها وملابساتها، وبين توظيف ذلك لإرباك الراهن واشعال الواقع وشغل العامة بأمور لا تؤدي...
< 1 دقيقة للقراءة