2 دقائق للقراءة
من كتابنا: كتاب الإشراقات، الجزء الثالث.
القوة العظمى
قوة الله، في مقام الربوبية.
وقوة الخضوع لله، في مقام العبودية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمفهوم القوة من المفاهيم الوجودية الكبرى، وترى في الخلق كل فترة من يدعي أنه الأعظم قوة، وأنه امتلك القوة العظمى. ومثل ذلك عاد: ﴿فَأَمَّا عَادࣱ فَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُوا۟ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ﴾[1].
ويأتي الجواب في نفس الآية ربانيا بيّنا فيه الكلمة الفصل.
﴿أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِی خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةࣰۖ﴾[2]. فكل قوة مهما بلغت لا تساوي شيئا أمام قوة الله سبحانه. ومهما ظهر لعلماء الكونيات من قوى في الكون لا يُدركها تصوّر العقل البشري، ومهما سيظهر، يبقى كل ذلك هباء أمام قوة العظيم جل في علاه.
﴿وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِیعࣰا قَبۡضَتُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوَاتُ مَطۡوِیَّـٰتُۢ بِیَمِینِهِۦۚ سُبۡحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا یُشۡرِكُونَ﴾[3].
فأعظم قوة في مقام الربوبية التي لا تعلو عليها قوة هي قوة الله الجبار العظيم.
﴿إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِینُ﴾[4].
أما في مقام العبودية والخلقية، فكل القوى التي خلقها الله مطوية في قوة الله، من قوى الملائكة وأعلاها قوة الروح الأمين العظيم: ﴿عَلَّمَهُۥ شَدِیدُ ٱلۡقُوَىٰ﴾ النجم ٥
فكل ذلك تابع لقوة الله جل في علاه.
ولكن العباد الضعفاء الذين خلقهم الله بضُعف:
﴿یُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ ضَعِیفࣰا﴾[5].
وجعل أولهم ضعفا وآخرهم ضعفا وبين ذلك شيء من القوة للكدح في الحياة: ﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَكُم مِّن ضَعۡفࣲ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ ضَعۡفࣲ قُوَّةࣰ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةࣲ ضَعۡفࣰا وَشَیۡبَةࣰۚ یَخۡلُقُ مَا یَشَاۤءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِیمُ ٱلۡقَدِیرُ﴾[6].
فإن أعظم قوة لهم في مقام عبوديته هي قوة الخضوع لمن هم له عابدون.
فالخضوع لله اتصال بقوة الله. والذل لله وصال بالعز بالله.
فالخاضعون لله أقوياء بالله.
والجاحدون لله قوتهم واهية وأنفسهم داهية.
وفي القرآن العظيم والتاريخ شواهد ومشاهد من وهم القوة الذي أدى إلا هلاك أصحابه بقوة الله، وكذلك للخاضعين الخاشعين لله الذين جعل الله لهم بذلك قوة ووقاهم وأهلك عدوهم.
وهذا مشهد من ذلك سيكرره المستقبل القريب.
﴿وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ `قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ `قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ `قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾[7].
[1] فصلت الآية ١٥
[2] فصلت الآية ١٥
[3] الزمر الآية ٦٧
[4] الذاريات الآية ٥٨
[5] النساء الآية ٢٨
[6] الروم الآية ٥٤
[7] هود الآيات 78-81