2 دقائق للقراءة
“الاستقامة خير من الف كرامة”. اتخذوها شعارا ونسبوها لاحد الصالحين.
مما يعني استبطانا ان الاستقامة خير من الف معجزة، لان الكرامة تاييد من الله للولي، كما ان المعجزة تاييد منه للرسول والنبي.
وإن كانت الاستقامة الظاهرية التي قد يبلغ ذروتها المنافقون، خير من الف كرامة يهبها الله لاوليائه، أليس ذلك علوا على الله وأوليائه؟
بل وإن كانت الاستقامة الحقيقية لعامة الناس أعظم ألف مرة من الكرامة التي يهبها الله تكريما لولي من أوليائه هو سيد أهل الاستقامة ظاهرا وباطنا، الا يعني ذلك استهانة بالكرامة والمُكرَّم والمُكرِم؟
هل يحتاج الله من يعلّمه ان الكرامة من لدنه لا تكفي وليست بشيء امام استقامة قد لا تكون مقبولة او صادقة، ثم ان هي صدقت فلا يبلغ مستقيم بذاته ما يهب الله من عنده لمن اجتباهم لسرّه وكرامته كما اجتبى المرسلين لوحيه ومعجزاته.
إن الكرامة الإلهية امر عظيم لا ينبغي ان يُعلى عليه بدعوى الاستقامة، فما ذلك إلا تلبيس منافقين ليجعلوا اهل الله دونا، ويتخذونهم سخريّا، ولا يرون برهان الله وكرامته لهم كافيا لصدق الولاية بل يجتنبونهم لكل متشدق وخبيث يُنكر الكرامة ويدعي الاستقامة.
بل الحق أن “الكرامة برهان ألف استقامة”.
لا يهبها الله الا لمن استقام له باطنه مهما تشكّل ظاهره، فهو اعلم بأوليائه وأصفيائه.
فمنهم من كان شيخا فقيها مربيا.
ومنهم من كان مجذوبا سطوحيا هائما سكرانا في حال لا يحيط به الا ربه.
ومنهم من اظهرهم وأشهرهم، ومنهم من اخفاهم عن عبادهم تتجافاهم الاعين، فهم كما وصفهم الحبيب: “الاتقياء الاخفياء الذين اذا حضروا لم يُعرفوا وإذا غابوا لم يُفتقدوا”.
وفيهم من تأتيه وفود العلماء ويرتدي احسن الثياب كالسادة الجيلاني والرفاعي والشاذلي، ومنهم مجاذيب كالبدوي السطوحي الذي يجلس فوق السطح ينظر الى السماء، ومنهم ذلك الذي وصفه رسول الله حين قال: رُب اشعث اغبر مدفوع بالابواب لا يؤبه له لو اقسم على الله لابره”.
ولعل من حوله الف مدع للاستقامة، والف مستقيم لم يجعل الله له كرامة، بل هو في باب الرجاء بين الهلاك او السلامة.
فليست استقامة العبد ولا عبادته سر حب الله ورحمته ولا هي باب جنته ومعراج قربه، فتلك نفحاته ورحماته بما شاء على من يشاء.
اجل عليك بالاستقامة، لكن احذر ان تظن انها تساوي مثقال ذرة من كرامة.
فاستقم واعبد والزم غرزك ولا تعد حدّك، ودع اهل الله لربهم، او سر مع الركب، فما خاب من سار في ركابهم، واسال الله بهم القبول، فليس ذلك مما تبلغك اياه استقامتك، ولا مما تضمنه بعبادتك لو عبدت الف سنة، فقد عبد ابليس قبلك اضعاف ذلك.
نسأل الله السلامة وبركة الكرامة وخير الاستقامة.
6 سبتمبر 2018 22:12