2 دقائق للقراءة
قيل، واتفق أهل الأدب بتوقيع ابن رشيق، أن أعذب الشعر أكذبه، ولكن بعض البجع الأحمق صفق كثيرا وظل يرمي صديقنا بالحجارة – فيبتسم الصدق رغم الحجر المنهال عليه، مسكين هو البجع، لم يفهم المقصد..فليس الكذب المشار إليه هو التزييف، ليس رجم الصدق والتخلي عنه، بل هو التخييل والتوغل في غابات الاستعارة وفنون البيان وضروب البديع…
الصدق صديق الإبداع الأول..
فإنك إن لم تَصْدق الكلمة فلن تصْدُقك، وإن لم تصْدق القارئ فلن يُصدِّقك…
ربما حين نجمع بين الصديقين نجد مفهوما جميلا: الإبداع هو الصدق”.
“
فإذا ذهبت إلى مكتب صاحبنا وجدت له أعمالا كثيرة أخرى في أطر الأخلاق والمجتمع والعلاقات الإنسانية والحب خاصة….
فلك حينها أن تحني رأسك باحترام وتعلن لكل من حولك: “الصدق هو الإبداع”.
ولكم تحتاج الروح لهذين التعريفين، خاصة في زمن البجع هذا..والذي أصبح كل الكلام شعرا ضمن فهم البجعات لعذوبته، فصار الكذب بطلا على جميع الألسنة، ولافتة في الوجوه والأعين..
بل إنك ترى بجعة تهمس لجارتها: “لقد أبدعت اليوم في الكذب..تخيلت وتخيلت..والأحمق صفق بجناحيه وصدقني”..
وتجد على ضفة الوحل المجاورة غرنوقا يمد عنقه ويهمس لمنقاره: “الضحية الخمسون..ممتع جدا – يهتزّ ريشه لضحكه المكتوم وتفر الضفادع من حوله لنظرته اللامعة – أجل..أبدعت وخدعت.. وعشت اللذة في قمتها… يا للعذوبة..حمامة أخرى..فلأجهز إبداعا جديدا…”
هكذا تمر الغيمات فوق تلك البركة وهي تتنهد..
مسكين هو البجع.. وكم تعسة هي الغرانيق… لقد وقعت…
في مصيدة الوحل…
الصدق صديق الإبداع الأول..
وبرغم كل مؤامرات الليل وألاعيبه..فإني بعدُ أحب بصدق..
وأنزف بصدق..وأكتب بصدق.. وأموت بصدق أيضا..
الصدق والإبداع…جناحان لطائر واحد…
طائر يعشق تلك القمة التي لا تكاد تراها عينك..
طائر لم يدجنه جوع ولم يروضه طمع ولم يخالط ريشه وحل..
الصدق صديق الإبداع الأول… و
أنا ليس لي سوى هذا الإبداع وهذا الصدق..
أو أختفي بغير أثر..
ولا يسأل عني أحد!!
حلب الشهباء
31/01/2009 11:29:49 ص