2 دقائق للقراءة
تأسست مدينة الفلوجة سنة 631 ميلادي.
وتقع ضمن محافظة الانبار، 60 كيلومتر شمال غرب العاصمة بغداد، في عراق الحضارة والتاريخ..فهي من أقدم مدن العراق، أرضها خصبة، ومزارعها كثيرة، لأنها على ضفة نهر الفرات.
والفَلُّوجَةُ لغة: الأَرضُ المُصلَحة للزَّرع. والجمع : فلاليج. فهي تنفلج خيرا وبركة، وزرعا.
ينحدر سكانها من عشائر كبيرة، عربية مسلمة، مثل الدليم والجبور والبوعيسى…
وتسمى الفلوجة أيضا بمدينة المساجد، لكثرة مساجدها، التي ناهزت المائتين، وربما أكثر.
وكانت وما تزال مدينة العلماء والصالحين، ومجمعا لأهل الله، ومزارا للكثير من العلماء الأعلام، وملتقى للعارفين الكبار.
وفيها كانت لنا محاضرات ولقاءات ونفحات، في ضيافة السيد أبو صالح الآلوسي ورجال الله الذين معه، والمحبين المتراصين خلفه بيقين وثبات.
لأنها مدينة الراسخين والثابتين، ولها
تاريخ عظيم من المقاومة ضد كل محتل أو مفسد، فقد صدت محاولة القوات البريطانية لدخولها سنة 1941، وفعلت الأمر ذاته مع القوات الأمريكية فيما عرف بمعركة الفلوجة الأولى سنة 2004، ومنيت بهزيمة كبيرة دفعت الرئيس جورج بوش الابن للقول: «لقد واجهت قواتنا أسبوعاً قاسياً.. وأنا أصلي كل يوم من أجل أن تتراجع الخسائر..».
ودفعت المدينة أثمانا مضاعفة لذلك من تدمير الكثير من مدارسها ومستشفياتها ومساجدها وبنيتها التحتية ومنازلها وقتل عدد كبير من أهلها وسجن آخرين في سجن أبو غريب وما جرى فيه من فظاعات..
كما تم الانتقام منها بتسليط إرهاب القاعدة ثم داعش بعد عشرة أعوام من معركتها الأولى ضد الامريكان سنة 2014 والتي سيطرت عليها بالكامل، ثم حررها الأبطال مجددا.
وتبقى الفلوجة صامدة أبية، منفوحة بنفحات الصالحين، تلمس فيها بركاتهم، عابقة بالكرم والسخاء الذي تجده عند أهلها الطيبين الكرماء.
وإني أشهد عما رأيت وعاينت في مجلس علماء الرباط المحمدي، وفي شوارع الفلوجة، وما زرت من مساجدها، والتقيت من أهلها.
وإن قيام بعضهم بإلصاق اسم الفلوجة زورا على مسلسل يمثل خطوة أكبر في هتك الحرمات وإفساد القيم، وتدمير أخلاق تلاميذ تونس، والاساءة لمدارسها وأساتذتها، إن ذلك ليس سوى جزء من مخطط للهدم والتمزيق والشرذمة.
وإني نيابة عن كل تونسي حر أعتذر لأهلنا في الفلوجة، عما فعل سفهاؤنا، وأتى من لا يمثلون حتى أنفسهم.
وسوف ننتصر للوطن، قيما، وعلما، وفكرا، وإبداعا.