2 دقائق للقراءة
عندما أنزل الله سبحانه آدم من الجنة إلى الأرض، ضمن له ولذريته إرسال هداية من لدنه. وفي خضم الصراع الذي كتبه على بني آدم بفعل وجود مؤثر نفسي اجتماعي ومحفز شيطاني أعلن زعيمه أنه سيحتنك ذرية آدم ويغويهم إلا قليلا ومن المخلصين، كانت شموس الحق تسطع كل فترة وفي كل أمة وقرية، فيهدي الله من يشاء ويضل من يشاء ويرحم من يشاء ويهلك من يريد.
وفي الهداية اتخذ الله الأنبياء والرسل، وكطريقة للتواصل والخطاب كانت الكتب المنزلة هي الأكثر دواما، فالمعجزات العينية تنتهي بانتهاء حدوثها الزمني، وتكون بعدها فتنة وامتحان.
ومن الكتب التي أنزلها الله سبحانه على أنبياءه وأصحاب الرسالات، كان القرآن الكريم هو الأفضل والأعلى مقاما. ومما يتميز به إعجازه اللغوي والبنيوي والمعنوي، مع جمالية مذهلة وشساعة علمية لا يمكن أن تحيط بها عقول البشر.
ومما استخدم الله جل في علاه في كتابه العزيز الأساليب البديعية التي تضفي جمالية كبيرة، وخاصة السجع، لما يمنحه من إيقاع ومن تيسير للحفظ ونفاذ للمعنى.
وليس من الغريب أن يحتوي القرآن على خلاصة بلاغة العرب الذين استخدموا السجع قبل ذلك، ولكنه كتاب معجز رغم استخدامه للمادة اللغوية العربية في تحديه لقوم بلغوا من الفصاحة ما لم تبلغه أمة من أمم الأرض على اختلاف لغاتها. ولذلك استحال ويستحيل على أفصل الفصحاء وأبلغهم أن يأتي بسورة أو آية من القرآن. وهو التحدي المستمر الذي نزله الله في كتابه.
هنالك من تأثر بأسلوب القرآن، وبلغته وجماله، وهو أمر رائع لأن اللغة القرآنية ترقي أدب الأديب وتنمّي مهارة الكاتب، لكن لا يمكن أن يرتقي أحد إلى مثقال ذرة من القرآن العظيم.
أما الذين حاولوا تقليده من أجل ادعاء النبوة، فهم كثر أيضا، منذ مسيلمة إلى اليوم. وكذلك الذين كتبوا للحط من شأنه على أنه مجرد نقل لأساطير الأولين أو كلام الرهبان وهذا ذكره الله في كتابه ردا عليهم زمن الوحي وإلى قيام الساعة. وممن كتب في التهجم على القرآن نجد ابن الراوندي اليهودي الذي ادعى الإسلام، ونجد موجات من الثقفوت في الفترة الحديثة والمعاصرة، اتخذت سبيل التشكيك وادعاء التحليل والتفكيك والقول الممجوج الركيك، تحركهم أيد معينة بغايات محددة، ولهم اتباع وأشياع…
ولكن هذا لن يغير الحق شيئا: يبقى القرآن عظيما من لدن عظيم تنزل بملك عظيم على قلب نبي عظيم. ولا يضاهى جمالا وكمالا وجلالا وروعة خالدة. ويبقى محفوظا بعناية الله. ومحفوظا في قلوب أهل الله وأهل محبته ورضوانه وهداه.