3 دقائق للقراءة
ونحن في ذكرى يوم عظيم من أيام الله.
ليس لشيء سبق، ولا لشيء لحق، بل لأمر عظيم كان فيه.
أمر ارتجت له السماء، واهتز له العرش، وتمزق فيه قلب رسول الله وقلب فاطمته وعليّه وحسنه السبط..
يوم لا ريب أن بكاء الأنبياء فيه كان مريرا، وهم يطلعون من برزخ الأرواح عليه
ويوم لا شك أن رضوان الله وغضبه كانا فيه في واحدة من أعظم التجليات: رضوانه على الحسين مقاتلا صابرا وشهيدا محتسبا، مع صفوة إخوته وأبنائه وأبناء أخيه وأصحابه..
وغضبه على قاتليه.
في مثل هذا اليوم لن أحدثكم عن كربلاء وكر البلاء، لأن القلوب التي تحب النبي وآل بيته حقا، وتعلم مقام قوله: “الحسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا”.
هذه القلوب لا تحتاج علم الحديث ونقد المتن والجرح والتعديل لتعلم أن قصص نجاة الانبياء يوم عاشوراء والفرح به ما هي إلا من وضع بني أمية لتبرير فرحهم بمقتل الحسين والتغطية على ذلك اليوم العظيم.
أما من كان في قلوبهم هوى أموي، ولو كان مستخفيا فيها، أو تلفيق يجمع بين الفرح بنجاة موسى وادعاء الحزن على الحسين، فلن نقنعها، بل لا نريد، فلو شاء الله لكشف لهم.
إن الشتائم المقذعة والتهجم الشخصي من عدد كبير بعضهم يحمل شهادة الدكتوراة ويدعي أنه شاعر وصوفي أو يميل للتصوف، لمجرد نقد أمر ليس من ركائز الدين، بل لمجرد ذكر اسم الحسين، يكشف مقدار المرض الذي ما زال ينخر الأمة في وعيها ووجدانها، وكم هي محجوبة عن آل بيت النبي، مخذولة بذلك الحجاب.
ولكني في هذا اليوم لن اتحدث عما كان، بل عما هو كائن وسيكون: عن مدرسة نبعت من علوم آل البيت، براهينها جلية، وحججها قوية: “المدرسة البرهانية”.
فمدرسة البرهان مدرسة علم لدني خضري من معين محمدي، ومنبع قرآني.
بسطنا منها جانبا يسيرا، بالحجج والبراهين، فعرف كل أهل مجال خضنا فيه أن لنا من أمره ما ليس لهم، وأن الأمر حق وقول فصل، وما هو بالهزل.
ولا هو ادعاء وصل لمقطوع، أو عطاء لممنوع.
هذه المدرسة التي تعلم بمناهج أكاديمية، وتلقن بالموقف والمشهد دروسا لم يتوقف مددها في قلوب تلاميذنا منذ دلنا الله عليه وهدانا به إليه.
هذه المدرسة التي أطلقنا عليها لاحقا اسم “المنارة” تضم الان عشرات الآلاف من المحبين والتلاميذ المخلصين، من تخصصات كثيرة، ومجالات عديدة، وفيها من أهل العلم والفن والتصوف، وفيها أطباء ومهندسون وفيزيائيون، وفيها من أهل الإخلاص ممن عرفناهم منذ عشرين عام، وممن لم نتشرف بلقياهم بعد.
والأمر كله لله بالله، ونحن نقوم عليه لما ورثناه من صدر إلى صدر، عن آبائنا آل بيت النبي، وعن أشياخنا الصالحين.
وها نحن نمضي لمراحل جديدة أكثر تطورا في المبنى والمعنى.
بنفس ليس فيها غرور، وقلب لا يغشاه زور، وعقل يطوف في عوالم النور.
ومن رام ان يطلع فقد قدمنا ما يقارب الأربعين درسا برهانيا في علوم دقيقة كونية وكائناتية ومنطقية جمالية، ونحن بصدد علم الطب. وقدمنا أضعاف ذلك في تأملات عرفانية دينية مقاصدية، واخرى فكرية فلسفية استراتيجية استشرافية، وعدد كبير من المحاضرات والحوارات الصحفية في مجالات دقيقة تاريخية ونقدية وأمنية عسكرية، او ما كان عن المهدي والخضر وعن الامور التقنية والمخابرات الاقتصادية وغيرها، مما لا يمكن لغيرنا ان يبلغ شساعته، وأن يجمع شتاته، والتحدي قائم، والبرهان مدون صوتا وصورة، ومن رام الاطلاع على النصي منه فموقعنا عامر وما فيه غامر.
وكل مختص في أي مجال ذكرناه وبيناه، او حاضرنا فيه في الدول الكثيرة التي زرناها، او في وسائل الإعلام، يعلم إن صدق أن لنا فيه السبق ولنا من الله فيه فتح لا ريب فيه.
اما من عاند وجحد فليس يضرنا من أمره شيء ولا يعنينا من شأنه شيء.
فليأخذها من أحبنا حسنية حسينية نقية لا شوب فيها.
وليأخذها من كرهنا خضرية لدنية لا يجد في نقدها مخرم ابرة ولا ادنى من ذلك، ولا يغلب حجتها ولا يسع شساعتها ولا يستوعب شمولها ولا دقتها.
وهذا مشهد أردناه في عاشوراء جدنا وحبيبنا الحسين له تحية هو أعلم بمراميها ومقاصدها، تبلغه وتبلغ قرة عينه وعيننا الحسن وفاطمة وعلي والنبي عليهم صلاة الله وسلامه، وسائر الآل، وزينب الحسين خاصة.
مهدوية تستفتح الخير القادم، وتنصف الحق القديم.
يراها من يحبنا فتسره، ويراها أهل الغرور غرورا، وأهل الزور زورا..
ولا نبالي بهم.
وسنستمر….