2 دقائق للقراءة
من كتابنا: هكذا تكلم المعلم
المشايخ ثلاثة:
شيخ يدلّك على الله.
وشيخ يدلك عليه.
وشيخ يدلك على نفسك.
فالذي يدلك على الله ثلاثة: شيخ يدلك على الله بالله.
وشيخ يدلك على الله به.
وشيخ يدلّك على الله بنفسك.
والذي يدلك عليه اثنان:
شيخ يدلك على نفسه، ليوصلك.
وشيخ يدلك على نفسه، ليحجبك.
والذي يدلك عليك اثنان:
شيخ يدلك عليك، لتجد سر الله فيك.
وشيخ يدلك عليك، لتدل غيرك على نفسه.
فمن دلَّكَ على الله فهو شيخك.
ومن دلَّكَ على نفسه لله فهو شيخك.
ومن دلَّكَ على نفسك لتصل إلى الله فهو شيخك.
ومن دلَّكَ على نفسه ليحجبك، فهو عدو لك، وحجاب بينك وبين ربك.
يستنزف عمرك وقوتك، ويسرق جهدك وطاقتك.
كلما أحس منك بصيرة أعماها، أو رأى لك فضيلة أخفاها.
إن كنت دونه وسَدك[1]، وإن كنت أفضل منه حسدك.
فالزم عارفا يعرفك الله بالله.
بما عرف به الله، وما عرف عن الله، وما رسخ في قلبه من حب الله، وفي عقله من العلم بالله، وفي فهمه من فقه ودين وسند ونظر وتسديد، وفي روح من تهجّد وتعبّد وتوحيد.
ويعرفك على الله به. يدلك على الله حاله، ويذكرك بالله مقاله.
بفيض ما عرّفه الله على نفسه وأراه مقامه، وهدى إمامه، وختم الأمر أمامه .
إذ ترى الربانية في حاله، وتزداد في الله يقينا بصحبته. ويذكرك الله في كل نَفس وحال ومقال.
والزم عارفا بنفسك يريك اعوجاجها ليقِيمه، ومنهاجها ليُديمه، وضعفها ليجعل منه قوة، وقوتها ليجعل منها فتوة.
والشيخ الشيخ من دلك على الله، فعرفت الله، فعرفت أنه من أهل الله، فعرفت أنك من أهل الله، فسرت خلفه أو معه إلى الله، وسار بك ومعك إلى مولاه، لا يبتغي من وراء ذلك إلا وجه الله، وقد وضع خده وخدك على التراب لرسول الله، ونقش في قلبه وقلبك حب آل بيت نبي الله، وعرف مقامات الصالحين فلزم حده لم يجاوزه أو يتعدّاه، ولم يحسد أحدا من خلق الله ولا أحب إلا في الله ولا أبغض إلا في الله.
ودلك على رجال الله، وأفناك في الله، وغيّبك عن سواه.
محمدي الوسم، عَلَوي الحسم، جيلاني[2] الختم والرسم، رباني الروح والجسم.
خضري العلم والفهم، مهدوي الغاية والراية والسهم.
ناصر للحق عدو للباطل والوهم.
فإن وجدته فالزمه.
وإن لم تجد فالزم ربّه يدلك عليه، ويوصلك بلطف التيسير إليه.
ويقيمك على الأمر الذي أراد.
ومن لم يجد شيخه في مقام المريد، سيجده شيخه في مقام الـمُراد.
[1] اتخذه كالوسادة. وجعله خادما في مصالحه وعبدا تحت قدمه بما خدره به وأوهمه.
[2] لأن الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره هو قطب أولياء الله كافة. مع حفظ مقامات كل الأقطاب والصالحين.