< 1 دقيقة للقراءة
كل شيء بسيط حين تنظر في ظاهره، وكل شيء معقد حين تتوغل في أعماقه، فترى كم أن التركيب دقيق والنسيج رقيق والصغير شاسع والمحدود واسع، من أدنى وما أدنى، إلى أعلى وما أعلى، ومن أصغر وما أصغر، إلى أكبر وما أكبر، وكلما دنوت بدا لك الأصغر كونا، وكلما صعدت بدا لك الأكبر خلية صغيرة، وبين الاكوان المنطوية في الذرة وما فيها، وعوالم التشفير الجيني وما يحتويه من أكوان في خلية صغيرة في جسم، إلى أحزمة الكواكب والنجوم ودوائر المجرات وخلايا الأكوان المديدة العديدة التي تبدو من فوق كخلية صغيرة في جسم، تتعدد الاكوان يندغم بعضها في بعض صغرا يصبح كبيرا كلما اقتربت، وكبرا يصبح صغيرا كلما ابتعدت، فكيف والأبعاد كثيرة والأزمنة شتى حتى في النسيج الزمني الواحد.
إن هذا الخلق المحكم، أكوان داخل أكوان، وعوالم في جوف عوالم، لو تصورت ذلك حروفا وكلمات لكانت لغاتًا كل لغة داخل حرف أو نقطة من حرف وفي كل لغة ملايين اللغات الأخرى بما فيها من كلمات وحروف وفي كل كلمة وحرف لغة. أو لو تصورتها أعدادا لكانت الأرقام كلها في امتداداتها تنطوي فيها أرقام أخرى وعوالم لا يمكن عدّها.
وحين تدرك كنه هذه الشساعة في أبعادها كلها: المتوازي منها والمندغم والمنطوي، والذي يمضي في عوالم الأكبر أو الذي يسري في عوالم الأصغر، فسوف تشعر برهبة هذا الخلق وقوة خالقه، قوة من أوجده ونظّمه ورتّبه وجعل له هذه الخصائص، وسوف تدرك أنك كون أيضا، وفي داخلك أكوان، رغم أنك حرف في لغة لا حصر لكلماتها أو رقم في أعداد يعجز دونها الخيال.