2 دقائق للقراءة
عقد من الزمان مرّ على انطلاق أشهر ثورة في التاريخ المعاصر، ثورة الياسمين، شعلة الربيع العربي الذي غيّر العالم العربي وقلب خارطته وزلزله زلزالا جيوستراتيجيا امتدت آثاره إلى العالم كله.
ومع الثورة وبعدها تفاصيل وأحداث كثيرة، وأحلام عديدة، ومقالات وبرامج إعلامية وندوات وخطب سياسية وثوار وثوروجيون ومن وراء ذلك سمامسرة وإرهابيون وصيّادون في مياه المصالح العكرة.
من منطلق شعبي، كانت الثورة التونسية حلما بربيع تونسي وعربي، حلم الشباب الشغل والكرامة والعيش الكريم، وبالحرية والديمقراطية وزوال الديكتاتورية والإستبداد والقمع.
كانت مزيجا من الأحلام التي تحركت عفويا ظاهر الأمر دون قيادة توجهها، ولكن العين الاستراتيجية عندما تدقق وتحقق سوف تعرف أن ذلك كان مخططا له منذ سنوات، وتم تفعيله بمكر شديد.
الشباب الذي صاح من قبل: “خبز وماء وبن علي لا”، نرى آلافا منه في شواطئ إيطاليا تهتف: “خبز وماء وتونس لا”.
أجل نحن مدينون للثورة بمناخ من الحرية وجوّ من الديمقراطية، لكن الحرية عندما تكون بلا ضوابط تصبح أشد ضررا من القيود المستبدة. والديمقراطية حين تكون لعبة تكون أضرّ من الديكتاتورية.
كانت الثورة حلما شبابيا شعبيا، ولكنها لم تحقق من ذلك أي شيء، بل ساءت الأوضاع بشكل غير مسبوق منذ الاستقلال. وأرى أن ذلك يرجع لسوء الإدارة السياسية وعدم قدرة حكام تونس الجدد على الفعل الاستراتيجي والاقتصادي والاجتماعي.
هنالك من خان البلاد لا شك في ذلك، وهنالك من تسبب في كل الفوضى والتردي، وربما أنهم الذين يشير إليهم رئيس الدولة الحالي بوصف ” الخونة”. ولكني أرى أن الجرح عميق وأن البلاد تخسر كل يوم أكثر ويجب الانتباه ومعاقبة المفسدين ومحاسبة من أوصلوا البلاد إلى هذا الحضيض، وإن كان ذلك يبدو مستحيلا في الظروف الحالية.
ثورة، ولكنها ثورة مزيّفة، طالما لم تنجب ثقافة ورقيا، ولم تنتج تطورا وازدهارا، ولم يقدها الثوار الحقيقيون فكرا وعلما واستقامة ورفضا للظلم والفساد.
كثيرون سوف يغضبون من كلماتي هذه، الذين يريدونها ثورة عظيمة ولو دخلت البلاد في الاحتراب الداخلي، وأفلست مؤسساتها، وعشش فيها الإرهاب، وضربتها أنواع الأوبئة الفيروسية والنفسية والأخلاقية والسياسية، واستشرت فيها الجريمة، وتداعى الإقتصاد، وتدهور وضع المواطن في كل شيء، واشتعلت الأسعار باستمرار، وصار الحق منبوذا والباطل معبودا من دون الله.
ثورتكم جريمة في حق الوطن، ولا داعي لاسطوانة أن كل ثورة تحتاج مائة عام لتحقق غاياتها، فلقد حققت نمور آسيا ثورات اقتصادية وصناعية واجتماعية كبرى دون فوضى ولا تلاعب مخابراتي أجنبي.
نعم للثورة التي تحقق الكثير وتعطي، ولكن هل بلغ هذا الشعب والذين يحكمونه نقطة الصفر التي منها يكون البناء نحو التحقيق والعطاء.
أترك لكم حرية اختيار الاجابة.
سوسة 17-12-2020