2 دقائق للقراءة
ربّ ظانٍّ أنّي خير منه، وهو خير مني.
يرى انعكاس حسناته علي، فيظنني محسنا.
وربّ ظانّ أني شرّ الخلق، وهو مني أشر.
يراني بعين السوء الذي فيه، فلا يرى إلا ظل نفسه.
وما أنا إلا ما أظهر ربي، وما ستر عن الناس من ذنبي وعيبي.
ولست بأفضلهم، ولا بأسوئهم، ولكني عبد قليل صبر على المعاصي، قليل صبر على النوى.
لا أترك باب الله، ولا التوسل بنبيه وآله.
ولا يغادر قلبي عتبات الصالحين، ولا تغادره محبة الطيبين.
ولكني لي نفس تلبّس بها شر فرعون، ومسّها شيطان النمرود فهو لها علي عَون.
مفسدة طاغية، وظالمة باغية.
ولي شياطين لا أحصيها عددا، لا تترك نفسي الأمارة أبدا.
تزيّن لي بالهوى خُلّب الدنيا، وهواي لها أصغى. وتستفزّني بالشهوات إلى ما هو أضل وأطغى.
وتقول لي إن الردى ليس بآت، وليس للأجل من ميقات، فاغنم الحياة، واتبع الشهوات، ودع عنك عناء الصلاة، وكَبَد المناجاة.
فلو أحبك ربك ما كان هذا حالك، ولا ذاك مآلك.
فأنت نديمنا، لا خصيمنا.
ولي روح فيها من سر باريها. لا الذنب يُنسيها ولا الشيطان يُعميها.
تقول لي في مغارة الدنيا وقد أحاطت بي شياطينها، والتوت علي ثعابينها: لا تحزن إن الله معنا، وإننا مع الله.
فهل خاب من الله معه، وهل ضلّ من ناجاه فسمعه.
فلا أدري من أي شعلة تقتبس، ومن أي بركة تلتمس.
ومن أين يأتيها المدد، وكيف لم تضرها الذنوب على كثرة العدد.
وكيف لم تسمح للقلب أن يفسد وقد فسدت النفس واعتل الجسد، وأذنبت الجوارح وأتت ما فسد.
وسبحان الله كيف جعلتني في وجاء، فلم أعرف اليأس ولا لامس قلبي الحسد.
وسبحان الله كيف تجلّت علي فانطمس الغين، ونظرت العين، والتقى الحِبُّ بالحِبّ بعد النوى والبين.
ولست والله إلا قلبا كسيرا، وروحا حوت من الله سرا كبيرا.
ولئن غلبت علي نفسي كثيرا، وأتيت ظلما كثيرا، وكان ربي بي عليما خبيرا، وسميعا بصيرا.
ولا أرجو من الناس عفوا، بل أسأل عفو الله.
ولا أرجو من الناس فضلا، بل أرجو فضل الله.
ولا أدعي أني خير، لكني موقن أن ربي خير.
ولي رسول مدّ يده لخائف، نَفسُه عليّ طائف.
فتح حضنه لمضطر ومسح بكفه السوء عن مسيء. فكأن ما مسّه الضر من قبل ولا اقترف العمل الدنيء.
ولي آل بيت هم أهلي، وأنا لهم وتراب أرجلهم.
والله ما يخيب من أتى الله بجاههم، ولا من قصد بهم باب إلههم.
فهم محبوبون مرغوبون مطلوبون.
خطبتهم الحضرة، وخطبوا للحضرة. وشملتهم النظرة فوهبوا لمحبهم النظرة.
ولي من أهل الله رجال صدق وأمهات حق.
قلوب رحيمة وأنفس كريمة. شفاء النفس السقيمة. وغيث الذات العقيمة. وغياث الذي يجأرون وقد أضاعوا السبل المستقيمة.
فهم جعلوا لهذا الوضيع قيمة. وهم مسحوا عن الحقير دموع الخزي ودعوا الله فعفا عن الجريمة.
مواثيق الروح معهم قديمة. ومحبة القلب لهم سليمة. وجاههم عند الله عظيم ومنزلتهم عظيمة.
وهم المسبحون المستغفرون، المصلون على من أمه آمنة ومرضعته حليمة.
فيا لله من كبد الاشتياق، ورغبة الانعتاق.
وموت فيهم صفي حَليّ، ويا للسر الجلي، والقدر العلي.
ويا لكرامة فاطمة وعلي، منبع كل غوث ومعين كل ولي.
الله الله الله، لي الله، وحسبي الله، ولا إله إلا الله، وشفيعي وسيدي وجدي رسول الله.
سوسة، بأهل الله محروسة
13-10-2020 09:28