2 دقائق للقراءة
(من كتاب كلمات من فيض الروح)
سأمشي في طريق الحق ولو عسرَ المسيرُ، وقلّ العشيرُ، وسرتُ فردا في المدلهم الخطيرْ.
إنها أمانة العلم التي نحملها، كما يحمل السحاب الماء ليسقي به الأرض، ولو كان في مهجته الظمأ.
إنها رسالة الحق التي يحملها كل من اتصل قلبه بالحق فذاق لذته وعرف حقيقته فأكمل ما بدأ.
ومسّه في ذلك من مرار الباطل وحرب أهله ما مسّه، لكنه استمسك بالعروة الوثقى وما سكن ولا هدأْ.
قد تسألني الريح
وأنا أرفع أشرعتي للمرة الألف لأحاول عبور بحر الظلمات إلى شاطئ تسكن في الروح:
ألم تتعب من تحطّم مراكبك وتمزّق أشرعته وغرق بحارتك وجسدك المكدود المطروح.
وأجيبها: أن قدر الأمواج أن تنكسر على الشاطئ، بعد أن يراها الناس وبعد أن تعانقها الرمال.
لا أن تموت منسية في عمق المحيط، وحيدة.
وقدري أن أنهض من انكساري نحو انتصاري، وأن أخرج من رماد خطوتي القديمة نار خطوتي الجديدة.
وأن أقف مجددا بعد كل عاصفة قاصمة، وأمواج حاطمة، شديدة.
أجل، لن تقف خيلي عن جريها نحو آفاق بعيدة.
ولن تتوقف مراكبي عن محاولة العبور إلى تلك الضفاف، ولو انكسرت شهيدة.
ولن يتوقف في قلبي خفقان العشق والشوق، ولا في عقلي خفق العلم والذوق، ولن في روحي عزم الصعود إلى فوق.
وأنا كما أنا، يا عصر المعدن، يا من لكل شيء جميل سرَقْ.
لستُ كما تريد، ولستَ كما أريد، لكن علينا أن نتفق في هذا المفترق.
وعليك أن تقبل بي كما أنا: أنا التونسي الذي عشق الغرق.
أنا العربي الذي بالعشق احترق.
أنا المسلم الذي حاور كل الفِرَق.
أنا الصلد في البأساء، وقلبي في الهوى من النسيم أرق.
وأنا الذي لي في التفكّر سهد وأرق.
وأنا من أبحر في بحار العشق بزورق من ورق.
فأهلا بكل من صاحبني.
أما من حاربني. فليته لهذا الباب ما طرق.
15-09-2020