< 1 دقيقة للقراءة
يقول الحق سبحانه: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن جَاۤءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإࣲ فَتَبَیَّنُوۤا۟ أَن تُصِیبُوا۟ قَوۡمَۢا بِجَهَـٰلَةࣲ فَتُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَـٰدِمِینَ﴾ [الحجرات ٦]
هي آية يعلّم الله فيها أهل الإيمان ويُعلِمُهم عن وجود صنف بشري أفّاق مفتر، يحترف الكذب والتزوير، فاسق لا ضمير ولا دين ولا عهد ولا ميثاق له.
ولكنه يخترق صفوف المؤمنين بالدين أو قضية تنصر الدين، أو بأي أمر بناء أو مشروع إصلاح، حتى يبدو أنه منهم بل أنه المشفق عليهم والمؤيد لهم.
فإذا وجد ثغرة وتمكن، ضلل وأغوى وفتن، وأتى بنبأ ظاهره الحق وباطنه الباطل، فيمزق الصفوف، ويشتت القلوب، ويضيّع الجهود.
ولا يخلو أمر يراد به وجه الله من أمثال هؤلاء.
وعلاج أمرهم ذكره الله سبحانه وتعالى في قوله “فتبيّنوا”.
والتبيّن تثبّت ورويّة عقل، والنظر في مصادر أخرى لذلك النبأ، والتمحيص والتحليل، حتى لا تكون جهالة ولا يكون ندم ﴿أَن تُصِیبُوا۟ قَوۡمَۢا بِجَهَـٰلَةࣲ فَتُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَـٰدِمِینَ﴾.
لأن هؤلاء الفاسقين هم وقود الفتنة، والفتنة أشد من القتل وأكبر.
﴿وَٱلۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۚ﴾ [البقرة ١٩١]
﴿وَٱلۡفِتۡنَةُ أَكۡبَرُ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۗ﴾ [البقرة ٢١٧]
وهم مصادر كل إفك يصب في مصلحة العدو، وهو في الحقيقة اختبار حقيقي للمؤمنين، فيكون خيرا لهم أن يكشف المنافقين والمندسين، ويمحّص قلوب أهل اليقين.
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ جَاۤءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةࣱ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرࣰّا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۚ ﴾ [النور ١١]
إن المنهج الرباني في التعامل مع آفة الفاسقين أهل الأراجيف والادعاء منهج تبيّن وتمحيص.
وقد صدق القلب فيما سبق إذ قال لي حارسه الأمين: “إذا أتاك أمر فمحّصه، فإن كان باطلا فطنت له، وإن كان حقا فإن الحق لا يضره التمحيص”(١).
(١) من كتابي وصايا المعلم.