2 دقائق للقراءة
ذكر أحد الأحبة عن كلمة “مولى”، أن المولى هو الله عز وجل، وليس الإنسان مولى لأحد.
وهذا فهم ضمن معنى الربوبية الإلهية حصرا، لكن للألفاظ دوائر معنوية كثيرة.
صح عن رسول الله فيما بلغ التواتر أنه قال بعد حجة الوداع، في غدير خم، وهو قرب الجحفة بين مكة والمدينة: الله مولاي، وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة.
ألا من كنت مولاه، فهذا علي مولاه”.
ومعنى ذلك أن رسول الله بما أولاه ربه أحق بالمؤمنين من أنفسهم يحكم فيهم كيف يشاء، فهو القيم عليه وسيدهم.
ومن ذلك قوله سبحانه: ﴿ٱلنَّبِیُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ ﴾ [الأحزاب ٦]
وتكون ولاية الإمام علي بمعنى الوصي، والقائم مقام القيم في حياته، ثم القيم بإطلاق ما كان عليه النبي بعد وفاته أي خليفته المطلق.
ومن معاني كلمة مولى كذلك ولي الأمر والإمام والحاكم والواجبة طاعته كقوله سبحانه: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُوا۟ ٱلرَّسُولَ وَأُو۟لِی ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَـٰزَعۡتُمۡ فِی شَیۡءࣲ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۚ ذَ ٰلِكَ خَیۡرࣱ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِیلًا﴾ [النساء ٥٩]
لذلك كانوا يقولون للحاكم والخليفة والأمير والملك: مولاي.
وتعني ايضا ولي الله الذي جعل له سيادة وسلطانا وشأنا من لدنه، وهو معنى الولاية لله: ﴿هُنَالِكَ ٱلۡوَلَـٰیَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَیۡرࣱ ثَوَابࣰا وَخَیۡرٌ عُقۡبࣰا﴾ [الكهف ٤٤]
ولذلك شاع في الناس قولهم “مولاي عبد القادر الجيلاني” مثلا، ويشيع اللفظ في المغرب كقولهم “مولاي عبد السلام بن مشيش”، مولاي إبراهيم.
بل وقولهم للشريف من ذرية النبي: “مولاي”، تقديرا للدم النبوي الطاهر وإقرارا بالفضل. وكل ذلك من دائرة الولاية عموما.
وتحمل كلمة المولى أيضا معنى السيد والصاحب ورب الشأن أو الشيء.
كقول نبي الله يوسف: ﴿وَرَ ٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِی هُوَ فِی بَیۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَ ٰبَ وَقَالَتۡ هَیۡتَ لَكَۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ رَبِّیۤ أَحۡسَنَ مَثۡوَایَۖ إِنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾ [يوسف ٢٣]
اي هو سيدي ومولاي، ولا يعني: هو إلهي.
فكلمة الرب لها معان ودوائر معنوية ايضا. لذلك نقول عن الله عز وجل: رب الأرباب، اي سيد كل سيد، وصاحب كل صاحب، ومولى كل مولى.
وعرف عن العرب قولهم: مولى فلان، اي خادمه، أو مملوكه ضمن عكس المعنى.
ومنه الموالي والمماليك، وكانوا خدما زمن العباسيين، ثم سيطروا، حتى كانت لهم الدولة، كالبرامكة والزنكيين والأيوبيين.
اما في التصوف فإن كلمة مولى تعني المعلم، كقولهم “مولانا جلال الدين الرومي” لأنه معلم، وسميت طريقته لأجل ذلك بالمولوية، وإذا قيل “مولانا” عرف أن المعني هو جلال الدين الرومي.
ولكلمة “مولى” معان اخرى عديدة تتصل بمعنى السؤدد والتملك والرفعة..
أما الله سبحانه فهو المولى على معنى ألوهيته وما هو عليه من قيومية كاملة، وهو مقامه الفرد الذي ليس لغيره.