2 دقائق للقراءة
عظم الله قدر الأم، وأبان عن عظيم شرفها في كتابه، وأوصى الإنسان بوالديه ووصّاه ببرهما، فقال عز من قائل: ﴿وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ حُسۡنࣰاۖ﴾ [العنكبوت ٨].
وضمن هذه الوصية الربانية العظيمة يتم ذكر الأم وحملها ومكابدتها: ﴿وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنࣲ وَفِصَـٰلُهُۥ فِی عَامَیۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِی وَلِوَ ٰلِدَیۡكَ إِلَیَّ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [لقمان ١٤]
ومن عظيم قدر الوالدين أن جمع الله بين شكره وشكرهما. وكذا من عظيم شان الأم تبيان كيف حملت ابنها وهنا على وهن.
ثم تاتي آية عظيمة أخرى في نفس السياق مع تبيان شرف هذا المولود حين بلغ أشده وبلغ أربعين عاما: ﴿وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ إِحۡسَـٰنًاۖ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ كُرۡهࣰا وَوَضَعَتۡهُ كُرۡهࣰاۖ وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَـٰلُهُۥ ثَلَـٰثُونَ شَهۡرًاۚ حَتَّىٰۤ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَبَلَغَ أَرۡبَعِینَ سَنَةࣰ قَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِیۤ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ وَعَلَىٰ وَ ٰلِدَیَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحࣰا تَرۡضَىٰهُ وَأَصۡلِحۡ لِی فِی ذُرِّیَّتِیۤۖ إِنِّی تُبۡتُ إِلَیۡكَ وَإِنِّی مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ﴾ [الأحقاف ١٥].
هذه الآيات من وصايا الله سبحانه للإنسان ليبر بوالديه، حسنا وإحسانا، ووفاء وعرفانا.
وقد تناول كثير من المفسرين والعلماء هذه الآيات بالشرح والتفسير والتبيان، ولكني سأنظر من زاوية لم يسبق النظر منها: أليس في ذلك وصية للنبي لأنه المكلف الأول بالأوامر الربانية؟
وإن كان ذلك كذلك، هل من الإحسان والبر أن يكون النبي ناسيا لوالديه، غير بار بهما ولو بالغيب، وهو أبر خلق الله.
وكذلك قيمة الأب والأم، فأين الوصية عن والدي النبي؟
وأين مقام أمه في الحمل وهنا على وهن، وفي أن يشكر لله ولهما؟
إن هذا الرقي المعنوي القرآني، حين نمزجه برقي الذات المحمدية، وبعظيم فضل الله ورحمته، لا نرى إلا مكانة لوالدي النبي لا تضاهى، ولا نشهد إلا مكانا لأمه في قلبه لا يمكن تصوره، ولا نجد إلا براهين عظمة هذه الأم وهذا الأب.
فمن رام الزلفى من رسول الله فعليه بباب لا يرد قاصده، ولا يخيب راصده: باب أمه النقية الزكية السيدة آمنة، وأبيه الطاهر الشريف السيد عبد الله عليهما السلام والرحمة والرضوان، لأن الله اختارهما وشرفهما بأعظم أبوة، وبأشرف ولد.
فسلام على آمنة الآمنة، الكفيلة الضامنة.
وسلام على عبد الله، الخالص سره لله.
وسلام على كافليه عبد المطلب وأبي طالب.
وعلى أصوله وفروعه، سيما من رفع يده في غدير خم ونادى ذلك النداء الأبدي.
وإننا نجدد عهد البيعة لرسول الله، والولاء لنفسه وأخيه وخليفته ومن هو منه بمنزلة هارون وموسى، وللآل جميعا.