4 دقائق للقراءة
لأنه شقيق للضاد، وأخ للطاء، فهو في حيرة لأيّهما ينتمي أكثر، هل هو ضاد حملت رمحا، أم طاء وضعت ترسا، هل تلك عصى الإمكان على كتفه نقلته من الضادية إلى الظائية، أو تلك نقطة الممكن على رأسه حوّلته من طاء إلى ظاء..
بين الظاء واللغة ميثاق غليظ…حمل ثقلها على ظهره دهرا…لم يُظهر أوجاع روحه لأحد…تظاهر بالهدوء طويلا…ولأن المظاهر خادعة…فقد اتخذ خدعة المظهر كي يكظم غيظه…تمنى ان تكون كلمة الغضب ظائية لا ضادية…لأنه فعلا “غاظب”.
غضب الظاء ليست مسألة قشريّة، إنها في العمق والجوهر: لم تعد للألفاظ العربية قيمتها الأولى…ولم يأخذ أهلها من العصر إلا ما لفَظ اليم من المحار.
في قلب الظاء عواصف وأعاصير غضبى. لم يُحظ بفسحة ليرتاح…ربما هو سيء الحظ…قد كان من قبل ذا حظوة…حظيَته اللغة وحظيَها . لكنه اليوم مرمي في أدنى حظوظ الزمن الحَظول …
يمشي الظاء الحظيّا وهو يسرد لك تاريخه…منذ ظهور أول كلمة…إلى فجر الإنسانية…فصباحها…فظُهرها…فغروبها الكئيب.
حظا الظاء حتى بلغ حظيرات الكلمات المنفيّة، وحِظار اللغة المنسية، وحظائر ماشية الألفاظ…لم يكن يوما نكد الحظيرة …وكانت اللغة محظيّته…والكلمات حظايا عنده…وكان حظيّا محظوظا…لكن هجرته حظيّته …وأمسى من دون حِظاء . ولم ينل من وُدّهنّ حُظيّة …وخلف آلام نفسه بدت له حظيرة القدس ملجأ لحرف نوراني صار سجين عوالم التراب.
بين الحظيظ والحضيض …يمشي الظاء واثقا رغم كل شيء.
في أَظؤُر قصر الظاء الكثير مما يذكّره أن كانت الأمجاد ظُؤرته …وكان العز والأنفة ظئران له، حتى ظأفته الأيام ظأفا .
ليس مجد الظاء مما يزول بسهولة كطلاء الأظافر، ولا هو مما يتأتى لضعيف النظر..فانظر من حولك ترى أن خلف الظاهر المهترئ بواطن أعظم.
للظاء شعاع من سر العظيم…وله مدد من الاسم الأعظم…ومقام في الشهر المعظّم… امتزج السر بلحمه وعظمه…فاستصغر عظائم الأمور وهانت أمامه مُعظم المحن.
يمقت الظاء الظُّلم ولا يحب الظالمين، ويرى خلف ظلام البشرية ومظالم المستضعفين وأنات المظلومين ملامح فجر مخبوء في الظل…ويظلّ يناضل كي يظهر حق ويغيض باطل ويغيظ أهله.
يمشي الظاء ظمآنا في القيظ…ربما قيّظ الله له من أسعفه ببعض الماء…أو قايض ظمأه ببعض الصبر. ولعله امتشق سيف عزمه وانشد من شعر عنترة: لا تسقني ماء الحياة بذلة..
كم شرب الظاء بالعز كأس الحنظل، وبين حنظلة بن سيّار وحنظلة بن أبي عامر وحنظلة العلي…تظهر للظاء مناظر كثيرة لعظَمة النفس البشرية حين تتمظهر.
في خزانة الظاء كلمات كثيرة، لم يظفر بها إلا قليل، لأن الظّفر في ممالك الظاء ليس بالأمر الهين، كم عدد القصائد الظائية في تواريخ الشعر والشعراء…
والظاء رغم ظُلّة غيظه حرف ظريف…قد يحدثك عن قصة الجاحظ والخاتم، وقد يحكي لك عن ظهور الفنون والعلوم والمدارس والممالك والحكام…أو عن أناشيد الرحّل على ظهور الجمال…أو قرأ لك من كتاب الظرف والظرفاء ، أو المستطرف في كل فن مستظرف . وقصائد الشاب الظريف… وربما اشتكى من ظبي عذّبه لحظُه وسحره لفظُه:
بيَ ظبيُ حِمى وردٌ خدُّه صارمُ اللحظِ…. قاسٍ غَرّني منهُ رِقّةُ الخَدّ واللّفظِ
الظروف التي مرّ بها الظاء ليست سهلة، لعلّك لم تلاحظ، فأين منه حظّه القديم وحظوته. لكنّه ظلّ محافظا على ظرائفه ومواعظه. محتملا لظى الأيام وظلمها. لا ترهبه ظبظبة ولا يبدي مظهره ظبظاب قلبه وظبظان نفسه، فالظاء واعظ الحروف وحافظها، يحفظ الشعر ويحافظ على اللغة، فإن ظنّت عليه الكلمات أو ظنّ به حرف سوءا قال له: لأَتْرُكَنَّكَ تَرْكَ الظَّبْي ظِلَّهُ .
أحبها وأحبته وكانا قريبين.
الحظول: البخيل
الحظيّا: المشيء الرّويد
حظا: مشى رويدا.
حظيرات، حظائر، حِظار: جمع حظيرة.
نكد الحظيرة: قليل الخير، بخيل.
رجل حظيّ: ذو حظوة ومنزلة.
حظيّة جمع حظيّات وحظايا: المحظية: المرأة التي تُفضّل على غيرها في المحبّة.
حِظاء: جمع حظ وحظوة
الحُظيّة: تصغير الخطوة، بمعنى السهم الصغير.
حظيرة القدس: الجنة.
الحظيظ: المحظوظ
ما سفل من الأرض. بلغ الحضيض: أسفل سافلين.
أظؤر: جمع ظئر: ركن القصر.
الظؤرة: المرضعة.
الظئران: الأب والأم.
ظأفه: طرده طراد مرهقا له.
حنظلة بن أبي عامر: من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، استشهد في أحد وسماه النبي غسيل الملائكة….
كان الجاحظ واقفاً أمام بيته ، فمرت قربة امرأة حسناء فابتسمت له ، وقالت : لي إليك حاجة . فقال الجاحظ : وما حاجتك ؟ .قالت : أريدك أن تذهب معي . قال : إلى أين ؟. قالت : أتبعني دون سؤال .
فتبعها الجاحظ إلى أن وصلا إلى دكان صائغ وهناك قالت المرأة للصائغ : مثل ها ! ثم انصرفت .
عندئذ سأل الجاحظ الصائغ عن معنى ما قالته المرأة ، فقال له ! لقد أتتني المرأة بخاتم ، وطلبت مني أن أنقش عليه صورة شيطان ، فقلت لها : ما رأيت شيطانا في حياتي ، فأتت بك إلى هنا.
للوشاء
لبهاء الدين الأبشيهي
لصَفِيِّ الدينِ الحِلِّي675 – 750 هـ / 1276 – 1349 م. عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم، السنبسي الطائي.شاعر عصره، ولد ونشأ في الحلة، بين الكوفة وبغداد، واشتغل بالتجارة فكان يرحل إلى الشام ومصر وماردين وغيرها في تجارته ويعود إلى العراق.انقطع مدة إلى أصحاب ماردين فَتَقَّرب من ملوك الدولة الأرتقية ومدحهم وأجزلوا له عطاياهم. ورحل إلى القاهرة، فمدح السلطان الملك الناصر وتوفي ببغداد.
له (ديوان شعر)، و(العاطل الحالي): رسالة في الزجل والموالي، و(الأغلاطي)، معجم للأغلاط اللغوية و(درر النحور)، وهي قصائده المعروفة بالأرتقيات، و(صفوة الشعراء وخلاصة البلغاء)، و(الخدمة الجليلة)، رسالة في وصف الصيد بالبندق. – عن موقع أدب –
الظبظبة: صوت المتوعد بالشر.
الظبظاب: الوجع.
الظبظان : الألم
ظنت عليه: بخلت عليه.
لأَتْرُكَنَّكَ تَرْكَ الظَّبْي ظِلَّهُ : لا أعود إِليك ؛ لأنَّ الظَّبيَ إِذا نَفَرَ من مكان لا يعود إليه