كتاب حكايات الحروف (6): الجيم

2 دقائق للقراءة

الحب حيّره، والحنين حرّكه، والحزن صبّحه فأصبح جريحا نائحا نوح حمامة دوح كسروا جناحها بحجر، أو حرّ حاصروه فلم يجد حيلة، أو كلوح في بحر أو طريح من قرح.
حاله محير بين حسرة وفرح، محنة ومنحة، حلال وحرام، تصريح وتلميح، وحسابات كثيرة.
حسناء قلبه الحلوة أحيته وحبّها أحياها فحيّته بتفّاح محيّاها وانحنت حياء.
حسنا، ربما أني أحسنت تقديم الحاء…وهو الحرف الحيي والحي. له مع الياء حكاية. هو “حاء”، فإن ضم الياء صار “حياء”. وإن انسحبت الهمزة وحضر التاء أصبح “حياة”. أو انسحب مد الياء وحل ركب الراء صار “حيرة”. أو استقالت التاء لظروف محيرة وانسحبت نقطة من الياء أضحى “حبر”. أو عادت الباء إلى أول الحكاية وجاور الراء فكان “بحر”. أو ربما تغيب الباء أيضا وتتسلق السين مكانه ليكون “سحر”. أما إن جاء النون فسيبكي سحرة السين ويدمى قلب الحاء ليكون “نحر”. وهو حين يختلي مع الراء في مناجاة صدق يكون “حر”. أما إن استدعيا الفاء فسيولد “حرف”…وبغياب فجر الفاء وحضور بلاء الباء تولد “حرب”. أما إن أو أمسكته الراء ورمت به خلف الباء فكان “ربح”. ثم ترجع نقطة تاهت إلى الباء لتعصف “ريح”. أو تتحول الياء بسحر الحاء إلى واو فتخفق “روح”. وتصعد الواو إلى السطر لتكون ميما فيعلو “رمح”. أو تتوج الميم بنقطة لترجع فاء فنمضي إلى “رفح”.
أرأيت كم أن الحاء ساحر؟؟؟؟
أتظنني أمزح..أو أمدح..أو أمنح الحرف ما لا يستحق…إليك إذا:
الروح..من أمر ربي…ونفحات ومنح من رب الأرواح.
الريح…تغزِل وتتغزّل بالأغصان…تغدو وتروح بحريّة كأنها روح لطيف قد يشتد وقد يحتدّ.
الحريّة…حلم أو روح لحركات أرقى ومدى أرحب.
الحلم…حب وحنين وتباريح وبوح وحضن حبيب.
البحر..صفحات من ماء يبسطها المد ويطويها الجزر. والبحّار: ملاّح في ملح اليم يلوّح بالحلم ويصبح أجمل.
الصبح: شروق للأحلام يحققها الضوء…
النصح: شموس الحكمة من قلب محب ناصح.
الحكمة: بحر من حب وحياة. منحة رب الحكماء. الحكيم العدل بحكمه.
الحُكم: منحة حاكم. أو محنة محكوم. ولله الحكم.
هل أفصل من حرف الحاء…يكفيك من الحيرة أن تبصر كل حياتك وحياة الأحياء. وأن تحمد الحي القيوم. الحمد لرب أحيا. قد أحكم أقداره في اللوح المحفوظ. وأنزل قرآنا حكيما بالآي المحكم. قد جاء بنصره والفتح. قد ربح البيع صهيب. قد جعل الفوز لمن أصلح. قد أفلح من زكاها. قد أنجا حزينا من بطن الحوت. قد آتى لقمان الحكمة. قد حيّر إبراهيم حتى منحه الحجة. قد نجا لوطا ممّن موعدهم الصبح. قد منح موسى الألواح. قد ليّن لداود الحديد. قد سخّر لسليمان الريح. قد أذن لعيسى أن يحي الموتى. قد كان رحيما بحبيبه. واختاره حِبّا ومحبّا. قد منح تيجان الحاء حياء وحياة روحا ريحانا وفلاحا: لحبيب الرحمان: محمّد.

مقالات ذات صلة

طفل وصورة
كان طفلا في مدرسة لها قسمان، سورها من شجر عال متكاثف له شوك أبيض طويل. يلبس صندلا من البلاستك ذي النتوءات التي كثيرا ما...
4 دقائق للقراءة
صوت لا يخبو ونبض لا يموت
وتبقى الكلمة…موقفا وروحا ونبضا لا يموت.كثيرا ما يُظلم الشعراء، وكثيرا ما تجد القصائد الجميلة نفسها سجينة في زمن يطغى فيه الابتذال وتسيطر عليه الرداءة.وكثيرا...
< 1 دقيقة للقراءة
لقاء مع العملاق
لقاء جديد مع العملاق، صديقي الفنان الكبير لطفي بوشناق، مناضل بالفن، مناصر للقضية، موغل في حب الوطن، وفي العروبة، وفي حب فلسطين.فنان من زمن...
< 1 دقيقة للقراءة
زيتونة
اجلس تحت شجرة زيتون اتنسم نسائمها البارده واتنعم بظلها الوارف واستمع لحفيف الريح على اغصانها يعلو كانه العاصفه ثم يخفت حتى لا يكاد يسمع...
< 1 دقيقة للقراءة
رسالة إلى الذين يعرفون أنفسهم
واجهت في حياتي أعداء كثرا.واجهتهم يافعا موهوبا، فكرهوه حسدا.وشابا قويا طموحا، فازدادوا كمدا.وأواجههم اليوم وقد بلغتُ أشدِّي، فلم يفز منهم أحد علي أبدا.صحيح أن...
2 دقائق للقراءة
في فلسفة الوجع
حياتنا قصة مكتوبة في لوح القدر، ونحن نقرؤها بتنفيذ ما فيها، ونتكشف كل يوم ورقة من ورقاتها، فصلا من فصولها، حدثا من احداثها…ونبقى في...
2 دقائق للقراءة
تحية لتلاميذي
تلاميذي هم أبنائي، نمور علمتهم ودربتهم ومنحتهم ثمار عذابات عمري وخلاصة شقاء سنوات التدريب القاسي والبلاء المر.وفي مدرستي يكون التعليم في الحال والمقال، في...
< 1 دقيقة للقراءة
في معنى كلمة مولى
ذكر أحد الأحبة عن كلمة “مولى”، أن المولى هو الله عز وجل، وليس الإنسان مولى لأحد.وهذا فهم ضمن معنى الربوبية الإلهية حصرا، لكن للألفاظ...
2 دقائق للقراءة
استقلال وشعر
الشعر استقلال للغة، وتحرر للمعاني، وتحرير للصور من استعمار النمط وسيطرة القوالب.وعبث جميل بحجارة الأفكار، وطيران باجنحة الخيال في آفاق الممكن والمستحيل.وبين العشرين واليوم...
< 1 دقيقة للقراءة
يابا العمدة
منذ الصبا كنت اتابع واحب المسلسلات المصرية، وكنت مغرما باللهجة الصعيدية، وبمشاهد بقيت راسخة في ذهني.ومن الشخصيات التي كنت احبها شخصية “العمدة”، ومشهد الغفير...
< 1 دقيقة للقراءة