2 دقائق للقراءة
يرفض الحياد ولا يحب الحدّة ويعشق الحداء ولا يعترف بالحدود ويلتزم دائما بالموعد.
يحب الصيد ويكره الصد ويبني السد ويجلب السعد ويبحث عن السعادة…ولكم تعزّل بذات دلال…
يحزن من العدو والعداء والعداوة والاعتداء، وينفتح مع الوجود ويتالم مع الوجد ويأخذ من قوة الحديد شدة ويضحك كلما اختال حرف الراء أو العين في اسم عنترة ويضرب على صدره ويقول: ابن شداد.
حرف الدال حرف جميل. ولقد كان سعيدا جدا حين التقى الراء والباء. رب، مهيمن قدير رحيم. ثم جاء إلى الكلمة فكوّن الدرب، لكأن الدرب حقيقة هو ما أوصل إلى الرب. أو تعانقه تاء التأنيث لتكون الدربة. خبرة وممارسة وتمرّس. ولربما تفاءل صاحبنا بكونه مكوّن أساسي وأول في كلمات دالة على ركائز هامة: دهر..وما للدهر من إيغال وعمق وألغاز.
دنيا: وما للدنيا من قصص وحكايات وعجائب وغرائب. أبد وأمد وسرمد وسؤدد وسيادة وحتى السواد. كل هذا يحتاج إليه: الدال الموقّر.
إنه حرف جميل بحق، يتباهى أمام بقية الحروف. لكنه يخفي وجعه حين تضطره اللغة ليكون في الدمع والدم والوداع. ويبكي كثيرا كلما ذكر مأساته الاولى. فقد كان الحق جميلا نقيا. حتى جذبت قوة اللغة الدال إليه. فتكوّن الحقد واتشح بالسواد وأمطرا دمعا ودما. وكان الحس رقيقا راقيا حتى التصق الدال به فتشكّل الحسد والدمار والشر الكامل. وهو أيضا متناقض للغاية، أول الدواء وأول الداء أيضا. فتلازما به فكان لكل داء دواء. إلا الحماقة طبعا. وهو في يوم الأحد يتربص بكل من يشكك في قيمته.
الدال يتألم من أمور كثيرة تعكر صفوه، ربما أن السادية توجع قلبه، والسوداوية والفساد. لكنّه فخور جدا حين يتباهى حرف آخر أمامه. يكفيه من الفخر أنه أول الدين وآخر الحمد. وأنه في العبادة والقيادة والريادة والدعاء والدعوة. وجوهري في أسماء كثيرة لله منها الحميد ومنها الأحد والصمد. كما أنه في اسم يحبه الله وكل أهل الله، وبه يفخر حرف الدال ويتباهى، ألا يكفي أنه في تكوين اسم: محمد.