5 دقائق للقراءة
هذه الكلمة بثت في صعيد عرفة في يوم عرفة، عام (1428هـ 2007م ) القاها السيد عبد القادر الالوسي رئيس مجلس الرباط المحمدي وكانت أول كلمة بثت هناك، أعلن فيها عن مشروع (الاسلام المحمدي) ونشر معالمه بين الناس، تم خلالها الدعوة الى وحدة المسلمين تحت خيمة النبي صلى الله عليه واله وسلم الجامعة، وترك الخلافات ونشر العدل والسلام والتسامح، ونبذ الطائفية، وحقن الدماء، أعيد القاؤها عام (1437هـ) على صعيد عرفة من قبل الشيخ محمد نوري نائب رئيس المجلس ، واليكم هذه الكلمة:
“الحمدُ لله ربِ العالمين والبيتِ الحرام, والصفا والمروةِ وزمزمَ والمقام, والحجرِ الشاهدِ يومَ الزحام, وعرفةَ الشامخِ بين الأعلام.
والصلاةُ والسلامُ على سيدِ الأنامِ, ومصباحِ الظلامِ, سaيدنا وحبيبنا محمدٍ الذي بعثَهُ اللهُ بالإسلام , لهدايةِ الإنسانيةِ وإشاعةِ السلام, وإطفاءِ نارِ الفتنِ وتوحيدِ الكلام, وعلى آلهِ الطاهرين الكرام, بقيةِ المصطفى وشموسِ الأيام، ورضي اللهُ عن صحابتهِ الفِخام، أما بعد:
فيا أيها الناسُ، قالَ اللهُ تعالى ربُكم وخالِقُكم ومولاكُم وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ واعلموا أن اللهَ تعالى هيأ لتحقيقِ وعدهِ من الذين آمنوا وعملوا الصالحات أناساً محمديين بهم يتحققُ وعدُ اللهِ هم أهلٌ للاستخلافِ وأهلٌ للتمكين ، حيثُ هداهم مولاهم لصراطهِ المستقيم، ودينهِ القويم، فهم أهلُ التوحيدِ الأعظمِ، عرفوا مولاهم فأمنوا به ووحدوه، وعرفوا إنعامَه، فأحبوه وعبدوه، وعرفوا مقامَ الرسلِ، والأنبياءِ، فأعطوا كلَّ ذي حقٍ حقَهُ من التعزيرِ والتوقيرِ، وقدموا حبيبَ مولاهم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لتقديمِ الله، فأخلصوا له المحبةَ والإتباعَ، ومشوا على طريقِ شرعتهِ، وعرفوا مقامَ أهلِ بيتِ رسولِ اللهِ ومكانتِهم في أمته، وحقَ هذا المقام من التوقيرِ والاحترامِ، فكان ولائهم للهِ ورسولهِ وأهلِ بيتهِ ركنَ إيمانهم ، فهم حربٌ على من حاربَهم وسلمٌ لمن سالمَهم ، وعرفوا سابقةَ صحابةِ رسولِ اللهِ وعطاءَهم في سبيل الله فجعلوهم القدوةَ في التضحية والفداء، وللسابقِ منهم الفضلَ على اللاحق، وإدخالُ من ليسَ منهم فيهم ظلمٌ لهم واعتداء، أعلنَ اللهُ للسابقِ منهمُ الفضلَ ونفى الاستواء، فرضي اللهُ عنهم لما بذلوا في سبيلهِ، وأجزلَ لهم العطاء.
أيها الناسُ، كونوا محمديين تؤمنوا، وكونوا محمديين تَسلموا، وكونوا محمديين تَسعدوا في الدنيا والآخرة، إذ لا يكونُ المحمديُ محمدياً حتى يدعَ هواهُ لهوى مولاه، ويحيدَ عن طريقِ الشيطانِ إلى طريقِ الله.
المحمديونَ هم أهلُ القرآنِ وأهلُ اللهِ، فابحثوا عنهم واصحبوهم وانشروا الهدى والنورَ معهم، فهم الصادقونَ الذين أمرَكُم اللهُ بالكينونةِ معهم، حيثُ قالَ:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ إذ لا يكونَ المحمديُ محمدياً حتى يكونَ صادقاً مع ربهِ، أميناً على مُلكِ سيدهِ، قويماً في دينهِ، ثابتاً في عقيدتهِ، لا يجرفهُ السيلُ، وليسَ في قلبهِ لغير اللهِ ميلٌ، هو في فقههِ وتعبدهِ يتبعِ ما نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وما طابقَهُ ووافقَهُ ولم يُعارضهُ من السنة، لا يفارقُ بيتَ نبيهِ، يميلُ إلى الحقِ أينَ كانَ، فهو في الوقتِ الذي يعرفُ قدرَ أهلِ العلمِ والفقهِ والاجتهادِ ويثمنُ ما قدموهُ للأمةِ من خيرٍ وعلمٍ لا يقدمُ آراءَهم على هدي رسولِ اللهِ، ولا يتعصبُ لمذهبٍ دونَ مذهبٍ آخر، فليسَ المحمديُ إلا خيمةً لجميعِ المذاهبِ، ولا يكونَ المحمديُ طائفياً ولا ينبغي له أن يكون، بل هو جامعٌ لشتاتِ الأمة، باعثٌ فيها المحبةَ والرحمةَ، فيا أيها الناسُ كونوا محمديين تُفلحوا، وتتوحدوا فتهابَكم أعداؤُكم ويحترمَكُم خصومُكم، فما بُنيت أمةٌ بشحناءَ ولا أقيمت حضارةٌ بِفُرقَةٍ.
فلقد سنَ اللهُ لكم الاجتماعَ في صلاتِكم وصومِكم؛ ووقوفُكم في عرفات على اختلافِ ألسنتِكم وألوانِكم وطوائِفِكم ومذاهبِكم دليلُ إرادةِ اللهِ ورغبتهِ في توحيدِ صفِكم وكلمتِكم، يا أيها الناسُ اعلموا ما أرادَ اللهُ أن تعلموا في يومِكم هذا وعامِكم هذا أنَ اللهَ لم يدع أمةَ حبيبهِ المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خاليةً من رجالٍ ونساءٍ على الحق ظاهرين ظهوراً بخفاء، وخفاءاً بظهور، لكنَّهم اليومَ يُعلنونَ ولادةَ عصرِهم عصرَ الإِستخلافِ والتمكينِ، عصرَ وحدةِ المسلمينَ المحمديين، ظهورَ الظهور وخفاءَ الخفاء، وهم يدعونَكُم للحاقِ بركبِ أهلِ اللهِ والدخولِ في خيمةِ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والصعودِ في سفينةِ أهلِ بيتهِ الطاهرين، فهلموا يا من تطلبون النجاةَ لتنشروا المحبةَ والسلامَ، والعدلَ والوئامَ، فستشرقُ شمسُ مجدِكُم فها هو فجرُها يعلنُ ذلك.
فيا عبادَ الله هذا سبيلُ اللهِ فاتبعوه ولا تغرنكم الدنيا واحذروا فتنَها ودجالَها، فهذا أوانُ الدجالِ ليزاحمَ الهدايةَ والنورَ وهل غلبت الظلمةُ يوماً نوراً؟، فأعلنوا يا عبادَ اللهِ بوجهِ أعداءِ اللهِ شعاراً جديداً تختارونَ فيه جانبَ مولاكُم، وطريقَ هداكُم قائلين:
( اللهُ أحبُّ وأكرم، اللهُ أحبُّ وأكرم )
قارعوا بهذا الشعارَ كلَّ نفسٍ أمارةٍ، وشيطانٍ غويٍ ودجالٍ عنيدٍ، فاللهُ أحبُّ إلينا من أيّ انتماءٍ لا يوصلُ إليه، ومن أي مذهبٍ يُبغضُ إلينا أهلَ الإيمانِ ومن أيّ طائفةٍ تُبعِدُ عنّا أهلَ الاسلام.
( نعم … نعم … اللهُ أحبُّ وأكرم )
فإذا صرتُم محمديين بانتمائِكم لرسولِ اللهِ فستَسعونَ عبادَ اللهِ بانشراحِ صِدُورِكُم وبشاشَةِ وجوهِكُم وهو الدليلُ على سِعةِ أحلامِكُم وقوةِ أفهامِكُم، فاجمعوا عبادَ اللهِ ولا تفرقوهم، وسامحوهم ولا تُخاصموهم وتلطفوا بهم ولا تؤذوهم مسترشدين بتوجيه نبيكم.
(( يسروا ولا تُعسروا وبشروا ولا تُنفروا ))
فانتم أمةُ نبي الرحمةِ والرأفةِ، وأنتم أمةُ السماحةِ والسلامِ، لا تُهينوا لهم علماً ولا تَسفكوا لهم دماً، أعينوا ضعيفَهم، ومدوا يدَ الغوثِ لمحتاجِهم، فلقد حرمَ اللهُ على لسانِ رسولهِ مثلَ يومِكُم هذا دمَ الإنسانِ ومالَه وعرضَه فقالَ:
(( إن دماءَكُم وأموالَكُم وأعراضَكُم عليكم حرامٌ كحرمةِ يومِكم هذا في شهرِكم هذا في بلدِكم هذا )).
فانشروا رحمةَ رسولِ اللهِ وهديهِ، وأعطوا الصورةَ الناصعةَ لدينهِ، لا تشوهوا صورةَ الإسلام بغلظتِكم وشدتِكم على عبادِ الله، واعلموا أنَ اللهَ غنيٌ عن العالمين، يا أيها الناسُ ويا أيتها الأرواحُ الطاهرةُ في كل مكانٍ، اعلموا أنَ يومَكم هذا في عامِكم هذا يُبشرُ بفجرٍ جديدٍ، وعهدٍ للحقِ أكيد، اختارَه الله لأهلِ طاعتِه ومحبتهِ فاستبشروا وبشروا الناسَ إذا رجعتم في بلاد الله أينَ كانوا، وادعوهم لما دعوتُكُم إليه، فتشوا في بلادِكم عن المحمديين عن أهلِ الحقِ تعرفوهم، فمن جدَّ وجد، وهم كلُّ تقيٍ ورعٍ رَجّاعٍ للحقِ من أين خرج، عالمٍ بعيوبٍ فرقت كلمةَ أمتِنا على ممرِ التأريخِ، عارفاً علاجَها، داعياً لوحدتِها، مُحذراً من فُرقَتِها، غيرَ منحاز لفئةٍ غيرِ فئةِ المؤمنينَ، داعياً لها غيرَ مانعٍ غيرَه من الدخولِ فيها، محباً للمؤمنين مشفقاً على عبادِ اللهِ اجمعين.
فانحازوا لهؤلاءِ واجعلوا أيديَكُم بأيديهم، وإياكم والدنيا فإنها كشفت عن عوراتِها لتستميلَكُم، وإياكم وكلَّ دجالٍ عنيد، فإِنَهُ ما من هدىً إلا والدجالُ يُحاربُهُ فاستعينوا باللهِ، وتوكلوا على الله، وانحازوا للهِ، وَعَوُّلِوا على اللهِ، آواكُم اللهُ، نصرَكُم اللهُ، رَحِمَكُم اللهُ، اللهم صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلى آلِ سيدِنا محمدٍ واكتب الفرجَ لأمتِه، اللهم سدد خطاهم، وأهد ضالَهم، وأظهر حقَهم، وأعلن خلاصَهم، وأنجز وعدَكَ لهم، يا أكرمَ الاكرمين.
( اللهم صلِّ وسلم على سيدِنا وحبيبِنا محمدٍ وعلى آلِ سيدِنا محمدٍ إمامِ أنبيائِك وسيدِ أصفيائِك صلاةً بها هزيمةُ أعدائِه وأعدائِك ) “
هذه الصلوات مما فتح الله بها على كاتبها حيث جاءت بعدد حروف اسم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، (92 ) فيحبذ أن تقرأ بهذا العدد أو مضاعفاته.
(هذه الكلمة بثت في صعيد عرفة في يوم عرفة في: 9 / ذي الحجة / 1428 الموافق 8/12/2007 ).
(السيد محمدي أبو صالح عبد القادر بهجت الحسني الالوسي)