2 دقائق للقراءة
كنت مسلما….
ليس لشيء إلا لأن ابي مسلم…وولدت في مجتمع مسلم…
كنت مسلما….
لم افكر كثيرا…بل مشيت حيث القوم مشوا…ووقفت حيث وقفوا..صلوا فصليت…وصاموا فَصُمت…
كنت مسلما…
ثم دخلت الجامعة…قرأت كتب السيرة…والحديث…ومهما كان المحتوى…كنت أصدّقه…لانه من الاسلام…ولأني مسلم.
رايت فسوقا كثيرا في اكثر من مكان…وكان كل صاحب بلوى ومفسدة يردد انه مسلم…وان الاسلام يكون مع كل تلك المعاصي…فالله غفور…وفي النهاية سنصبح عجائز ونتوب ولو رغما عنا…اما الشباب…فهو فرصة…فصلّ العشاء…وافعل ما تشاء…او لا تصل اصلا…
كنت مسلما …
وقرات الفلسفة…وناقشت الملاحدة…والمشككين…والذين يكرهون الاسلام…وآخرون ينكرون السنة…وناقشوني كثيرا…وجعلوني اقرأ وأقرأ واقرا…لهم ولسواهم…وأراجع التاريخ وكتب الموروث او مصادرها الاساسية.
كنت مسلما: إمّعة…
ثم صرت مسلما مستهجنا لحال الذين يفسدون ويقولون انهم مسلمون..
صرت مسلما يجادل الملاحدة وغيرهم…
ثم التقيت الفكر الوهابي ذات كتاب…
وقبل ذلك التقيت التصوف ذات حال…
وقرأت لأهل الصوفية كثيرا، وللسلفية كثيرا …
بعد سنوات طويلة من السفر في ارض الله…من البحث والحوار مع الكثير من اهل المذاهب والديانات والافكار المختلفة…
صرت مسلما…
لكن برؤية نقدية في التاريخ والحاضر…تميز الغث من السمين…والصدق من الكذب. برؤية تكشف ما خفي في احابيل التاريخ وطيات الكتب…رؤية تدرك ما هو موضوع وما هو اصلي.
صرت مسلما..
لا يتبع اهل التكفير…ولا ينغلق على مذهب وطائفة…وليس بالمتصوف الامّعة…ولا المسلم الامّعة..بل صوفي ألمعي…ومسلم يعي.
صرت مسلما…
ليس وراثة بل بعد تدبر وتساؤل ونظر ثبت به عندي ان الاسلام حق…وانه بريء من كثير ممن يدعون انهم مسلمون على مر تاريخه.
صرت اعرف كيف اجادل التكفيري واناقش الملحد بعلم من كتبه لا من كتب توافقني..وصرت ادرك قيمة الاسلام الحق…
كنت مسلما وراثيا…صرت مسلما محمديا…يريد معين الأصل…كنوز الجوهر…لا وهم القشور.
صرت مسلما…
يريد وراثة محمدية ربانية حقيقية، لا ميراث القدامي بكل ما فيه من حق وباطل، دون مجرد سؤال أو غربلة.
لكن: حين كنت مسلما بالوراثة دون معرفة وسؤال…كنت فخورا جدا بجهلي…سعيدا بكم الاوهام التي اراها من صميم الدين.
واليوم وانا مسلم محمدي…فقد انفطر قلبي حزنا…التاريخ كسر ظهر روحي….الفتنة ارهقتني… كربلاء مزقتني.. الدول والممالك وتصارعاتها وكم قتلوا فيها من عالم بريء ومسكين لا ذنب له ملأت كبدي حرقا…
وكأني أنظر إلى المدينة في وقعة الحرة، وإلى الكعبة يدكها منجانيق الحجاج، وإلى أشلاء آل الحسن في فخ، وإلى الدم الذي غلب على ماء دجلة يوم دخل المغول.
وكثير من الوضع في الكتب والاحاديث والتواريخ خنق عقلي واعتصر فكري…
كثير مما يتفطن له الباحث الذي يفتح الله له او عليه…
كثير من السم المزروع في جسد الامة…والذي لن تنهض ما دام ساريا فيها.
كثير من الحواجز التي وضعوها لتحول بين المسلمين وقسم مهم من جوهر دينهم…
من السدود التي بناها أبالسة بني آدم وعبيد السياسة والملك كي يمنعوا نور القرآن وسره وعبق معانيه ما استطاعوا…بتفسيرات سقيمة…وتحريفات عقيمة…
كل ذلك جعلني مسلما حزينا…حزينا جدا…
لكني رغم ما سلف مؤمن…وأشهد لله ولرسوله…وأسعى للدفاع عن ديني وخدمته بما آتاني ربي، وأنتظر الصبح القريب، انتظار الموقنين…
19/08/2018 21:07