5 دقائق للقراءة
تغنى الكثيرون بالحضارة ورقيها الحالي، وجعلها المتحمسون لها أقوى وأعظم الحضارات على مر التاريخ. وبلغ ببعض الملاحدة أن قالوا: “إن العلم اليوم أثبت أن الإله ليس سوى سد للثغرات، التي سيكشفها العلم تباعا، حتى يثبت أنه ما من إله”.
وبلغ التحضر ذروته في السماح لامرأة في الغرب المتحضر بالزواج من كلبها، وكذلك كان لرئيس وزراء اللوكسمبورغ السبق في خطوة حضارية أثنى عليها الكثير من زعماء العالم: زواجه من صديقه، ووقوف الأخير مع نساء الرؤساء في اجتماعات الاتحاد الاوروبي. ولعلها كانت القاضية.
لقد بلغ الغرور ذروته، والصلف قمته، بل لم يكن فرعون الأول أمام فراعنة هذا الزمن سوى غلام أمام أسياده، ولم يكن قوم لوط غير قرية أو قريتين ليس لهم سوى ناد للمنكر، أما اليوم فقوم لوط الجدد لديهم مئات آلاف النوادي والمحافل والأفلام والكتب والمنظرين، وغير ذلك من المظالم والمفاسد…
كل هذا تحت الرقابة الدقيقة للعوالم العلوية، وتحت نظر الذي لا تخفى عنه خافية.
لقد تأملت هذه المسائل طويلا وغصت في كتاب الله منذ عشرين عام، ولم أبلغ إلا قطرة من بحار شاسعة. ومنذ عامين بدأت نشر مقالاتي من كتاب “فاعتبروا” وبينت فيه أن عقاب الامم السابقة سيتكرر بشكل أشد لتكرر كل رذائلهم بشكل أشد. وأن قصص القرآن ليس مجرد سرد للماضي بل وصف لما سيكون. وغيرها من أمور حتى بلغت مسألة نيبيرو وحتمية العذاب.
وها نحن نشاهد عالما قد افترسه الفزع، فخوت مدنه، وهوت حصانته، وسقط غروره، وبان زيف حضارته، وانكشف ضعفه، امام أصغر جندي، وأقل عذاب.
ولو أنك تقوم بتأمل في الحجم بين فيروس كورونا وبين كوكب أكبر من المشتري “نيبيرو” سوف ترى مسافة الرعب والخوف القادم للبشرية التي جحدت ربها. ولا ينجو من ذلك إلا من رحمه الله وشملته شفاعة حبيبه.
هذا الكلام ليس ضربا من الهذيان ولا ركوبا على موجة الاحداث، راجعوا مقالاتي منذ عامين (فاعتبروا)، وكذلك مقالات متباعدة قبل ذلك بسنوات، بل لقد خصصت فصلا للعذاب القادم وحتميته في موسوعة البرهان التي شرعت في تأليفها أواخر سنة 2006. وكانت سنة 2023 هي السنة المتوقعة لظهور العذاب بشكل قوي وظهور تحول في مسار التاريخ البشري، كما ذكرت فيها زيف هذه الحضارة وضعفها وعدم قدرتها على الصمود أمام أي هجوم قادم. ومن قرؤوا البرهان يشهدون، والموسوعة مطبوعة لدي في نسخ وزعتها بشكل محدود.
وليس هذا الكلام من باب التبجح، بل من باب اليقين: إن تتبع الآيات القرآنية بدقة، وتحطيم الكثير من الاوهام التي وقع فيها المفسرون أو الفهم المحدود لديهم، وإطلاق ذلك نحو معان أشمل وأدق وتتعلق بالواقع والمستقبل البشري، سيقود إلى حتمية دمار هذه الحضارة بشكل كلي، وإلى حتمية نفاذ وعد الله وتحقق أمره فيهم بشكل أقوى وأقسى مما حصل لكل الامم السابقة. لأن عجرفة وفجور وظلم وبغي وطغيان وفساد أهل هذا الزمان أشد وأكبر.
ومع رجائي للإنسانية الخيرة وعموم بني آدم بالنجاة والسلامة إذ لا نريد ولا نرجو لهم سوى ذلك، فإن لدي يقينا أن الظالمين والجاحدين سيعاقبون عقابا أليما.
لسنا في مقام تفصيل في الآيات ومعانيها، إذ يمكن الرجوع إلى مقالاتي السابقة على موقعي. وما أود الإشارة إليه يتلخص في الآتي:
*كورونا ليس سوى ضربة بيولوجية ضمن حرب عالمية ثالثة بدأت فعليا مع عمليات 11 سبتمبر. وهو مؤامرة يقودها أبالسة البشر، بإملاء وكيد رباني متين.
*هذا الوباء عقاب إلهي لا شك فيه. ومن لا يستطيع رؤية الغضب الالهي حتى في إغلاق كل مكان للعبادة وصولا إلى الطواف وباب السلام، فهو أعمى القلب أو لديه خلل في النظر: الغضب ظاهر. يكفي أطفال اليمن والعراق والشام وما ابتلوا به من قتل ومرض والعالم يشاهد وبعض دوله تدعم وتتكسب من وراء ذلك. أو صورة زوجة رئيس وزراء اللوكسمبورغ وهو يبتسم بين نساء الرؤساء، لتنطلق صواريخ العذاب الرباني.
*إذا ما قمنا بقياس للسنة الربانية بين فرعون موسى وفرعون هذه الحضارة التي طغت أكثر من عاد وثمود، فستكون الآيات طباقا: تسع آيات من العذاب، يكون كورونا أولها، ونيبيرو آخرها، وبينهما آيات أخر في تطور للحجم والخطورة. وكلها مذكورة في القرآن الكريم، من بينها ما تم ذكره تحت إشارة “إن نشأ”. مثل خسف جانب البر، وإرسال حاصب من السماء (نيازك وكويكبات تم تصوير وضبط بعضها يقينا من وكالات الفضاء العالمية وهم يكذبون على العالم ويخفون ذلك).
*وإذا كانت السنن واحدة، وكان كورونا أول الآيات، فهي سبع كسبع يوسف، عجاف من الفزع والخوف، في كل عام آية أو أكثر، وبعدها يأتي عام فيه خروج غوث، وفيه يغاث الناس، ولقيام العام قائم من عند الله، بشّر به رسول الله.
*الفعل الحقيقي لله، وهو يجري بعضه على أيدي خلقه: فشر كورونا أجراه الله على أخبث خلقه. ونحن نرجو بعد ذلك أن يجري الله خيرا عظيما على يد خير خلقه من أهل الأرض اليوم، وبقيته في أرضه، لأن ذلك وعد أيضا. فالوعد لبني إسرائيل بالافساد مرتين فيه دخول المسجد وانتصار أهل الحق، وكذلك وراثة الارض للصالحين. وكل هذا آيات في القرآن الكريم. وهذا لا يتم دون قيادة ربانية يفرضها الله فرضا.
هذا المقال مجرد نافذة، وليس هناك مجال للإطالة، وليس غايته استعراض معرفة، بل تقديم نفحات لأهل الذكر، لمن له قلب، وألقى السمع وهو شهيد. لأن فيما يجري من حولنا عبرة كبرى. فمن فهم ووعى، ثم سجد لله متضرعا، فله من الله الأمن. ومن له من الله الأمن، سينجو لا محالة. إذ المقام مقام نوح وهو ينظر إلى الطوفان: “لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ (هود 43)”
إنه مشهد رهيب مهيب لمن آمن وفهم عن الله. ومع زوال هذا الفيروس في لحظة ما فيما سيأتي من حدثان الزمن، سيرجع فسدة البشر إلى عماهم وغرورهم، ويقول فرعونهم مرة أخرى: أنا ربكم الأعلى. ثم تأتي الآية تلو الآية وهم يكذِبون ويبررون أن ذلك من فعل الطبيعة والمصادفة. حتى يظهر من عند الله برهان لا يدحضه إنسان.
وحينها طوبى لمن آمن، وويل لمن جحد.
وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)”(الرعد).
“إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)”(الشعراء).
“وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)”(هود).
“وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ۖ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا (67) أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ۙ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69)”(الإسراء)
“وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ۗ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8) (هود)
” إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ (16) “(الدخان).
سوسة 18/03/2020 21:59