3 دقائق للقراءة
تصاب الدول والمجتمعات بالأمراض والعلل كالإنسان تماما، كما تزدهر وتعالج، أو تمرض أكثر وتكون مرتعا للفساد وبؤرة للوباء، وكما قال ابن خلدون: كل أمة تحمل بذور هلاكها. وما أسرع ما يسري الهلاك إلى الأمم، وما أسرع ما تنهار الحضارات، خاصة إذا توفرت أسباب ذلك وتظافرت، والقارئ لتاريخ تونس (كتاب الاتحاف مثلا) يجد الكثير من الفترات التي تفشت فيها الأوبئة وسرى الهلاك إلى أفريقية فمات ثلث الشعب مرة من المجاعة لتناحر شقيقين على حكم البلاد، أو انتشر القتل والسفك والاجرام لضعف الباي وقلة حيلته، وأعقب ذلك ثورات كثيرة كثورة علي بن غذاهم بسبب الجبايات المجحفة وتشرذم اللصوص في مواضع الحكم ينهبون أموال الناس متواطئين مع بعض السفارات التي كانت ناشطة حينها في تونس، ليعقب ذلك احتلالها بالكامل بعد نهب خزانتها كلها، وغير ذلك كثير، مما يجده القارئ المتمعن لما دوَّنه ابن أبي الضياف في كتابه.
وليس ما يجري في تونس اليوم بالأمر الغريب أو المفاجئ، بل هو حلقة من مسلسل مرير ومستمر من سيء إلى ما هو أسوأ، وفق معطيات الواقع الحكومي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
لنراجع قليلا ونرجع إلى ما بعد “الثورة”:
*تعيينات بمئات الآلاف أثقلت كاهل الدولة وأدت إلى إفلاس أغلب المؤسسات التابعة لها إن لم تكن كلها.
*مليارات تم إنفاقها على التعويضات وجماعة العفو التشريعي.
*اللصوص القدامى تحالفوا مع اللصوص الجدد: مزيد من العصابات، تجارة بالمخدرات والأسلحة والبشر، أموال قذرة وإرهاب.
*سوء تقدير أو تواطؤ وخيانة: أدت إلى تحويل تونس إلى بؤرة للإرهاب العالمي والمافيا، وصنفت كأول مصدر للإرهاب في العالم.
*ضربات ارهابية عنيفة دمرت السياحة وخلخلت الاقتصاد.
*حكومات فاشلة متعاقبة، سياسات عمياء، وغياب للعلاج الحقيقي.
*تردي على جميع المستويات، فتح المجال لتيارات التعهير والشذوذ والانحلال التي سيطرت على جزء كبير من المشهد الاعلامي وتوغلت في المجتمع بضراوة.
*اقتصاد مرتهن للبنك الدولي، إملاءات وشروط مجحفة.
*اقتصاد موازي أقوى أكثر فأكثر بنسبة تجاوزت الستين بالمئة.