2 دقائق للقراءة
هل للفلسفة مستقبل في هذا العالم “الغثائي” الذي يمضي في نسق سريع نحو أقصى درجات ذكاء الآلة وأقصى درجات الغباء البشري، في تفاعل بينهما، يأنسن الشيء، ويشيّء الإنسان.
إن فعل التفلسف والتأمل والنظر العميق إلى الأشياء يواجه أمواجا من العقم والسطحية.
وإن الذوقية الإنسانية بكل عمقها وجماليتها تجتاحها جيوش الرداءة التي ترتدي بهرج الزينة المزيفة.
هل للفلاسفة أمجاد قادمة يلتف حولهم فيها المحبون للفكر والمغرمون بالمعنى وعشاق الذوق وطلاب الحكمة. ونرى لها أروقة كتلك التي كانت في بلاد الإغريق والاسكندرية وفي معابد الهند والصين القديمة. أم أن ذلك حلم يتبخر سريعا كأحلام المساكين وهو يرى دجاجلة اللامعنى يجمعون حولهم عميان العقول والقلوب. وينشرون سمهم في كل مكان حتى لا يكون للحكمة وجود ولا للحقيقة معنى. فقط قوالب بشرية محنطة تتشابه في كل شيء، تستهلك كل شيء، تتلاعب بها شركات كبرى للدواء والغذاء والمشروبات والملابس والاعلام وحتى السياسة. وكل شيء سريع الاستهلاك سريع النسيان.
إن الفلسفة ذاكرة، حالة تذكر للأصل الإنساني الراقي. وهي على ذلك سؤال لا ينتظر جوابا ولا يقبل بسجن الأجوبة، وحيرة شغوفة بالمعرفة.
ولكن العالم اليوم مليء ببشر بلا ذاكرة، أو لهم ذاكرة سمكة: تنسى الموجة التي مضت ولا تهتم بالموجة القادمة. ولا تذكر حتى من تكون. ومن حولها شباك كثيرة لصيادين ماكرين.
كيف يمكن لأشجار الفلسفة أن تنمو وتتحول إلى غابة فكر تضرب بجذورها وتشمخ بجذعها وتتناغم أغصانها في رقصة نحو السماء، وسموم الواقع تقتل المعاني التي كنا نلمسها بأيدينا ونراها من حولها. تقتل الأخلاق والقيم. تنشر أجنحة العقم الفكري والزيف في كل مكان: إلحادا وشذوذا وتطرفا وعنفا وغباء….
ألا ينبغي قيام تيار فلسفي اجتماعي معرفي (بروح كونفشيوس ورقي أفلاطون وقوة نيتشة وعقلانية ابن رشد وروحانية ابن عربي) يقاوم بشراسة كل هذه الفوضى؟
أم سوف تتجرع الفلسفة سم سقراط في هدوء، ذات السم الذي تجرعه حنبعل العظيم ذات هزيمة خانه فيها أبناء بلده.
إنها هزيمة الانسان إذا، وليست هزيمة الفلسفة وحدها.
سوسة 16/12/2019 19:44
# المفكر مازن الشريف، فكر، فلسفة، واقع