3 دقائق للقراءة
الوصيّة الستون بعد المائة
في البدء يكون جهلا، ثم يصبح عنادا، ثم يتحوّل إلى طغيان. فليس الطغيان سوى عناد جاهل، لأنه لو علم لما عاند، ولو خضع للحق لما طغى. فاحذر الجهل فهو أول الفتنة، واحذر العناد فهو باب الفُتون. واعلم أنك بتواضع العلماء أولى، وبخضوع العارفين أعلى، وبطاعة المؤمنين أعز وأغلى.
الوصيّة الحادية والستّون بعد المائة
من أراد أن يلقى الخير فليصلّ على نبيّ الخير، وليكن حاله كحال الأرض حين يأتيها الغمام، فإن حسن الظن يقرّب المنّ، وإن فأل الخير مستهل الخير، وإن ربكم ربّ طيّب يحب كل فأل طيّب. فكونوا على العهد ثابتين، وبنبي الرحمة موصولين، فإن من وُصل وَصل، ومن وصَل شرب، ومن شرب فلن يظمأ أبدا. الله الله في مرتشف العطف ومعين الرأفة واللطف، ويا لجمال الوصال بعد طول امتحال.
الوصيّة الثانية والستّون بعد المائة
قد حكم الله بما ارتضاه، وأصدر حكمه وقضاه، وقدرّ أمره وأمضاه، وليس الأمر بسعي تسعاه، أو أمر ترعاه، بل الأمر بما أراد لك الله، وما حكم للعبد مولاه.
الوصيّة الثالثة والستّون بعد المائة
لا تقولن إلا حقا، ولا تنطقن إلا صدقا، ودقق اللفظ وحسّن الكلمة: فإن الكلمة تختزل صاحبها.
الوصيّة الرابعة والستّون بعد المائة
ليس ذو النون وحده من التقمه الحوت، فكل غافل له حوت وكل مذنب وغارق في هوى النفس وظلمات الفتنة….فسبّح تسبيح يونس أو لن ترى للخروج سبيلا ولا للنجاة طريقا…فان خرجت من بطن حوت الظلمة والغفلة والذنوب الى رحمة النور والمعرفة والتوبة…فذلك فوز عظيم.
الوصيّة الخامسة والستّون بعد المائة
إن واتتك الرحمة وأتتك النعمة فالزم الذل للمنعم وأسأل سؤال مفتقر محتاج مُعدم لا يقوى دون منحة من يمنح ويُعطي…وليكن سؤالك لدوام الحال وعدم انقطاعه وقرب العطاء وعدم امتناعه، لأن من جرب ثم انقطع أو مُنح ثم مُنع أو دخل ديوان احباب الله ثم حيل بينه وبينهم كان في بلاء وشقاء لا يناظره شقاء.
من جرب قرب الله ثم يرضى بُعده؟
من جرّب أن يكون في الصالحين ثم يقبل أن يُطرد؟
من جرّب أن يكون له من الله كرامة ثم يرتضي أن يسقط في أسفل سافلين؟
إن شقاء إبليس بهجر الله له وسقوطه من علياء القرب إلى منزلة الابالسة أعظم عليه من شقائه بنار جهنم.
الوصيّة السادسة والستّون بعد المائة
أفرغ قلبك من الناس، واملأه برب الناس.
الوصيّة السابعة والستّون بعد المائة
إن كنت باذل معروف وفاعل خير فاحذر أن تستكثر ما فعلت، فقد فعل الله بك من الخير أكثر مما فعلت للناس، أو أن تنتظر جزاء من الناس، فالناس ينسون، ولا ينساك ربّ الناس.
الوصيّة الثامنة والستّون بعد المائة
إذا ما الحضرة طلبتك وجدتك، وإن قصدتك رصدتك، وإذا أرادتك نالتك، وليس المريد كالمراد، ولا القاصد كالمقصود، ولا الطالب كالمطلوب، ولا الراغب كالمرغوب، ولا الخاطب كالمخطوب، ولا المحب كالمحبوب.
….
قال: أي إذا أرادتك الحضرة الإلهية وطلبتك ورغبت فيك فقد تحقق ذلك، فإن الله سبحانه متى أراد عبدا كان له على ما أراد فهو مُراد قبل أن يكون مريدا، وهو مرغوب قبل أن يكون راغبا، وذلك السر، فليس من خطبته الحضرة كم خطب الحضرة، وليس من كان محبا كمن كان محبوبا. فتلك حظوة خاصة وذلك حظ عظيم، واختصاص من كريم رحيم “وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)”.
الوصيّة التاسعة والستّون بعد المائة
تأدب في الحضرة، تغنم النظرة، وكن لها، تكن بها.
……
ذلك أن على خاطب الحضرة وطالب النظرة، حسن الأدب، لأن الأدب يرفع صاحبه، ويُجلي حقيقة روحه وسجيّة نفسه وحسن خُلقه، ومن فقد الأدب، فقد قُطع و ما انتسب.
فمن كان للحضرة كان بالحضرة، ومن تحقّق بالنظرة حقق بالنظرة.