2 دقائق للقراءة
تقوم الفنون الحربية القتالية على أسس ثلاث:
علم الحركة / علم الجمال / الروحانيات.
1/ علم الحركة: علم الحركة هو الأساس الحركي التقني الجسدي للفن الحربي القتالي، إنه المستوى الأولي، فأنت تتعلم الحركة، ثم ترتقي نحو الجمال، ثم تصل إلى الروحانيات، وهنا تتصل بالأرواح القتالية مثل النمر والتنين، فهي أرواح حقيقة لا خيال، وتقليدها دون الوصول إليها مجرد تهريج، وهنا يكون العلم الحركي وفنه بوابة نحو الجمال، والجمال بوابة نحو الروحانيات، وهي مستويات تتطلب جهدا وبحثا وتعمقا، ولقد جعلت الفن والعم الحركي ضمن الترتيب الثالث لأن على المتعلم أن يفهم منذ البداية أن الجمال أساس وأن الروح غاية، لا أن يعلم ذلك في النهاية، ففي الناهية يصل، ومن لم يوجّه منذ البدء ضل السبيل وسيطرت عليه الظلمة أو سقط في مطبات الشرير، فيكون الغرور ويكون السأم، ويكون التكرار ويكون الاهتمام الزائد بالعضلات حتى يكون المتدرب مجرد هيكل شأنه شأن عارضة الأزياء، أو يكون التركيز الزائف على كسب البطولات، لأن من لم يكسب بطولة الانتصار على نفسه وهزم شيطانه الخاص فلن تنفعه ميداليات الكون، وحين يحقق ذلك فله أن يفعل ما يحب، أن يكن بطلا حيث أراد، في حلبة المصارعة، في حلبة الحياة، أو في حلبة الآخرة.
علم الحركة علم أولي، هو التمشي الضروري لكل متعلم ومتدرب، فالحركة هي بوابة التكييف الجسماني والتدريب العضلي والتمرين الباطني، الجمال مرحلة نفسية، والروحانيات مرحلة بدنية روحية عميقة وساحرة.
علم الحركة فن وعلم في آن، ويتطلب عزيمة، مداومة وتمرسا وجهدا ووقتا مخصصا، أن تخصص من حياتك زمنا للتمرين، ومكانا محددا، هو معبدك الخاص، إنه ضدٌّ للخمول والكسل، وترياق للملل والأرق والقلق.
علم الحركة علم متشعب، ولكنه يقوم على أسس: التفكيك / التكرار / التركيب / الأداء.
*التفكيك: هو أن كل مجموعة حركات تتكون من حركات مفردة، وعليه فلابد من فهم كل حركة بمفردها فهما جيدا والتدرب على ذلك وتطويع العضلات وترويض الذهن والنفس.
*التكرار: الفن الحربي القتالي ضمن مراحله التعلمية الحركية يقوم على أسس عددية، تكرار معين لكل حركة أو سلسلة من الحركات بنسق منظم مضبوط وصارم.
*التركيب: مرحلي، وهو أنك في كل مرحلة تتمكن من إتقان مجموعة حركات متآلفة منسجمة فتقوم بتركيبها ضمن نسق محدد، وهو أساس الكاتا في الكاراتي وما ماثلها في الفنون التي تعتمد ذلك النظام الحركي، أو أي مجموعة حركات دفاعية.
*الأداء: هنا تدخل الذات وروح المقاتل، فلكلٍّ أداء خاص لأي حركة، وعليه أن يجد بصمته الخاصة وأن يوجد أداءه المميز لأي حركة مفككة أو مجموعة مركبة، إنه شبيه باللغة وعلمها وفنها، أن تتعلم الكلمات كلمة كلمة، ثم تقوم بتركيبها في جمل، ثم يأتي دور موهبتك في نسج تلك الكلمات والجمل قصائد وأدبا، فالموهبة هي سر الأداء، وهنا تدخل الروحانيات لإضفاء قيمة للحركة وقوة ومعنى، وتدخل الجماليات لإضفاء روح فنية وقيمة إبداعية ورونق خاص، الفن الحربي القتالي والفن الإبداعي اللغوي والموسيقي وأي مجال فني بينهما تآلف تام، لذلك كان أكبر المعلمون والمحاربون فنانون وشعراء وأدباء مبدعون، لأن كل ذلك ينبع من مشكاة واحدة تلامس الجمال والروح وتنهل من معين الحكمة.