2 دقائق للقراءة
لماذا وُجد العلم في حقيقته وجوهره، وإلى أين يصل عند اكتماله؟ ومن أين جاء ومن علّمه لمن علمه ومن ألهمه له أو يسر السبل إليه بمشيئته؟
للإجابة عن هذا الأسئلة الجوهرية في العلم، من خلال التأمل في كتاب الله، فإني أدعوك لتتأمل معي هذه الآيات كبداية:
” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)”
هذه الآيات هي أول ما نزل من القرآن الكريم، وهو ما أؤمن به وأرتضيه رغم وجود من يقول غير ذلك، ومن يصل حد إنكار قصة الغار أصلا…مدعيا إعمال العقل!!!
آيات أولى…أول كلمة هي “اقرأ”..والقراءة فهم ونظر ووعي ودراسة وتدبر..هي كل ذلك…فإن قيلت لأميّ لا يقرأ..فهي حين توجه لمن يتبعه ممن يقرأ وممن عليه أن يقرأ، فتعني اقرأ وابحث وتدبر واعتبر وافهم وأبدع…فهو مطلب رباني منذ أول كلمة..فكيف يصبح المتدبر بعد ذلك مصدر خطر وفتنة وبدع!! إلا أن يكون من السلف حسب ظن بعضهم..وما هو إلا افتراء وكلام يراد به تحجير العقول المتدبرة القارئة كي لا تكتشف ما لا يبغون لها أن تكتشف من شأن من دسوا وحرفوا وباعوا ضمائرهم للشيطان وعقولهم لحاكم وسلطان…
القراءة التي طُلبت من النبي الأمي…قراءة مشروطة وليست مطلقة..محددة بآلية القراءة ووسيلتها..وهي اسم الله: ” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ”…واسم الله محدد بخاصيات تبين من هو الله سبحانه: “الَّذِي خَلَقَ” على المطلق..فهو بيان عاما لقدرة الله وحقيقة كونه الخالق لكل شيء…
ثم يخصص: “خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) ”
حقيقة ثانية مخصصة للإنسان، والنبي طبعا إنسان ورسالته موجهة لنبي الإنسان أساسا لأنه منهم ثم للثقل الثاني (الجن)….والخلق من علق حقيقة علمية لم تتأكد إلا بعد أكثر من ألف سنة وقرون أُخر من نزول الآية…
وبعد الخلق يرجع إلى الرب الذي سيقرأ باسمه: “اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)”
تأكيد على القراءة…فهو الأكرم..الكريم المتجاوز لجهل العباد..والأكثر كرما وتكرّما وإكراما…وكرامة أيضا..وهو يكرم من شاء ..فهل كرم أعظم من النبوة؟؟
ثم يقول: “الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)”
هو تعليم بالمطلق…لمعّلم غير مبيّن..وهنا وسيلة الله في التعليم..والقلم في فهمنا البشري أداة كتابة..وربما كان المعني أمرا آخر…يتجاوز فهمنا المحدد له..ولست هنا كمخاطب بالقرآن بحكم إيماني به مطالبا بالبحث عن معنى القلم ضمن مستواه الرباني لأنني لن أفهم بحكم أن ما يعنيني هو القلم كوسيلة علم وكتابة..ولكن قلم الله في قلب نبيه قلم آخر حتما،.لأنه لم يعلمه الكتابة والقراءة من ورق…بل علمه وحيا من لدنه…وعلما يقرؤه من صدره لا من سطور الصحف..
ثم يبين حقيقة علمية أخص: “عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)”
لأنه صاحب العلم الكامل الكلي..فقد علم هذا الإنسان المخلوق من عدم ما لم يعلم..