2 دقائق للقراءة
الحسبان إذا حسابات دقيقة لنظام مملكة الله، سابعُ الأسس وأدقُّها وأشملُها وفق رؤيتي لها، وهو لله مطلقا، وموزع بين الخلق بنسب، فحسبان جبرائيل غير حسبان بشري ما، وضمنه حسبان ما كان وحسبان ما يكون وهو الأقدار المحتومة والمقضية المختومة، وكل ذلك في علم الله وفي كتاب لله نجهل حقيقة معناه تعقلا ونؤمن به قلبا ونصدقه إيمانا…
وإنك إن أردت تبين عجزك جاز لي أن أسألك سؤالا تردد في خاطري ذات لحظة تأمل وصفاء: ما عدد النجوم في السماء؟؟..وما عدد الأشجار في الأرض؟؟..وما عدد الذرات في جسدك؟؟؟
فان جهلت عدد نجوم سماء أنت تحتها، وأشجار أرض أنت فيها، وذرات جسد هي فيك، فاعلم حدود علمك ونسبة فهمك، وانظر عبر ذلك إلى عظمة ربك وقدرته سبحانه، وعظيم علمه ودقة حسبانه، ظاهرا عددا، وباطنا لمن سبّح وسجد، وغيره ممن لا يخطر في البال…
الحسبان نظام عظيم ضمن نظام الملكوت الرباني، حامل في اعتقادي للرقم سبعة الذي لديه من الأسرار ما يذهل له المتدبر فيه، وهو في نظري تقدير النظام، حساباته كلها وإحصاءاته وما فيه من دقائق وضوابط وأعداد وغير ذلك….وفي الحسبان آيات بينات وبراهين وحجج وتأملات تبنى عليها الكتب والأسفار وتطول في فيها الرحلات والأسفار…
” إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)”
وإن من أسس الإيمان ومن أعظم تجليات الحسبان في الخلق: يوم القيامة، حيث يتجلى الحسبان الرباني ويكون حساب ومحاسبة المكلفين بدقة وهيمنة تثبت لهم أن الله كان يحسب ويستنسخ كل عمل لهم فيعذب من شاء ويرحم من شاء، فذلك يوم القيامة، يوم الحساب: “هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53)”
وهنا سياقات لآيات كثيرة عن الحسبان الرباني يوم القيامة، وعن كتاب الحسبان، كتاب لله أحصى فيه كل شيء، بدقة لا يمكن تصورها، فتأمل قوله سبحانه وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)”
فذلك ما على كل إنسان تذكره دائما..فيحاسب نفسه أولا.. أو ستكون نفسه عليه حسيبا يوم الفصل فلا يجد محيصا: ومنه ما يكون من شان المحاسب يوم القيامة: “اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)”
وتجد ختاما وجها للحسبان وهو الوعي بقدر الحسيب فيحتسب المرء ويكتفي بربه سندا ومؤيدا، حتى إن حاول أعداء الله ورسوله الخديعة والمكر: “وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)”
فذلك أمر عظيم لنبي كريم من رب حكيم، ختاما للحسبان وذاك مختتم خير لكل قلب سليم.