2 دقائق للقراءة
*علم الربط الرباني: وأعني به الروابط الإلهية الخفية والظاهرة بين كل ما بينت آنفا، وبين ما يمكن لك أن تتصور وما لا يمكن لك أن تتصور، في سياقات القدر والقدرة والحكمة الربانية، ما ستحار فيه حين تنظر في حياتك وروابطها العجيبة، وكيف التقيت من التقيت به، وكيف تفارق شخصا سنينا ثم فجأة يخطر ببالك لتجد نفسك تلاقيه، وارتباط ذلك بالروح وعلوم الباراسيكولوجيا والتخاطر وحكمة المقادير، وكذلك الترابط بين ما كرهت فكان فيه خير وما أحببت فكان فيه شر، وهو أمر كثير الحدوث في حياة الإنسان: “وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)”
والحكمة من ذلك، ضمن ما أسميه ” علم الربط المحكم”.
*علم الربط المحكم: فرع من علم الربط الرباني، وهو علم أراه متصلا بين علم الربط وعلم الحكمة وعلم المنطق، فما الحكمة والمنطق إلا نظما من الروابط، والربط الحكيم ربط منطقي بحكمة ربانية، وقد لا يرى فيه الإنسان منطقا في البداية فيكره الأحسن ويحب الأسوأ، وذلك اختلاف بين ما أسميه
المنطق الإنساني المحدود (غير المنطق النسبي) وما أسميته “المنطق الرباني المطلق”، وسأعود للتفصيل في علم المنطق.
وهذا القسم من علم الربط مرتبط أيضا بقوله سبحانه: “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) ”
ففي إطار علم الربط، فإن قوله سبحانه: “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) ”
أرى من خلاله الترابط المحكم والحكيم بين التقوى وهي جوهر مهم جدا أتكلم عنها في علم الفقه كشرط من شروطه، وهي جوهر التطبيق الفعلي للإيمان الفعلي، والمخرج الإلهي الذي جعله للمتقين، وهنا ربط رباني بين كل ذلك بشكل يجهله الإنسان حتى يحدث معه، ويبقى محاطا بالغموض، فالربط الحكيم لا يحيط به بشكل كامل إلا العزيز الحكيم.
وقوله جل من قائل:” وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) ”
فأرى من خلاله ضمن إطار الربط وعلمه أن كل الأرزاق محسوبة مترابطة، رزق هذا عند هذا، ورزق هؤلاء حيث لا يعلمون، والله يقلب الأيام بين الأمم وبين الناس ويداولها بقوة وحكمة رخاء وشدة ومنحة ومحنة: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)”
ضمن ربط قوي محكم حكيم، وغاية هي التي تفصل وتربط بين كل العابرين لهذه الحياة، فإما مؤمنون وشهداء، وإما ظالمون وأشقياء، وتلك حكمة عظيمة لتداول الأيام.
والله سبحانه أيضا يحرك الأرزاق والمرزوقين ويدفع الناس ببعضهم ببعض في ترابط حكيم وربط محكم عظيم، وهو دفع لديه أوجه في المجتمع والسياسة والحكم والاقتصاد خاصة (علم أرجع إليه ضمن نظر قرآني فيه):”وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)”
هذا الدفع وهذه المداولة ضمن ربط محكم مسطر مقدر.
**
البقرة، الطلاق، الطلاق، الطلاق، آل عمران