2 دقائق للقراءة
أما في مجال المجتمع فإن القوانين مؤطرة للشأن الاجتماعي عبر الدين أو العرف أو نظام الحكم أو بقهر الحاكم والغالب أو عبر الاتفاق والالتزام، وكذلك الأمر في الشأن السياسي وكل ما يتعلق بالدولة ونظام الحكم وبتمفصلات ذلك عبر نظم مجتمعية واجتماعية كثيرة من القبيلة إلى الدولة حيث يكون القانون الوضعي المتفق عليه بالاقتراح والتصويت أو بالاستفتاء حتى يكون دستورا جامعا للقوانين المنظمة والملزمة للجميع. وحين يقع اختراق القانون وعدم احترامه يكون الأمر نكالا ووبالا ومفسدة عظيمة، لذلك يُدعا دائما إلى احترام وتطبيق القانون.
فالقانون على غاية القيمة، لأنه يحفظ النظام ويمنح كل فرد حقه ويحدد له واجبه ويضبط له أطر وجوده صلب الدولة والمجتمع.
والقانون فوق ذلك، فللقانون أطر كثيرة لا تحصى، فهو نظام محكم شامل، للناموس قانونه التي تحوي قوانين في كل قانون فرعي قوانين تتفرع منه وعنه وفيه وقواعد وضوابط وحدود ونظم، وللملكوت والكون والمجرّة والذرّة والطبيعة وما تخللها وتجاوزها وما فوقها وللعوالم والأبعاد والكائنات وما في الكائنات أيضا نظم وقوانين صارمة… ولعلّي مسافر بك عبر كتاب الله في جملة من تلك القوانين، ولن يكون السفر إلا اختزالا، ومجالا للتأمل، على ما يفرضه علم القانون وتشعّبه القرآني والمخلوقاتي والكوني والنظامي من اعتراف مسبق بالعجز عن الإحاطة وبتواضع الجهد وكثرة المسائل التي يمكن الخوض فيها، وهو حكم يصلح للكتاب كله (البرهان)، ولكافة مواضيعه ومباحثه ما قرأت منها فيما سبق، أو ما ستقرأ فيما سيأتي بيانه وتبيانه، بل هو حكم صدقيّ الدلالة لكل من رام الغوص في بحار القرآن العظيم، والتأمل في ملكوت القادر الكريم. ولكن حسب المرء ما مكّن له الله سبحانه وما شرح له صدره وفتح به على قلبه وعقله وبصره وبصيرته، فإن ذلك فضل من الله ورحمة عظيمة. وكذا شأن رحمته سبحانه بأهل مودّته، وأكرم بربهم راحما، وبسيّدهم مرحوما:
” إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87)”