12 دقائق للقراءة
بيان لكل من يحبنا في الله، محبة عن بيّنة وبصيرة ومعرفة، وليس هوى نفس ولا ميل تعصب، فإن ذلك أضر من كراهية العدو المبغض.
ولكل من يكرهنا مهما كان سبب كرهه لنا، والذي يعود في أساسه إلى انعكاس ما في باطنه على مرآتنا فيرانا بما يرى به نفسه، فالحقير يتهمنا بما فيه والكذاب يرمينا بما هو عليه، والحاسد يقول أننا نحسده. وثمة من لا بصيرة لهم ينقادون منخدعين ويتبعون كالعميان، وفي بعضهم أمل لإبصار بعد عَمهٍ ورشاد بعد زيغ.
وإلى الجالسين على الربوة أيضا، يشاهدون كلٌّ من موضع فكره ومصدر إحجامه أو تردده أو خشيته.
الحمد لله الذي بعث نبيه بالحق، فاتبعه من أهل الحق من رضي الله عنهم، واختار له من أهل صفوته أعوانا، وجعل آله بيته الطيبين تاجا على رأس كل مسلم، لا يجحد بذلك إلا منافق ظاهر النفاق، ثم جعلنا على نهج درسناه جيدا وحققناه مليّا، وقرأنا عنه وكتبنا، ودافعنا حين خاف الأكثرون والتبس الأمر على كثير من الناس، وشهد لنا بذلك أهل الفضل، فلا يشهد بالفضل إلا أهله، ولا ينكره إلا أبعد البشر عنه، وأدناهم لكل نقيصة، وأطوعهم لكل دجّال مُضل، وحسود عُتلّ، وفاسق أفّاق، ودعيّ أفّاك.
ولسنا في ذلك نخفي عكس ما نظهر، ولا نتّقي من الخلق أحدا خشية بطش أو ريب قلب، فإننا أهل يقين في الله، وتوكل على الله، لم نرهب حين حاول من حاول النيل منا فخيّب الله سعيه، ولم نساوم حين ساوَمَنا المرجفون فيما نحن فيه من موافقنا منهم وكشْفِنا لحقائقهم وتبياننا لدقائقهم.
ونحن على هذا العهد مع الله ومع أنفسنا: نقول للصالح ما هو أهله، ونقول للمرجف والدجال ما هو أهله.
وليس هذا خطّ قلم دون شاهد واقع، بل الشواهد عليه لا تُحصى، فلم نقف في وجه بني وهبان وشرّهم المستطير تعصّبا ضدّهم ولا تعصّبا مع أهل التصوف. ولم ندافع عن أهل التصوف عن عمى قلب وجهل عقل وغفلة وفساد منهج. بل الأمر عن حكمة وتدقيق ومعرفة وتحقيق. وكنا أول من وقف، وأشرس من دافع، في الاعلام والمحاضرات والندوات، مع ما حبانا به مولانا من رحابة علم لم تكن رغم طول المسيرة وكثرة الكد والقراءة إلا نفحة من لدنه وفضلا، وفيضا من محبة رسول الله وآل بيته وصحابته والصالحين، وذودنا عنهم.
وليعلم المرجفون الأفاقون أني لست أجابههم فردا ولا أقاتلهم مفردا، فقد علم من كان قبلهم أن معنا قهر الجبروت وعظمة اللاهوت الذي يسند به البارئ سبحانه إلا من أحبهم، وأخلصوا له المحبة، وهو الذي يدافع عن الذين آمنوا، ومعنا الحضرة المحمدية وبركات الآل وروحانية أهل الله ومددهم، وهم بقدرة ربهم وجاه نبيهم أصحاب المدد الذي لا يُحد ولا يُضد ولا يُصد ولا يُرد، ولا يُغلب بكثرة العدد.
ومن سمع مقالنا عرف ذلك، ومن رآنا بقلب المحب رأى ذلك، أما الصُّمُّ البكم العمي الذين لا يرجعون، فلن يزيدهم ذلك إلا خبالا، ولن ينعكس نور ذلك على قلوبهم إلا مقتا وحقدا وحسدا وفحشا.
نعم، يمكن لكل حقير وضيع أن يسبّنا بما شاء، وأن يكتب عنا من الإفك والكذب ما سولت له به نفسه السقيمة وذاته اللئيمة وأفكاره العقيمة.
ويمكن لكل كلب نابح أو غراب ناعق أن يقول أن جدي يهودي، وأنا الشريف لقبا ونسبا من أبي وجدي إلى جد جدي إلى أجدادهم إلى رسول الله، يعرفه أهل الأنساب ويراه أهل الكشف في وجهي وكلامي وذاتي وكل حرف أنطقه وشعر أقوله جليا ظاهرا.
ويمكن أن يقول أي دعيِّ أثيم أنه من نسب آل بيت النبوة، وكل حرف يقوله يقطر سما وحقدا على آل البيت وعلى من يحب آل البيت ويوالي آل البيت، بل لسانه لاهج بعشق أعدائهم يدعو الله أن يكون تحت لواء من قاتلهم وقتلهم.
ويمكن أن يدعي التصوف من هو وهابي القلب والقالب، واللفظ والمقال، ليكون دليلا على نوع جديد صنعوه في غفلة، ليدمر التصوف من الداخل، ودعموه وساندوه، وجلي أن ترى مساندة بني وهبان لهم في أسلوب الشتم والتكفير والتحريض والدعوة للقتل بحجة تطهير البلاد منّا لأننا أعداء لاهل السنة بزعمهم، ويخرج أذنابهم يسالون: ماذا تقول في الصحابة، وفي زوجات النبي؟ وكأنها محاكم التفتيش، وهم يتجاهلون أني من دوّن ميثاق علماء تونس الذي أردنا من ورائه مع من دوّنه معنا وأعاننا على إيصاله لعلماء الزيتونة الكرام خدمة مدرستنا الزيتونية السنية.
يمكن لكل ذلك أن يحصل، ولكن الثابت اليقيني والظاهر الأجلى والغالب الأعلى: أن الحق منتصر على الباطل، وأن الباطل مدموغ زاهق، وأن نفَسَ الحق طويل، وحبل الباطل قصير، وأن كل قناع مهما أتقن صاحبه صنعه سيسقط، وكل دجّال سينكشف، وأن دعوة أهل الله جميعا على من يكذب عليهم، وأن دعوتهم مع من ينصرهم حقا، وأن لعنة الله على الكاذبين والأفاقين، وهو العليم الخبير.
لست وحدي في هذا، وأهل الفضل والخير معي، من قرأت عقولهم بحكمة، وتدبرت قلوبهم بمحبة، ولا يخلو منهم زمان ولا مكان ولا قوم ولا طائفة ولا مذهب، وهم من نريد أن نكون معهم في مسيرة التنوير والتفكير وحربنا على التزوير والتكفير. أما زبد الحاقدين فسيذهب جفاء.
وأما المواقف فالرجال مواقف، وأرجو أن يقرأ من أراد مسيرة الشيخ عبد العزيز الثعالبي العالم الزيتوني والمناضل الكبير: أين درّس في العراق ستة أعوام (جامعة آل البيت في الكاظمية ببغداد)، وكان أصدقاؤه الزهاوي وغيره من كبار أدباء العراق على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم وأديانهم.
ومن صلى به في القدس وبالشيخ المجاهد أمين الحسيني وإمام الأزهر رشيد رضا والأمير سعد الدين حفيد الأمير عبد القادر الجزائري ومحمد إقبال وأربعين من قادة العالم الإسلامي سنة 1929 في مؤتمر العالم الاسلامي الأول الذي كان شعاره “القدس تناديكم”، (صلى بهم عبد الحسين كاشف الغطاء المرجع النجفي الجعفري)، فهل كانوا حينها فاسقين ومارقين وخارجين عن مذهب اهل السنة، ام قادة عرفوا ان قوة الامة في وحدة كلمتها والقرب بين كل من تجمعهم كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، والوقوف في وجه كل متطرف أيا كان مذهبه. مع يقينهم أن العدو الحقيقي هو العدو الصهيوني المغتصب للأرض، وأن التمزق الطائفي لن يزيد الأمة إلا ضعفا.
فهل كان الثعالبي إذا سيقف في حرب تموز مع الجيش الصهيوني أم مع المقاومة اللبنانية؟
وهل كان سيقف مع سوريا حرة مستقلة وعراق حر مستقل ويمن حر مستقل، أم مع مترزقة داعش الوهابية ؟
وهل كان سيقف مع وحدة تراب تلك الدول على اختلاف نسيجها الاجتماعي والطائفي والمذهبي، أم مع الحرب الطائفية المذهبية اللعينة؟
ولينظر ذو لب في كلام أهل التصوف وأئمته: هل فيهم من كان ينطق بالتكفير، ويدعو للقتل، ويوالي من يكره آل البيت ومن قتل الصوفية ومن خرّب الزوايا وفجّر المقامات؟
وهل منهم من كان لعّانا أفّاقا كذّابا؟
وهم اهل الأدب وأهل المحبة والرحمة والسلام.
وإن محبتي لأولياء الله لا تخفى، وانتمائي للتصوف لا يمكن حجبه وإنكاره، واعتزازي بمدرستي الزيتونية ورجالها لا يجحد به إلا كذاب أشر، فاسألوا من وقف للوهابي في قصر قرطاج وقد جمعوا له ما جمعوا وقال له “أنا صوفي وأعتز بذلك”، وأثبت بهتانه وكذبه.
واسألوا من وقف مادّا يديه بالدعاء في مقام أبي سعيد الباجي يوم أحرق الأوغاد مقامه وظهر ذلك في اخبار القناة الوطنية وهو حينها مسؤول بمؤسسة عمومية واستقال إثر ذلك.
وليسأل من أراد عمن تعرض للتهديد بالقتل بل لمحاولات حفظه الله منها، ولحملات التشهير والسب ونشروا عنه ما نشروا في الجرائد بهتانا هذا يقول: مدير الموساد بتونس، وذاك يقول: مخابرات كذا، وآخر يدعي ما يدعي، وكيف خرج وهابي حقير آخر يقول ان درّبت الارهابي وصنعت الارهاب، ورجال أمن تونس وجيشها الأبطال يعرفون الحقيقة وكل حر في بلادي وفي كل بلاد يعرف ويدرك، لأنها أمور جلية لا تحتاج دليلا عليها.
ثم اسألوا عن الذين يسبوننا ويكتبون عنا اليوم: ماذا قدمتم لتونس؟ ماذا قدمتم لأمة الاسلام؟ ماذا قدّمتم للاسلام وللتصوف؟ ماذا قدمتم للطرق الصوفية؟ التي جمعنا رجالها في ندوات كثيرة في تونس، ونفتخر بخدمة كل طريقة من طرق أهل الله.
ماذا قدمتم من العلم والأدب والدعوة، ومن شهد لكم في أرض الله كما شهد لنا؟
ماذا أنفقتم من مال ووقت، ومن حاربكم في سبيل ذلك كما حاربنا، ومن ناظرتم من أهل الزيغ ومن شهد على ذلك؟
أنتم فقط لئام في ثياب كرام، وتكفيرية في أقنعة صوفية، وحقراء يحاولون نيل الكرامة بالادعاء فتفضحهم ألسنتم ويوقعهم شر طويتهم في الخيبة تلو الخيبة، ووالله الذي لا إله غيره ما تسلّطكم علينا ظلما وعدوانا وزورا إلا شهادة من الحق على أنكم أهل باطل، إذ لا يعادي أهلُ الحق أهلَ الحق أبدا.
إننا لا نتاجر بأهل الله كما تفعلون، بل جعلنا أموالنا وأعمارنا وأوقاتنا تحت تراب أرجلهم.
من الشيخ عبد القادر الجيلاني وسنده ومن كان قبله من ساداتنا، والسادة الرفاعي والدسوقي والبدوي والنقشبندي، إلى الإمام الشاذلي ومن أخذ عنه ومن أخذوا عنه، إلى سيدي أحمد التجاني وخليفته سيدي الحاج علي التماسيني وشيخنا العلامة سيدي إبراهيم الرياحي، وأحب خلفاءه كابرا عن كابر وأهل طريقته ومريديه وبيننا مودة ومحبة في الله لا تخفى.
فليأت شاهد بكلمة صدرت مني بحقهم؟
وقصائدي في مدحهم ومقالاتي في الذود عنهم والتعريف بهم، ومحاضراتي في ذلك في مساجد كثيرة وجامعات وندوات عديدة من تونس إلى الجزائر والمغرب وفرنسا إلى بنغلاديش وأندونيسيا وسواها شاهدة ناطقة قائمة بحجتها تدمغ باطل من ادعى.
فمن أراد أن يكون معنا عن بصيرةِ من يقرأ ويدقق وينظر ويتأمل ويتدبّر، فحي هلا، ومن رام حربنا حاربناه حتى يندم على فتح باب البلاء على نفسه، ووالله لا نرهب لأحد جانبا ولا نخاف مخلوقا ولا نتقي من أهل الباطل شيئا، ولن تجد فينا إلا يقين محمد وصولة حمزة وثبات جعفر وبسالة الكرار ورسوخ الحسن وصبر الحسين عليهم وعلى آلهم والصالحين من ذرياتهم أغواثا وأقطابا وأبدالا وأولياء السلام، دما منسوبا إليهم لا يخونهم، وقلبا معقودا بحبهم لا يتركونه ولا يتركهم.
ومن أبى علينا هذا الحب متوهّما أنه انحصر في مذهب ودلّ على نسبة تقصينا عن مدرستنا التي ننتمي إليها، فقد جهل حقيقة أهل السنة، وجهل طريقة الصالحين، وكان أجهل الناس بما كان عليه علماء الزيتونة وما خطّته أقلامهم نثرا وشعرا في حب محمد وآله، ولا ما كان عليه عامة أهل بلادنا قبل خاصتهم، ونحن على ذلك سائرون وبسند ذلك موصولون.
وإننا لليوث وغى وأسنة إباء، فمن هذا الذي يأتي شاتما ويدعي شجاعة وما هو إلا جبان خسيس ودجال رخيص.
تدعي نسبة لأهل الله وأنت تحارب من حارب من أجلهم سنينا ونشأ على حبهم جنينا؟
أم تدعي نسبة لآل البيت وأنت تسب من وهبهم روحا هي في الأصل لهم، وقلبا هو في الحقيقة ملكهم؟
أم تدعي نسبة للصحابة وأنت لا تستحي أن تركب مطية الباطل وتمعن فيه ولا تجد في قلبك حرجا من اجتراح الافك؟
ألم يكن الصحابة رضوان الله عليهم رجال الله وجنود الحق وسيوفا في رقاب الباطل.
أم تدعي التصوف وأنت بلا أدب، وتعلّم أتباعك اللعن والشتم وقلة المروءة والكذب، ثم تقول خليفة الشيخ سيدي أحمد التجاني؟
هل كان القطب المكتوم إلا إماما من أئمة المسلمين وسيدا من كبار الصالحين ملك قلوب الناس حيثما حلّ ونزل بالتواضع والأدب والكلِم الطيّب.
وهل كان إلا عاشقا فانيا في محبة سيدنا ومولانا محمد وآله وصلاة الفاتح شاهدة تلقاها عن رسول الله كشفا بسرها وعبق آل البيت فيها.
أين أنت وأتباعك ومناصروك من سمت رسول الله وآل بيته الذين تتخذ اسمهم راية تخدع بها الأتباع والأشياع وتبيع ذمتك بأرخص المتاع؟
وأين أنتم من أهل الله جميعا ومن أتباع القطب المكتوم خاصة؟
ومن أنت حتى تنوب عنهم بالكذب على من كان لهم أخا وذاد عن التصوف وثبت عليه يوم ارتبكت القلوب واربدّت الأنفس.
ثم تقول: ينصحك الأخيار بالتوقف عن ملاسنة المسمى فلان؟
أية ملاسنة؟
أنا أكتب من معين الفيض، وأنت تهذي من رَدن الغيض.
أنا أتكلم بأدب ليجعل الله لي في كل كلمة نورا، وبرهانا منصورا، ودليلا جليا منظورا، وأنت وأتباعك تقولون فُحشا وهُجرا وزورا، وتمورون بالأحقاد مَورا.
إليك إذا لب الأمر وجوهره: والله الذي لا إله غيره، الحي الذي لا يموت، من أنجى يونس من بطن الحوت، لقد رميناك بسهم الجبروت، لا يخطئ مكانك ولا يجهل عنوانك، ورمينا كل من رمى معك بكلمة، ومشى معك في البغي علينا خطوة، وسددنا الرمي جيدا، بسر لا إله إلا الله وحقها، وبجاه محمد رسول الله وحقّه على الله وحقنا بالدم والحب عليه، وبسر آل بيت محمد الذين تكذب عليهم، وبسر اهل الله فردا فردا من اتخذت طريقتهم تجارة وأدخلت جلافة الوهابيين أعدائهم كالسم في طريقتهم، بسر الجيلاني ومن معه، والرفاعي ومن تبعه، والدسوقي والبدوي، والشاذلي صاحب النور النبوي، وبغضبة الأسمر من أجلنا ورجال طرابلس الغرب ومدنها وصحاريها أجمعين، وبحربة أحمد بن عروس وسادة أهل الله في إفريقية من عبد الله بوجليدة إلى تليل إلى بوراوي أجمعين، وبالشيخ أحمد التجاني واهل خلافته، وبروحانيتهم جميعا وغيرتهم على أحبابهم ورجالهم، وستعلم هل سرنا بوذي كما يدعي أتباعك العميان أم ولائي نبوي بأمر ذي الجلال والسلطان.
وستعلم من منا يهوديّ، ومن منا حفيد محمد وعلي.
فإن كان لك قدرة فادع علينا كما دعونا عليك، وأرنا رميك وسهمك، وعلمك وفهمك، وجاهك ومقامك عند الله وعند أهل الله. وحاربنا بأقوى ما تملك، ولا تدّخر منه شيئا، وحق الذي أهلك عاد وفرعون ذا الأوتاد، لنجعلن منك آية في البلاد، وبرهان على سرنا بين العباد، وما تلك إلا يد لله نمدها، وسجدة للقيوم نسجدها، ودعوة سيد مظلوم إلى القهّار نرسلها، وخيل انتقام من الجبار نطلقها، وجنود مدد على عجل نطلبها.
وإنك تعلم كما أعلم، وتعلم أني اعلم، أنك كذاب وأني صادق، وأنك دجال وأني على بينة من أمري وامرك.
فامكر مكرك، واركب غرورك وامض في غيك وسكرك، واجمع من أردت ممن ينصرونك، ونحن نعلم حقير ما تبطن، وإفك ما تعلن، ولن نسمح لك ولأمثالك أن يجعلوا الصوفية الحق مرتعا وبابا للوهابيين والتكفيريين وسماسرة الدين.
فخذها إذا من الشريف يا مدعي الشرف، ثم انظر ولينظر من حولك إن كنت أنت خليفة من تريد أن تكون، وهو منك براء، فأنا أمثل من وأنطق عن فيض من؟
واسأل ان كان لك من يدلك ليخبرك من أين تأتي الفيضة ومن يفتح أبواب السر ومن مخطوب الحضرة ومحط النظرة.
واعلم يا شقي أن الله مكر بك من حيث ظننت أنك تمكر بنا، وما سلطك وكلابك علينا تكذبون وتسبون إلا ليكسر ظهرك ويظهر حقيقة أمرك، فانتظر قليلا تعلم، وتمهل رويدا ترى، والجواب ما تشهده عيانا بسلطان الله وقوته وحوله.
أما الشتم فلن يغني عنك ولا عن اتباعك شيئا، ولن يضرنا شيئا، وليدع من معك ومن معي أجمعون، ولنجعل لعنة الله على الكاذب منا والدعي فينا.
وهب اني يا قليل الفهم على أي نهج أردت: فمن أنت حتى تكتب أن علي أن أترك هذا وأفعل ذاك، من؟
ألا تستحي حين ترى صوري مع الأعيان من أكابر أهل الله وأهل التصوف في وقتنا الذين لا تصل غبار نعل أحدهم، وما بيننا من محبة، ، ثم تتجاسر علينا.
ألا تخجل وأنت تشاهد محاضراتنا وأحوالنا، والأصم يعلم أنها فيوضات رحمانية لا يلقّاها إلا من فتح له صاحب الفيض بابه، ثم تأتي حاملا جهلك تقارع من لن تبلغه علما وفهما وفصاحة وحكمة، او تقرأ ما نخط وقد قلت بنفسك أنه كلام أهل الله ثم أضفت في دجل أنه يجوز أن يقول المرء كلام أهل الله وهو ليس منهم، كما يجوز بمنطقك أن يقول أحدهم كلام الوهابيين وتكفيرهم ولعنهم وكلام الحمير وجهلهم وهو من اهل الله، فأي منطق هو هذا؟
فيا من يعتدي ولا يهتدي، وبفرعون وهامان ويزيد اللعين يقتدي، خذ من حال من سبقوك نصحا، واسلك سبيل من آمن فأمن الناس من يده ولسانه فلاحا ونُجْحا، أو أرسلنا عليك دعوة إلى الجبار سهما ورُمحا، فثقبنا بها فؤادك، وأرغمنا بها جحودك وعنادَك، ثم ابتلاك الله فأخزاك وزادَك، وجعل أمرك فيك آية وأشهد عليها أهلك وبلادك، وما أنت له بمُعجز، ولا لنا بغالب، ونحن أبناء البتول وابن أبي طالب، ورثنا الكرامة كابرا عن كابر، وفقنا في الحرب كل محارب وفي الصبر كل صابر، فاعتبر من الذين أخزاه الله قبلك في الزمن الغابر، وانظر حال من استكبروا في الأرض كيف خسف الله بهم في الدنيا وأوردهم ظلمات المقابر.
أما كلمتي للأحبة من أهل التصوف عامة وأبناء الطرق: احموا التصوف من هذا النذل وأمثاله:
لا تتركوا تصوفكم منهبة اللصوص وأدعياء السر والحال والفيض.
لا تتركوا تصوفكم ملعبا للصهاينة والوهابية يدسون فيه أهل التكفير والتزوير تشهد عليهم ألسنتهم ولعنهم ودفاع بني وهبان عنهم وادوارهم الملوثة القذرة حيثما كانوا..
ونحن بعون الله مخلصون المحبة سائرون في طريق أهل الله، وسننشر من العلم مزيدا وبينة على صدق النسبة، فلم ننشر من قبل إلا القليل رغم كثرة ما نشرنا، وما ذلك إلا من شرف الصدق في خدمتهم ومحبتهم والذود عنهم.
ألا وإننا لا نروم علوا في الأرض ولا فسادا، إنما نبغي الإصلاح ما استطعنا وجمع كلمة المسلمين ودرأ الفتن ومواجهة الفتّانين والحاقدين بكل ما آتانا الله.
أحبابنا قلوب صافية بالحب وللحب، ليس بيننا وبينهم عرض دنيا، ولا فيهم إمّعة يتبع على غير بصيرة ويحب على غير هدى، فذلك أضر من الكراهية.
وما أعداؤنا إلا فحم اسودّ حقدا وحسدا، فأُسرجناهم كرامة وأوقدناهم علما، فلما اتّقدوا جمرا من الشتم والإفك والافتراء، وضعنا عليهم بخور أرواحنا، ليفوح أدبا وحكمة. وحين يتداعون رمادا تذروه الريح، يطير شذانا في الآفاق شعرا ونثرا وأثرا.
بنا من الحب لله ولرسوله وآل بيته والصالحين ما لا طاقة لقلب بتصوره، وبنا من اليقين في الله ما يفوق يقيننا في العين التي نبصر بها، واليد التي نلمس بها، والبيت والأهل والولد.
وبنا من الصبر ما لا يطيقه الجمال ولا تتحمله الجبال ولا تتسع له صدور الرجال.
وكل هذا من مَنِّ ذي الجلال، ومن مدد محمد والآل، ومن محبتنا وتسليمنا للعظيم الكريم في كل حال.
ذقنا في الحب ويلا بعد ويل، وسبّحنا للعظيم وقد سكن الليل، وأرسلنا من الشوق الجيوش خيلا تلو الخيل، وناجينا وبكينا، في أيام الحرمان والبلاء، وفي ليالي العسر والبأساء، حتى أجزل الكريم العطاء، وكشف العظيم الغْطاء، فعلمنا مما شاء، وأكرمنا كما شاء، وأجرى سفننا إلى ما شاء، وأقام أمرنا على ما شاء.
فمن حسدنا على ما أفاض الله به علينا خاب، ومن جحدنا ما أولانا مولانا نَكَب عن الصراط القويم وما أصاب، ومن حاربنا ظالما معتديا نُكِبَ في حربنا وخسِأ، ومن أحبنا لله أحببناه لله واختتم الأمر على ما به بدأ: محبة من الروح للروح في برزخ الروح قبل الحياة، وانتماء لراية من أوجب الله عليه ووعلى آله السلام والصلاة.
الله الله الله…يا سامع الشكوى وكاشف البلوى ومنتهى كل نجوى:
اجعل لمن يحبنا فيك مقاما، وهديا إماما، واجعل من يحاربوننا ركاما، وأرسل شديد العذاب عليهم أعواما، ولا تزدهم إلا شقوة وظلاما، إنهم كانوا لمحمد وآله ضدّا، وللصالحين لدّا، واتخذوا مع الشيطان وُدّا، فاجعل اللهم بين أيديهم ومن خلفهم سدّا، وردّهم صاغرين إلى جهنّم رَدا، واجعل الصواعق المواحق عليهم ردّا، واجعل لهم الحميم وردا.
سبحان من يسمع الصوت ولا يفوته الفوت ويحيي العظام بعد الموت.
سبحان الكريم العظيم ذي العرش العظيم الذي أنزل القرآن العظيم بالملك العظيم على نبيه العظيم ذي المقام العظيم والجاه العظيم والسر العظيم، وجعلنا من ذلك النسب العظيم وعلى ذلك النهج العظيم، اجعل أحبابنا في الخير العظيم ونجهم من الكرب العظيم، واجعل على من يعادينا ظالما لنا صيحة الملك العظيم، بجاهك وحولك يا عظيم يا عظيم يا عظيم.
وكتب أبو علي مازن بن الطاهر بن علي بن عمر بن علي بن عمار بن حسن بن الحاج محمد بن عمر بن أحمد بن عبد اللطيف الشريف.
أرض الزيتونة بتاريخ 02/03/2018