2 دقائق للقراءة
كلما ذكرنا الإمام الحسين وكربلاء وما كان فيها من محنة وملحمة وقتل يشيب لهوله الولدان، وذبح لابن بنت نبي الإسلام، يخرج عليك بعضهم ممن في قلوبهم مرض أو المغفلين الذين يرددون ما لا يعقلون، ويقولون لك: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُون﴾[1].
أما أن يحتلفوا بعاشوراء لأن الله غفر فيها لآدم، ونجى فيها نوحا من الطوفان، وأنقذ إبراهيم من نار النمرود، ونجى موسى من فرعون، فتلك ليست أمة خلت.
إن الآية سياقها جلي واضح لمن يفهم القرآن ويفهم اللغة العربية، فهي عن الأمم السابقة للأمة المحمدية: ﴿كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَٰنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾[2].
فالأمة المحمدية منذ بعثة الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة أمة واحدة:
﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ٩٢﴾ الأنبياء
﴿وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ٥٢﴾ المؤمنون
وعليه فلسنا نناقش مسألة تخص أمة من الأمم الغابرة، ولا نتكلم عن أمر عرضي تافه، بل في جوهر الإيمان والإسلام. فهل مؤمن يقبل أن يُقتل ابن بنت النبي الذي يؤمن به؟
وهل الإسلام يقوم على الترضي على من شنّع في قتل آل بيت رسول الله؟
وإن كان الإمام الحسين عليه السلام “أمة قد خلت”، فجده صلى الله عليه وسلم “أمة قد خلت”، فأي أمة نحن وأمة من نحن اليوم؟؟ أمة يزيد؟ أمة عجل بني إسرائيل؟ أمة بلا ملامح ولا هوية؟؟ أليست الأمة كلها من أولها إلى آخرها أمة محمد؟؟؟
فالأمة واحدة، أمة محمدية، وجرح الحسين يعني كل مسلم غيور على دينه وعلى نبيه، وكل مؤمن بالله عرف أن حب آل البيت واجب كوجوب حب النبي وحب الله. وأن الصلاة على رسول الله مع الصلاة على آل بيته كما أمر رسول الله من أمر الله سبحانه تعني حبهم ومودتهم وحب من يحبهم وبغض من يبغضهم فكيف بمن قتلهم. وكل ذلك ضمن سياق نفس الأمة الممتدة زمانا من البعثة المحمدية إلى يوم القيامة.
فليست أمة خلت، ومن قالها قاصدا فهو مريض قلب وناصبي يناصب آل البيت العداء، ومن قالها مرددا لما قال سواه فعليه أن يفهم وينتبه، وأن يراجع عقله وقلبه معا.
وأنت يا من تنتمي لأمة محمد ستُسأل عن دم ولده وموقفك منه، وتُسأل عن موقفك من قاتليه، وعن شهادة الحق التي يجب ان يشهدها كل مؤمن موحّد. وستقف بين يدي الله ويسألك عن حق آل البيت عليك وماذا فعلت فيه، كما قال الحبيب: فانظروا كيف تخلفوني في آل بيتي. أوصيكم الله في آل بيتي.
اللهم قد بلغت فاشهد.
وإني أحب حسينا.
28-08-2020
[1] البقرة الآية 134 وكذلك الآية 141
[2] الرعد الآية 30