2 دقائق للقراءة
“رأيت في المنام ملاكا ينزل من السماء ويخبرني أنني المهدي”.
“حلمت أني أصلي بالناس في القدس وقيل أني هو”.
مئات الرسائل وصلتني هذا العام بمثل هذا المحتوى، لأشخاص باتوا يعتقدون أنهم “الرجل الموعود”.
وقد لقيت بعضهم فعلا.
أحدهم حدثني أن النبي يأتيه جهرة، وأنه يطير إلى السماء ويلتقي الأنبياء، ويكلم الملائكة عيانا، قلت لا بد أنك هو، وابتسم بخجل جميل مخفيا سره المزيف.
وآخر قال أنه سمع صوتا يكلمه ويبشره أنه القائم شخصيا.
الأكثر طرافة من أخبرني أنني وزير الإمام الأول، وأني قريب جدا منه الى درجة لا اتصورها، وقلت له ممازحا: لا شك أنه أنت.
وقال لي أنت ذكي سريع الفهم.
فأجبته: ليبايعك جبريل والملأ الأعلى في الركن والمقام، ثم عيّنّي حيث تريد.
كل هؤلاء، مع اعتذاري الشديد، وقعوا في قبضة الوهم، كالذين أوهمهم برؤية النور والعرش والكرسي دعي يدعي أنه صاحب الوقت والولي الختم، أي المهدي صفة ومقاما وإن لم يصرح بالاسم، لان الختم وصاحب الوقت مقام حصري للمهدي عليه السلام.
مع اشتداد المحن تزداد الحاجة الى مخلص، وهنا يظهر الدجالون، بفعل فاعل خبيث متمكن، أو بنزعة ذاتية للظهور، أو تجارة في عقول الأغبياء.
وهذا كثير الظهور عبر التاريخ، لكنه أظهر في فترتنا الحالية، لاستحكام الخوف في القلوب، وويلات الأزمات والأوبئة والحروب.
وهنالك مخابرات تتلاعب بالقضايا الكبرى لتتفيهها، وتستخدمها لغاياتها، وعلى رأسها القضية المهدوية المقدسة.
الإمام المهدي حق، إشارة قرآنية، وبشارة محمدية، ووعد إلهي صادق.
لكنه مخفي لن يظهر ويُعرف إلا حين يظهر فيُعرف.
ركز على حياتك، وتطوير ذاتك، وتحسين مستواك في كل المستويات.
ودعك من الوهم واتباع الواهمين والموهمين، خاصة الذين تحركهم منظمات سرية ومخابرات مخربة صنعت الإرهاب وتصنع الآن رموزا مزيفة للتصوف والتشيع، وتتاجر بالقضية المهدوية، بأدعياء دجاجلة، كذلك الذي يقطن في بلد الضباب، وقد تواصل معي بعض أتباعه وقال لي بالحرف: هو ممثل المهدي الشيعي، وهو أيضا مهدي السنة، والممثلون للمهدي الشيعي إثنا عشر. ورغم أنها خزعبلات جلية لمهدي مزيف لا يتقن حتى اللسان العربي، فالحيلة تنطلي على كثيرين، مع بهرجة الإخراج المشابه نوعا ولونا وإضاءة وتقنية لخطبة البغدادي في جامع الموصل حين سيطر عليه الدواعش، والذي تم الترويج أيضا لكونه المهدي المخلص، ومن يلاحظ خطبة دعي المهدوية في لندن، ولون الملابس وحركة الاصبع سيرى تشابها كبيرا يدل على أن الصانع للنموذجين واحد.
انتبهوا يرحمكم الله، ولا ندنس بالجهل قضية مقدسة مباركة، مجمع عليها من كل المذاهب الإسلامية.
هي معجزة سيحين وقتها حتما، وما علينا سوى البناء الواقعي والتطوير مع الإيمان واليقين، دون وقوع في دجل أو خديعة: أنت لست المهدي، وليس أحدا بيننا اليوم، وإن كان شخصه موجودا، فلم يبلغ أن يكون المهدي بعد، ولا يبلغه إلا يوم يبايع.
مع احترامي لمعتقد الاخوة الاثناعشرية، وحتى لو صحت روايتهم، فالحجة غائب لا فعل له ولا أثر في عالم الشهادة إلا حين يعطيه الله الأمر تولية يشهدها العالم كله، تماما كما ان سيدنا يوسف لم يكن العزيز حين كان في السجن، ولا كان يصح أن يناديه أحد بالعزيز حينها، ولكنه أصبح وعرفه إخوته بعد ذلك وسجدوا له، تحقيقا لرؤيا رآها وهو طفل صغير.
والسنة الإلهية واحدة.