2 دقائق للقراءة
الوصيّة الثامنة والأربعون
يا بنيّ: إن الدنيا تزيّنت وزيّنت، فإن وجدت ما تشتهي العين فاعلم أن الله ما حرّم فيها لذيذا وقد أخفى عنده ما هو ألذ وأطيب، فاغنم من هذه ما به تصل لتلك، ولا تجعل مغنم هذه مغرما يوم تلك.
الوصيّة التاسعة والأربعون
يا بني: قد نصحت لك قبل أن تأتي روحا في برزخ، وأنصح لك وقد أتيت رضيعا في مهد، وإني ناصح لك حتى تشب وناصح لك حتى أصبح شيخا، فكن يا صفوة روحي ونفسي خير من يمضي إلى الله بعمل، وخير من يمشي في الدنيا بعلم.
الوصيّة الخمسون
يا بني: إنك قد جئت لدنيا نعق ناعقها وطغى شيطانها، وحثّ إلى الآخرة ركبانها، وإن ربك ناظر ما أنت صانع فيها، وقد علم صنيعك قبل صنيعك. فاجعل التقوى لباسا، والحكمة قياسا، والدنيا مَداسا.
الوصيّة الحادية والخمسون
يا بني: سلّم تسلم، وتوكّل تغنم، وثق بالله ولن تندم. واعلم أن الله جعل الفوز في التسليم، والربح في التعظيم، فعظّم الله في حب من أحب الله، وسلّم لله في التسليم لأهل الله. واجعل عقلك ميزانا وقلبك ميدانا وفعلك برهانا. فإنك إن ضللت طريق التدبير إلى التخيير، حاد بك التخيير عن حسن التدبير.
الوصيّة الثانية والخمسون
يا بني: قلبك دليلك، ونوره سبيلك، وإن دليلك عليك منك وإليك، فإن تنورت ذاتك وخلصت لله حياتك، دلّك قلبك إلى سبيل النور، ودلّك النور إلى مشهد الحضور، ووجدت حقيقتك الخفيّة عنك، وجنتك الضائعة منك، فإن جنّة أخفاها الله في أعماق قلبك، وإن في سرّك المكنون الشاهد على وجود ربّك.
الوصيّة الثالثة والخمسون
يا بني: عليك بالحب لا تبرح سوحه ولا تفقد روحه، فمن ظفر بسر الحب فقد وَصَل لقرب الرب،
ومن سجد واقترب، ما شقي وما اغترب.
الوصيّة الرابعة والخمسون
يا بني: احفظ وصيتي فإني موصيك بما إن اتبعت انتفعت، وإن أطعت ارتفعت، واعلم أن الله رب قلوب، فإن صفا لله قلبك، وصدق في الله حبّك، وتحقق من الله قُربُك، فلن تكون الدنيا إلا خادمة لك ساعية، ولن تكون الأيام إلا مخبرة عنك داعية، وسيجعل الله ذكرا مسكا، وفقرك مُلكا، وغناك كرما، وقلبك حرَما.