2 دقائق للقراءة
ذلك الجدار الدي طال به العهد، وانتقل أصحابه عن الدنيا، سئم المقام حيث لا أنيس، ولا ضحكة طفل أو سجود شيخ، فأراد أن ينقض، أراد أن يتهاوى ليريح حجارته من مواجهة رياح الزمان، وتراب الهجران، وغبار النسيان.
لكنه لم يكن يعلم أن صالحا دفن كنزا تحته، وأخفاه ليوم يستخرجه فيه يتيمان من ذريته.
ولما أراد أن ينقض صدر أمر الله ليد لله أن تقيمه، فأتى الخضر إليه مع كليم الله، فأقامه.
وحين طلب الكليم أخذ الأجر على ذلك من معلمه الذي أمره الله باتباعه والتعلم منه، ذلك أن أهل تلك القرية لم يطعموهما حين استطعماهم، أجابه الخضر أن ذلك فراق بينهما، وأنبأه ما تحت الجدار، وأن الأمر يخص أحد أهل الله وخاصته، والوراثة التي وجبت ليتيمين في تلك المدينة، صغيرين لا يعرفان عن شأنهما بعد شيئا.
وأن ذلك مراد الله وأمره.
هب أن رجلا مر بهما من حيث حسب أنهما لم يرياه، وسمع وعرف، ثم رجع ليلا يريد أن يستخرج الكنز، فهل كان ليستخرجه، ويجعل لنفسه متجاوزا أمر الله الصادر المكتوب بشأنه.
بل لو أنه أخبر أهل القرية كلهم فأتوا ليهدموا جدارا أقامه ولي الله، ويستخرجا كنزا ادخره صالح لصالحيْن من ذريته، فهل كانوا ليستطيعوا ذلك.
بل لو أن من في الأرض جميعا، ومن كان قبلهم وبعدهم بكل ما يمكن أن يتصور العقل من قدراتهم وجيوشهم وأسلحتهم أرادوا استخراج الكنز وقتل اليتيمين وهدم الجدار، فهل كان أحد منهم ليستطيع منع أمر كتب الله في اللوح عنده.
وكذلك جدار بشرية من سيختاره ربه، حين يتعب من ثقل حمله، ويريد أن ينقض، سوف تقيمه يد القدرة، حتى يبلغ السر فيه أشده، لينتصر لكل أيتام الحقيقة، ويستخرج كنوز الأنبياء والمرسلين، والنبي الأمين، وآل البيت الطاهرين، ومجامع الصالحين، ويكون لهم وارثا، وعنهم قائما.
ولن يتسطيع مخلوق منع ذلك.
لأنه أمر الله، (وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ) ﴿٢١﴾ يوسف