< 1 دقيقة للقراءة
هنالك فرق كبير وبون شاسع بين معرفة الحقائق التاريخية وكشف غوامضها وملابساتها، وبين توظيف ذلك لإرباك الراهن واشعال الواقع وشغل العامة بأمور لا تؤدي إلا إلى مزيد التمزق والتشذرم والكراهية والتعصب، وإلى تأليب الأحقاد وتجديد الحروب التي طواها التاريخ.
وهذا ما لا ينتبه إليه معظم من يريدون أن ينبشوا في تربة التاريخ، خاصة التاريخ الاسلامي المعقد والمتشابك، وبالتحديد المسائل الأساسية التي قام عليها انقسام الأمة إلى مذاهب كبرى في علاقة بالسقيفة وما سبقها وما تلاها.
والحقيقة أنه أمر مربك: كيف لدارس التاريخ أن يتفادى المطبات وأن لا يتخذ مواقف للحق وفق ما قام عليه الدليل!!.
وكيف له أن يكشف ما اكتشفه للخاصة دون ان يصل ذلك إلى العامة!
بل كيف يتجرد من قوالبه المذهبية ويغادر حدود مدرسته الفقهية والعقائدية لينقد بهدوء ويتكلم بموضوعية ومن حوله ضجيج الفوضى ودخان التوهم واللاعقلانية والتطرف حبا وبغضا.
إنها معضلة بحق، سيما أن الحاضر -وكذا المستقبل- متأثر بالماضي رهين التاريخ حتى إن لم يتكلم عن التاريخ أحد او يعلم حقيقته أحد.
شخصيا أرى الحكمة في إعمال الرأي الهادئ، ومحاورة أهل العلم، والبحث عن النقاط الجامعة، وترك ما يسبب التفرقة، وعدم الوقوع في حبائل من يريدون لفتن التاريخ أن تتقد بشكل أشد وأعنف.
إنه واجب المحمديين الذين اتصلوا بالأصل المحمدي. ذلك الأصل النقي من الشوائب، الموصول بالسماء، البعيد عن الفتن الأرضية، الذي نهل من المعين المحمدي، وارتوى من علوم وفهوم آل البيت، وطاف في رحاب الصالحين، من الصحابة إلى من كان بعدهم من أهل الله المخلصين.
08/05/2020