10 دقائق للقراءة
“في علم الاستراتيجيا، عليك أن تتوقع الأسوأ، وتعمل للأحسن، لا أن تتوقع الأحسن، وأنت تعمل للأسوأ”. من كتابي مدخل إلى علم الاستراتيجيا.
ملاحظة أولى: ما سيتم تفصيله في هذا المقال هو ضمن فهم عقل العدو، وضمن تصور أقصـى ما يصبو إليه وأقسـى ما يمكنه فعله. وهو أمر مهم لمناقشة كل تلك النقاط على أنها احتمالات أو استشرافات – كل حسب مستوى فهمه ووجهة نظره– ثم منع حدوثها جميعا وتوفير السبل إلى ذلك، فغاية علم الاستشـراف والمستقبليات هو الوقاية وليس مجرد التنبأ بحدث ما. وإن التفكيك البنيوي العميق للفعل الإرهابي يمكن من استشراف واستباق كل حركاته والحد منها بنسبة كبيرة ولا يعني ذلك في مطلق الأحواء بلوع نسبة الخطر صفر فهو أمر صعب جدا ولكن بلوغ نسب عالية جدا من الوقاية والتصدي والمناعة حتى يتم بلوغ النسبة صفر ولا يظل أمام الإرهاب سوى مجالات ضيقة، وهذا المستوى بلغته تونس قبل الثورة فكانت العمليات الإرهابية نادرة جدا، ومن يتعلل بالظرف الإقليمي فقد عاشت الجزائر عشرية سوداء ولكن لم يطل ذلك من تونس شيء بفضل كفاءات أمنية وعسكرية واستخباراتية مهمة تم ضربها بشكل متعمد بعد الثورة، وسياسة مكافحة إرهاب ناجعة تم تخريبها بحجة حقوق الانسان والعفو التشريعي والحرية وهي حجج كاذبة لأنها تمزج بين الديكتاتورية والنجاعة الأمنية، وبين الحرية وحقوق الانسان وفتح المجال للإرهابيين.
***************************
ضمن علم فنون الدفاع، ثمة فن غامض خطير، يتعلق بفهم النقاط الحيوية وتشاكرات الجسم، وقد أتقنه مقاتلو الننجا بشكل خاص وسموه Dammak، وفيه فنيات ضرب النقاط الحيوية التي تؤدي للشلل الحركي وفقدان الوعي وحتى الموت. وهنالك تمشيات لهذه الفنون وانماط حركية كثيرة ومسارات معينة ونقاط محددة ومراكز ضغط ومواضع استهداف دقيقة.
إن فهم علم النقاط الحيوية مفيد طبيا بشكل كبير، لكنه مفيد استراتيجيا أكثر، ففي الفن الحربي يقوم الهجوم والصد – كما في الفن القتالي والدفاعي – على فهم نقاط قوة الذات ونقاط ضعفها، ونقاط قوة العدو ونقاط ضعفه، وبذلك تدعم نقاط قوتك وتحمي نقاط ضعفك حتى تصل إلى تحويلها إلى نقاط قوة أو نقاط محصنة، وتهاجم نقاط ضعف العدو وتسعى للاستفادة من نقاط قوته عبر استغلالها بشكل يجعلها تخدمك، وهذا أساس الحركة الدفاعية في فنون الجيجتسو والأيكيدو وما دار في فلكهما.
هذا العلم تكلم عنه واحد من أكبر معلمي فنون الحرب في التاريخ البشـري، سن تزو حين قال في كتابه فن الحرب: ” إذا كنت تعرف نفسك وتعرف العدو..فلا حاجة بك للخوف من نتائج مئة معركة.
إذا عرفت نفسك ولم تعرف العدو.. فكل نصر تحرزه سيقابله هزيمة تتلقاها.
إذا كنت ﻻ تعرف نفسك وﻻ العدو.. ستنهزم في كل معركة”.
عندما ندرس مجال الحركة وخطوط الحركية التي تسمى في فن الكاراتي: Embusen، يصبح هذا العلم مهما في الحركة الاستراتيجية، عبر فهم الذات وفهم العدو وفهم الواقع، ومن خلال ذلك استشراف الحركات القادمة للعدو ومنعه من القيام بها، أو الحد من ضررها بعد القيام بها، ثم منع العدو من فهم حركاتك، حتى بلغ الأمر بسن تزو ان يقول ان القائد فقط هو من عليه أن يفهم كل الحركات وليس جنوده.
أما حين نوسّع نطاق النقاط الحيوية فيمكن أن نرى أن التقسيم الطبوغرافي للمجال يجب أن يدرس كل نقطة مجالية وخصائصها، وأين يمكن أن يضرب العدو أولا، وكيف، وأية آلية للوقاية من ذلك، وهذا ما تفعله الدول الكبرى في رسمها البياني لمجالها عبر الأهم فالمهم، فالمقرات السيادية والثكنات العسكرية والمواقع الحساسة وحتى المستشفيات والنزل تخضع لتدابير خاصة مع منظومات رقابة حديثة ومخططات وقوى رقابة وحماية وتصدي….
وفي المجال القطاعي يكون الجانب الأمني والعسكري والسيادي والسياسي والاقتصادي في الأولويات.
الآن لنطبق هذه المسائل على الضربات الإرهابية التي تمت في تونس: قتل الأمنيين والعسكريين، قتل السياسيين واغتيالهم، الهجوم على متحف وعلى نزل وقتل السياح، حرق الزوايا الصوفية وقتل بعض حفظتها.
أي رابط بين هذه الهجمات وأية علاقة بالنقاط الحيوية؟
وكيف يمكن استشراف ما بعدها؟؟
إن شبّهنا الدولة بالجسد، فسيكون العصب والعظام مكونا من الأمن والجيش، الأمن هو النظام العصبي الذي يتحرك وييسـر الحركة وينقل المعلومة وينفذ المخططات والقوانين تحت إشراف الرأس – رئاسة الدولة الحكومة البرلمان والقوى السياسية – أما البنية والهيكلة فمحفوظة بالهيكل العسكري وهو العظام القوية التي تجعل الجسد يقف ويصد الهجوم الخارجي ويضرب حين يلزم الأمر.
السياسيون ضمن الرأس إذا، بما أنهم يشكلون السلطة، وحتى المعارضة هي مكمّل للسلطة، ودورهم مهم جدا، فبصلاحهم وصدقهم ووطنيتهم وحسن تدبيرهم وإحاطتهم بأهل العلم والمشورة وانشغالهم بأمور مواطنيهم تصلح الأمور ويتهيب الأعداء النيل من بلدانهم، وبفسادهم أو عجزهم أو عمالتهم يحل الخراب…فكم دولة دمّرها ساستها وكم بلادا خربها عملاؤها…أما الدولة التي يكون فيها الضدان معا فهي تتعرض لهزات كثيرة وتجاذبات عديدة تؤدي إلى تعطيل كل مشروع وضرب كل خطوة للأمام…
أما الاقتصاد فهو الطاقة، هو الحيوية والدفق الحيوي، والسياحة لب ذلك في تونس، إنها تشاكرات الطاقة الأساسية وكل نزل نقطة من تلك النقاط الحيوية وكل مدينة سياحية هي تشاكرا منفصلة.
الدين والتصوف هما الروح، والزوايا الصوفية مكامن لتلك الروح يأتيها الناس ليشعروا بالقوة الروحية تسري فيهم ويرون في الأولياء الصالحين قوة روحانية حافظة.
يوم تم حرق أول زاوية في تونس قلت: سيتم المرور لقتل السياسيين والأمنيين…وتكلمت عن نظريتي التنظير والتكفير والتفجير، وتحقق كل ذلك.
ويوم تم استهداف السياسيين نبهت إلى ضربات أكبر تضرب الاقتصاد، واستشرفت كل مرة العملية القادمة بدقة، ومن أهم أسباب ذلك فهم علم النقاط الحيوية وتنزيلاته على الجانب الاستراتيجي وما يخص الإرهاب، ثم فهم الفن الحربي، مع دراسات مقارنة لتجارب دول ضربها الإرهاب قبل تونس.
ـ يضرب الإرهاب الأمن والجيش أولا: النقاط الحيوية الأساسية والقوة العصبية والبنيوية: الأعصاب فيكون الشلل، والعظام فيكون الانهيار.
ـ ثم يضرب ضربات في الرأس ما أمكن عبر اغتيال كل من شكري بلعيد ومحمد البراهمي، ويرجع مرات إلى عمليات قتل أكبر عدد ممكن من الأمنيين والعسكريين ووصفهم بالطاغوت، ضمن ما أسميته بالإرهاب الانتقامي. ثم حرق ما أمكن من زوايا: النموذج الليبي تم تحطيم كل الزوايا وقتل أهم المشايخ الصوفيين. وفي العراق وسوريا ومالي تم تحطيم أكبر عدد ممكن من الزوايا والمقامات.
ـ تكفير التصوف والصوفيين هو عزل تلك الطاقة الروحية والتشكيك فيها.
ـ استهداف المتحف فيه جانبان: التاريخ والبعد الحضاري وهي الهالة التي تحيط بالجسم وجوهر الطاقة ومصدرها الأول وهو مخطط عميق ضمنه تدمير متحف الموصل ومدينة نمرود وربما دمروا غدا تدمر وأهم المعالم التاريخية في العالم العربي…
الجانب الثاني لاستهداف متحف باردو يلتقي مع استهداف النزل عبر العملية الأولى والثانية في سوسة، والثانية بشكل أخص لنجاحها: تدمير السياحة مما سيدمر الاقتصاد ويفقد البلاد طاقتها فتضعف وتنتشر فيها الفوضى.
ـ العدو يضرب هذه النقاط ويعزز ذات النقاط عنده:
*يضرب الأمن والجيش أي الأعصاب والعظام، ويكوّن خلايا نائمة تمثل جهازه العصبي والعظمي: بنية كاملة مخفية تريد الحلول مكان الدولة ومن هذا كان الأمن السلفي الموازي.
*يغتال السياسيين ويسعى للمزيد، ويحصّن قادته في ليبيا وسوريا ويحيطهم بهالة من المناعة والقداسة ويصورهم في أبهى الأشكال وبأرقى تقنيات الفيديو مثل فيديو أبو بكر الحكيم ومن معه يهددون تونس، بل ويخلق زعيما روحيا وقائدا عظيما وأميرا للمؤمنين وإماما للمسلمين وخليفة للنبي ووصي لله على أهل التوحيد وهو الخليفة البغدادي، في حين تغيب عندنا المرجعية الروحية وصورة القائد الي يتحد خلفه الجميع.
*يضرب الاقتصاد والسياحة، لكنه يؤسس وكالات تسفير للشباب التونسي لبؤر الإرهاب حتى صارت تونس الأولى عالميا، وهي تنشط في كل تراب الجمهورية، وهذا يمكن التيقن منه بمجرد النظر إلى التوزيع الجغرافي لقائمات المقتولين في سوريا والعراق وليبيا من دواعش تونس. ويقوي جانبه الاقتصادي من خلال الجمعيات التي تخدمه ومن خلال تبييض الأموال والتهريب وتجارة السلاح والمخدرات، وعبر دعم الدول التي تتبناه وتنشره. بالنسبة للعراق وليبيا يبيعون البترول بأسعار زهيدة جدا ويسيطرون على البنوك ويتعاملون حتى مع المافيا الكوبية في مجال المخدرات….
*يكفّر الصوفيين ويحرق الزوايا ويقتل بعض حفاظها (قتل الشيخ حسين حفيظ زاوية سيدي عبد القادر في منزل بوزلفة كان من طرف وهابيين تكفيريين لأنه مشرك بنظرهم وهذا ضمن النسيج العقائدي للإرهاب) والكثير من مشائخ التصوف تم قتلهم في ليبيا، ويخنق البعد الروحي، في حين يخلق بعدا روحانيا موازيا عبر السيطرة على المساجد وتفريخ الأئمة التكفيريين وتدريس العقيدة الفاسدة ونشر الفكر الوهابي والاحاديث التي تتكلم عن الملاحم – معظمها من الاسرائيليات – ولكن بتأويلاتهم وإقناع المنتمين اليهم بها وصولا للرقية الوهمية وقتال الجن الكافر وتحرير الناس منه وهذا حدث في تونس في المساجد وكان أحد مشايخ الوهابية يدخل مصلى النساء ويرقيهم بالجملة وتكثر نوبات الصرع وحتى في صلاة الجمعة تم صرع أحد المصلين وراح الشيخ العبقري يحرره من الجن والمصلون يكبرون وتم تسجيل ذلك بالفيديو، وبل حتى المشهد الإعلامي دون رادع ولا منتبه لخطورة ذلك.
*هنالك نقاط أخرى منها ضرب القيمة والتاريخ والحضارة عبر تشويه تونس دوليا بقتل ضيوفها ومهاجمة متحفها يلتقي مع نزع العلم (حادثة كلية الآداب منوبة) ورفع علم بديل وهو في العلوم العسكرية يعني سيطرة قوات على بلاد ما وسقوطها الكامل، ففي ذلك أيضا ضرب لمعنى واساس الدولة. وإن فوضى الخراب الممنهج في الإضرابات العشوائية وفي المزابل والاوساخ المتراكمة والرداءة على جميع المستويات يدعم الإرهاب بنشر طاقة اليأس والاحتقان مما يقوي الامراض الاجتماعية والنفسية التي يستثمرها الإرهاب في صيده للشباب، وكذلك نشر الدعارة والانحطاط في الإعلام وخاصة في شهر الصيام بل بلغ الاستفزاز والاستدراج حدا غير مسبوق ومن ذلك جمعية المثليين ومشاهد أخرى مخزية، وكل هذا يخدم مخططات الإرهاب ويدعمها من حيث خلق ردة الفعل العنيفة ونشر التطرف والتعصب كانفعال لدى الكثير من الشباب، وهذا يتصيده المبرمجون لهم ليقنعوهم بكفر الشعب ويحفزوهم على الذود عن دينهم، بل الأخطر من ذلك انفلات بعض المدمغجين التكفيريين من تلقاء أنفسهم لظنهم أنهم يدافعون عن الدين. وضمن هذا الانحطاط والفراغ القيمي يبني الإرهاب لنفسه قيمة ويستغل الضحالة الثقافية بثقافة بديلة فيها أبعاد جمالية كثيرة وحضور للحور العين والخطاب الخلاب ويمنح لمنتسبيه معنى وجودي لم يلمسوه في مجتماعتهم التي عاشوا فيها الفراغ المعنوي الكامل وغياب أي هدف حقيقي. الإرهاب يعطيهم أنبل الأهداف وأرقى المعاني – ولو كان ذلك مجرد وهم في الحقيقة ولكن من هم فيه يرونه بأعين منبهرة ويتلقفونه بأنفس ظمآنة، وينشر قيمه في العالم الافتراضي وفي الفيديو والاناشيد وعبر دولة كاملة شكلتها داعش بكل ما يلزم من مال وعتاد ومجال جغرافي شاسع من الرقة بالشام إلى كركوك العراق ومجالات أخرى في نيجيريا ومالي وليبيا والصومال وفي ارجاء العالم كله عبر الخلايا النائمة والمفعلة.
***بعد هذا ما هي الحركات القادمة؟؟؟ وهل يمكن استشرافها او مقارنتها بمسارات أخرى مشابهة؟؟
ـ عندما يضعف الجسد بضرب نقاطه الحيوية يحدث أمران: ينهار تلقائيا، أو يتم القضاء عليه بالضربة القاضية.
وعليه فعبر الضربات النوعية للنقاط الحيوية:
*تختل الدولة وتعمها الفوضى وتصبح خرابا: نموذج الصومال.
* يتم ضربها بشكل كامل لإسقاطها عبر ضرب بقية الجسد وهو الشعب كله: نموذج سوريا والعراق. وهو الإرهاب الأسود في الأسواق وفي كل مكان قتل قتل بلا هوادة والسيطرة على الأرض وافتكاك المدن ونهب الثروات.
**في أي مرحلة تونس الان: استكمال الـضرب على النقاط الحيوية مع إيهام بقية الجسم أنه في امان (عدم قتل المواطنين بشكل مقصود في عمليات كثيرة مثل مهاجمة منزل وزير الداخلية السابق وقتل الأمنيين والقول للناس: ادخل يا مسلم…لانهم يقتلون الامن الطاغوت الكافر، او قطع راس حسن السلطاني وترك شقيقه. او قتل السياح فقط في عملية سوسة لانهم كفار وتجنب المواطنين وقال القاتل لاحدهم: لم آتي من اجلك، وهو يبتسم.
ـ استكمال الضـرب على النقاط الحيوية يعني ضرب المزيد من المنشآت السياحية لتحطيم الاقتصاد كليا مما قد ينشر الفوضى ويجعل البعض ينظم للإرهابيين وهنا فتح مجالات الفوضى واستهداف المقرات الأمنية والسيادية في عدد من مناطق البلاد . ومن يدبّر هذا يخدم الارهاب قصدا لأنه ويتعامل مع من يزرعونه مستغلا المطالب المشروعة لأهالي تلك المناطق.
*ضرب النقاط الحيوية أكثر يعني مهاجمة ثكنات ومقرات امنية. أمر لابد من أخذه بجدية كاملة دون أن أفصل فيه….
*ضرب النقاط الحيوية اكثر يعني اغتيال المزيد من السياسيين طمعا في الفوضى وهو مقصد أساسي من اغتيال بلعيد والبراهمي كما صرح بذلك الحكيم في مجلة دامق.
*ضرب النقاط الحيوية يعني تفعيل أكبر للتهريب وتجارة الأسلحة، واستغلال مناخات العجز والتردي، وشراء ذمم العملاء، ومحاولات الاختراق المستمرة، ودعم الطابور الخامس المدافع عن الارهابين بحجة حقوق الانسان والحرية والديمقراطية، وخلق المتعاطفين، وتقوية شوكة اخوة العقيدة عبر دعم الوهابية ومن يعتنقونها، الى كل رافع لنفس الراية ومناد بنفس الغاية: الراية السوداء ودولة الخلافة…
*ضرب النقاط الحيوية يعني التكفير ونشر العقائد المختلة اكثر، وغسل الأموال واستخدام كل شيء من مخدرات وروحانيات فاسدة واستغلال للفراغ الروحي والمعنوي ومهاجمة الزوايا ونشر الحرائق مثلما تم من حرق الجبال والمقامات الى حرق المقرات الأمنية، وتشكيل فرق فوضى وعنف وجريمة.
*ضرب ما تبقى من نقاط حيوية يعني استثمار ما يتم بثه من انسلاخ قيمي ونشر للعهر والشذوذ لإقناع المتحمسين للدفاع عن الدين بكفر الدولة ثم الشعب.
*ضرب ما تبقى يعني القيام بعمليات إرهابية استعراضية، ضخ الأموال وقوة المخابرات، المزيد من التسلح، محاولة زرع فكرة تقسيم تونس بين جنوب وشمال لاستغلالها، يدعم ذلك انتشار وسيطرة قوية على ليبيا، رجوع المقاتلين التونسيين من كل بؤر النزاع وهم بالآلاف، تحريك فوضى عارمة خاصة في المناطق الحدودية، القيام بعمليات كثيرة متزامنة تم التدريب عليها عبر الفوشيك وهو نوع من التدريب على التزامن الحركي، وتكلم أبو عياض عنها في محاضرته في جامع بالمركب الجامعي بالمنار سنسة 2012 وعبّر عنه بالزلزال ونصح اتباعه بانتظاره…
بعد كل هذا وإن تم تنفيذ مخططهم بنجاح سيتم التحول إلى الإرهاب الأسود ضمن النموذج الجزائري في العشرية السوداء، أي استهداف المدنيين. حينها سوف يتم تحريك داعش لتسيطر على طرابلس بدعم من داخل تلك المدينة لتمتد سريعا نحو تونس ضمن مجال من المناطق الحدودية وهو سيناريو يجب بحثه ودراسته والتوقي منه.
وضمن كل ذلك او بعده يتم المرور للجزائر وهي الغاية الكبرى.
هذا هو لب المخطط وخلاصته وفق ما أراه، قد يتم بعضه وقد يتم كله، ويمكن للدولة التونسية أن تمنعه وتوقفه. عبر مخطط مفصل يتم وضعه مع الاستعانة بالخبراء والمختصين من داخل أجهزة الدولة خاصة الداخلية والجيش، ومن خارجها، ثم التنسيق مع الجزائر ومع الدول الاوربية الكبرى على مستوى المخابرات وعلى مستوى منظومات الرقابة واللوجستيك والاستراتيجيا، وكذلك والسعي لحل الازمة الليبية سلميا، وبناء مشروع تصدي لخطر العائدين من بؤر النزاع، وتأسيس مشروع امن شامل وتقوية الامن القومي وتأسيس وكالة للأمن القومي، وتقوية المخابرات بكل ما يحتاجه ذلك، وتحفيز دور المجتمع المدني، وتوجيه الاعلام وجهة وسطية معتدلة تنشر القيم السامية وتقوي الحالة المعنوية للشعب وتساهم في الحرب على الإرهاب. ثم محاربة ثقافة الموت عبر الثقافة الهادفة، ومحاربة الحرب الحضارية عر منع أسبابها، والضرب بقوة على كل من يدعم الإرهاب، ونشر العقيدة السليمة مكان العقائد الفاسدة، ومنع الفوضى بقوة القانون وإيقاف الاحتقان الاجتماعي فورا. ثم قوة قانون وقوة إرادة سياسية ونجاعة وسرعة انجاز ودقة ووعي بحقيقة المخاطر.
دون هذا لن يكون بين أيدينا الا رزم من الكلام الفارغ، وسيتسمر الحريق وكل مرة عملية اعمق واخطر ورويدا رويدا تقع البلاد كلها في مستنقع الدم…أحذركم كما حذرتكم قبل العملية الأخيرة بشهر ، بل حتى ليلتها حين قلت: هذا الهدوء المريب لا يجب ان يخدع القائمين على الدولة، الحذر الحذر، فرب غفلة أوصلت إلى كارثة …وكانت فعلا غفلة خلّفت كارثة كبرى على مستوى عالمي وضررا فادحا …فرجاء حبا بالوطن اسمعوا الان قبل ان تبلغ البلاد ذلك المصير المرعب…ولو ان حكام تونس بعد الثورة سمعوا منذ البدء لما بلغنا هذا…فقط تفطنت للأمر منذ البداية…وكنتم عنه غافلين.
*أنشـر مع هذا المقال مقالا آخر حول علم النقاط الحيوية وفنها ومجال تخصصي فيها لمزيد الفائدة يمكن قراءته ضمن هذا الرابط:
https://www.mazencherif.com/ar/studies/literature_arts_studies/vital_points.php
*** إن حالة الشاب الذي قام بالعملية الأخيرة في القنطاوي تندرج ضمن ما ذكرنا: منحوه قيمة وجودية وهدفا وغسلوا دماغه جيدا وبرمجوه ودربوه وخدّروه ثم جعلوه يقتل بدم بارد ويموت على رصيف بارد ويمضي سدى طامعا في جنة لا ينالها قاتلا ولا مقتولا، وإن الإرهابي الحقيقي هو من برمجه…ولكن أليس كل هؤلاء الشباب المنتمين لداعش والذين سقطوا في الإرهاب هم من أبناء الوطن ومن ذخره وأكثرهم كان متميزا في دراسته، أليس هذا أيضا كارثيا في حد ذاته؟ فمن المسؤول؟؟؟
أحد روابط التحذير قبل شهر وانتشر إعلاميا على نطاق واسع، رغم ذلك رئيس الحكومة يقول عملية سوسة لم تكن متوقعة: مازن الشريف يحذر من عملية إرهابية ضخمة:
http://www.jawharafm.net/ar/article/مازن-الشريف-يحذر-من-عملية-إرهابية-ضخمة-/105/29057
رابط التحذير ليلة العملية في سوسة:
*فتح مساجد في الثكنات العسكرية: لكن على أي منهج؟ وهل سيكون فيها أئمة الوهابية مثلا؟ وما القيمة الاستراتيجية لذلك؟ رغم…
Publiée par الدكتور مازن الشريف Dr.Cherif MAZEN sur Jeudi 25 juin 2015