3 دقائق للقراءة
اللهم إني أتيت من مشقة طريق في ليل داج أصعد الجبل إلى قبر أم حبيبك، حبا لك، وإيمانا بك، وحبا لنبيك وتصديقا له ويقينا أنه أحب خلقك إليك، وأشرفهم عندك، وأنه المبعوث من لدنك بحقيقة لا إله إلا الله توحيدا وتنزيها، وبمقام رسول الله تبليغا واجتباء.
اللهم وما تجشمت هذا العناء ولا تكبّدت هذه المشقة إلا لعلمي ويقيني أن الأم نور عين ولدها، وأنك أنبأت عن لسان المسيح فقال “وبرّا بوالدتي”، وليس من ولد أبرّ بوالديه من رسول الله، ولا أحن منه قلبا وأرأف فؤادا، وهو من حُرم منهما وذاق مرارة اليتم.
وقد أتيت واثقا أن أم الحبيب لا ينبغي أن تكون إلا امرأة عظيمة، مختارة منك لتلك الأمانة، كيف لا وقد شرّفتها بأن تحمل في رحمها الطاهر أشرف خلقك وخاتم رسلك، فحبا لك وحبا لرسولك أحببتها ورغبت إليها، وعجلت إليك لترضى، فإن مرضاتك في وصل من تحبهم، وإن لك في خلقك وسائل.
ربي وإنك لتعلم أني ما أتيت قبرها عابدا لها ولا مشركا بك، بل سعيا في مرضاتك، وبرّا برسولك وبأمه، فاقبل يا رب مني.
اللهم وإن لي في رسول الله أسوة حسنة، وقد زار أمه في ألف من أصحابه وبكى وبكوا لبكائه، فأبان عن شديد تعلق الابن بأم فقدها وهو في السادسة من عمره، فكيف بمن جعلته رحمة للعالمين وهو خير الناس لأهله وأبرّهم بوالديهم وأحبهم لأمه التي لم تنجب سواه ولم تصحبه من العمر إلا قليلا.
ربي فبحب رسول الله أحببناها، وعرفنا قدرها، وزرناها اتباعا لهديه، ولا نرى في ذلك شركا ولا كفرا.
وحاشا أن يكون مصير من أنجبت خير الخلق النار، كيف تحرق النار من تكوّن أحب خلقك إليك فيها، وأنت الأوفى بالعهود، الحكيم المعبود.
فبان من ذلك أن من قال بعذاب والدي النبي حقود حسود جحود، فاسد اعتقاد مبغض لرسول الله وآله، نعوذ بك من شر ذلك ونحب رسول الله وأصوله وفروعه.
وأن كل حديث يروى عن النبي بهذا باطل، وضعه أهل الأحقاد وقتلة الأبناء والأصحاب والعم والأحفاد.
اللهم وقد علمنا أن لرسول الله عندك جاه لا ينبغي لسواه، فقصدنا قبره الشريف وضريحه المنيف ومقامه الأكرم تقرّبا إليك به.
ثم علمنا أنه يرد السلام ، وأنه لا يُرد له عنده محب مستهام، فتقربنا إليه بك، وبكل ما في قلبه من رحمة وما لديك من رحمات.
ثم علمنا أن رسول الله يحب أمه، وهل ينبغي أن لا يكون كذلك، فمضينا إليها في قلة قليلة ارتضتها العناية، حتى نقف بتلك الروضة ونسألك وندعوك ونرجو رضاك ورضى حبيبك، فإن ذلك يسعد قلبه الشريف، فاقبل منا.
ربي وقد علمت أصلي ونسبي، فإن رسول الله جدي، وإن آمنة أمي، ومن البرّ إن زرت جدي، أن أزور أمه وأمي، فهل يعتب علي إلا جاحد، أو يلومني إلا جاهل، أو يغضب من هذا إلا منافق.
فقني اللهم شر الجاحدين والجاهلين والمنافقين، واجعل بيني وبينهم برزخا.
واقبل مني زيارتي لأمي، حبا لها، لنورها ومقامها العظيم عليها سلامك، وكيف لا يكون سلامك على أم من عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
ربي فحققني بسرها ونورني بنورها، وكل عشاق ذلك النور.
سلام على آمنة وعلى أبيها، وعلى أجدادها الصالحين.
سلام على الطاهرة النقية أم خير البرية.
سلام على زهرة قريش زوج خير فتيانها عبد الله بن عبد المطلب.
سلام على قرة عين رسول الله والباب الأقرب إلى قلبه.
سلام على عظيمة المقام، وقد زرناها في داج من الظلام، وجلسنا عن قبرها الشريف والناس نيام، وقرأنا من القرآن وصلينا على خير الأنام، موحدين مسبحين مؤمنين لا نشرك بالله أحدا ولا نقتدي بإفك اللئام.
محبة لأمنا آمنة أم رسولنا عليه الصلاة والسلام.
المدينة المنورة
28/02/2019 16:32