3 دقائق للقراءة
هل يمكن للانسان ان يكون اكثر تشاؤما؟؟؟
يا له من امر غريب بحق
سيكون من الضروري أن ابدا حكايتي من منطلقها الأول بما انني واجهتكم بتشاؤمي الذي لا يطاق.
اسمي: ص
يوم ولدت، كان الليل معتما جدا، والريح صر، أصر أبي أن يكون صاحب شرف تسميتي، امي لم تقل شيئا، وجدي صر أسنانه من الغضب، كان قد اعد كل اسماء احفاده الموعودين، وبما أن الصوت لم يكن مسموعا والصمت لم يكن له من مبرر، فإن أبي صور لجدي وسط ضجيج العائلة المحتفية بالحفيد الأول ان الانسب ان يسميني ص، اختزالا لكل الاسماء التي تسكنها صفرة الذهب او صخب الموج أو صيرورات الأشياء… كان ابي فيلسوفا صامتا.
أول قصة حب، حتما تعرفونها، تولد من قصة في كتاب او لحن في اغنية او كلمة في قصيدة او من مجرد خيال عابر او ابتسامة لفتاة جميلة في عرس
عندما عبرت روحي ضفاف الحلم الاول وغنى قلبي طربا لأول أوهامه كنت قد تعلمت الدرس: السعادة فكرة…والحب خيال جميل
لم يعد بإمكاني تحمل خيباتي أكثر فبعد عشرين عاما من الحب والفشل، تعلم انك مجرد ملعون، لعنة الحب قديمة جدا قدم الصمت الازلي، وفي مساحات شاسعة من الخراب وجدتني اقترب كل يوم اكثر من معرفتها، حكمتي الضائعة، حكمة الوحدة الصامتة
وحيدا افنيت ايامي وأعوامي، وحيدا عبرت ضفاف العزلة الى ضفاف ابعد وابعد وابعد..حتى التقيتها ذات صرخة…كانت تصرخ بكل ما في حبال صوتها من خوف ..لم يكن الشارع فارغا، وكانت ترتدي فستانا ملونا بالوان الربيع، بياض مع زهور متناثرة هنا وهناك ترقص طربا وهي تعانق اجمل قوام، وكان يعبر مثلها الذريق مسرعا صامتا متخفيا حذرا لا يعبأ باحد، حتى راى حذاءها الكبير جدا يكاد يدهسه، فقفزر ماماه وقفزت رصختها من صدرها وتقافز الفستان جزعلا وجذلا، ولم تفتح عينيها الا وهي في حضن غريب، حضني انا، تحتمي به من عدو شرس تخشاه الجميلات، اسمه الصرصار…
كان صرصارا اذا من القاها في حضني اول مرة، وضحكنا كطفلين، بكت كغيمة طفولية، ثم ابتسمت كشجرة لوز مزهرة، وتعارفنا والتقينا ثم القتينا ثم صار للسيد ص اخيرا صوت وصفحة جديدة يملؤها الحب والامل..واصبح لها صفحات للرقص والعشق لا ينغصها الا صرير باب قد يحفي خلفه اكثر مخلوق تخشاه..ذلك الذي سبب تعارفنا
خوفها من الصراصير كان غريبا، وكانت تقول لي: اشعر انه ماكر ويفهم خوفي، فيصر ان يظهر لي كل مرة ، وقلت لها: امراة تخاف من صرصار، كيف تخيف دمعتها روحي وترج كلماتها اركان قلبي…لقد كنت واقعا في صفصف حبها، لا اصحو من سكري والا اصفو الا بها ومعها نتشابك كصفصافتيني في غابة الريح الاولى…صنوبرتان في صورة من صور العالم المترامي، تلك كانت صورتي الاولى معها، وصورتي الاخيرة ايضا، ونحن نتشابك كي نتلافي الوداع، انه مصير ص و ب..لم اخبركم..كان اسمها بـــ……
صـ….بـ…. هكذا كتبنا اسمينا على صفحات الحب الاولى، وحين صافحتني الايام بود، وصفح عني الزمان بفسحة، صرت أقرب مني ومنها، صدقت اننا سنكون وان اللعنة انفكت طلاسمها فاصخت بسمعي علّي أسمع وقع خطوات القدر وما يحفيه في صدره…وضربت صفحا عن النسيان.. قلت لها: أنجب منك ولدا، نسميه ر…ونكون عائلة رائعة..عائلة صـ….بــ…ـر صبر….ذلك كان حلمي، وبيت وبعض التفاصيل، ولكنها يوم رحلت فقدت الصبر، لم أصبر إلا ما يسمح به الهواء من شهقة الدمعة الراجفة….
كنت اكد في عملي لانسى، وكنت انشغل باي شيء لأنسى، كنت اتناوم لانسى وانام لانسى، ولم اكن انسى أبدا، إنها بـ..بلية روحي وبلاء قلبي وبلوى نفسي وبيت لوعتي وباب المي وبلاغة جرحي وبيان عشقي وبينات شغفي وبنت ذاتي وبوابة ذاكرتي….
عندما تركت العمل لكثرة سهوي فيه، وحين هجرت كل الناس لاني كنت اراها في كل وجه اراه، وبعد ان نزفت كل ما املك من صبر وطاقة ومال، وجدتني في غابة مجاورة لبيتنا، هنالك في لحظات من الالم والصفاء بدأت الكتابة، وأردت ان اعبر ضفة ألتشاؤم، لكن اخبار الحرب القادمة من هنالك، وأخبار المأساة الجاثمة هنا، كانت تحول بيني وبين كل بصيص أمل فجثم التشاؤم على نفسي كأنه جبل يجثم على حلم زهرة.
عام مضى، وصار شعري طويلا ووجهي كئيبا وصرت شبيها برجل الادغال، نحيلا كابتسامة البؤس واهنا كقلب الجبان، لكني لم افقد كل صبري، ولم تفقد ذرة من حبي لها.
من خلفي سمعت صوتا، تمايلت الاشجار كان بها مس من ريح، تهامست الاوراق مع النسائم وابتسمت الاغصان للغيمات، لغة الكون من حولنا قل ان نفهمها، سمعت عطرها، لم اصدق حواسي، لكنه كان يغزوني بكل طغيانه الأنثوي رايت ثوبها، ظننت أن ساحر العشق يخيل لي طيفها يسعى، لكنها قالت وهي تضمني: خفت ان ابقى انتظر رجوعك فجئت اليك، حتى الصراصير هجرتني منذ افترقنا، وكل ما اردته دائما، أن اكون شجرتك وغيمتك ولا ابالي,,,,
يا للنهايات السعيدة، لكنها وريقات أكتبها، انها مجرد احلام كاتب، حتى الاحلام التي نكتبها باتت مستحيلة ولو على الورق، فهل يمكن للإنسان ان يكون اكثر تشاؤما ؟؟؟
الكاف
29/07/2012 05:12:12 م