2 دقائق للقراءة
قِفي قَليلاً عَلى جُرْحِي ودُلِّيني
أنـَّى الـمَفرُّ فهذَا الجُرْحُ يُدْمِيني
ماذا أقولُ وكيفَ الحرفَ أُنجِدهُ
والجرحُ يتبعُني مِنْ بَدْءِ تكْوِيني
جُرْحَ العراقيِّ أشْكُو أَمْ تُرى وجَعِي
جُرْحُ الدِّمشْقِيِّ أَمْ جُرْحُ الفِلسْطِيني
أَمْ لليمَانيِّ نزْفُ الجرْحِ يسألُه
ما للعُروبَةِ بالأوجَاعِ ترْمِيني
قِفِي طويلاً فهذَا الأمْرُ حيَّرنِي
لكأنني وجَعٌ مُذْ نشْأَةِ الطِّينِ
في صرْخَتي أَلـمٌ لله أرفَعُهُ
كالصَّوْتِ أسْـمـَعُهُ دومًا يُنَادِيني
وَوُجوهُ مَنْ ظَلمُوا لكأنَّ ما علِمُوا
أنـِّي الشَّقِيقُ لهمْ في الأرْضِ والدِّينِ
وكأنـَّمَا عبدُوا غيْرَ الإله فَهُمْ
قَدْ قَدْموا جسَدِي بينَ القَرابينِ
ونظرْتُ في وجَعٍ للأرضِ إذْ صَرختْ
هدُّوا تواريخِي باعُوا نيَاشِيني
مسكينُ مَنْ خدَعُوا إذ قولُهُمْ خُدَعُ
وحرابَهُمْ زرَعُوا في ألـْفِ مِسْكينِ
وأنا الَّذِي هدمُوا بيتي ومَا رحِمُوا
بالْباطِلِ اقْتَحَمُوا يا للْمَلاعِينِ
فلجَئْتُ مرتحِلاً بالحزْنِ مُكتحِلاً
لا أُفْقَ يعرِفُني لا سَقْفَ يُؤْويني
خلْفِي أرى شعْبا قَدْ مزَّقوه فلاَ
هُمْ أنجدُوهُ وقَدْ باعوهُ في الحينِ
ناديتُ ما سَمِعوا جيرانُ أعْرِفُهمْ
إذْ صرخَتي وصلتْ للهنْدِ والصِّينِ
ودعوتُ مُعتَصِمًا فعساهُ يغْضَبُ لي
أو عَنْترَ العبْسِي بالعَونِ يأْتِيني
وسعيْتُ أطلُبهُمْ هبُّوا لنجْدتِنَا
في غيْهبٍ سَمدُوا والرأسُ في الطِّينِ
وشيوخُ مَكْذَبةٍ لله ما عَرفُوا
بالدِّينِ قَدْ نَصَرُوا ظُلْمَ السَّلاطِينِ
حُضْنِي احْتَوى ولَدِي في حُرْقَةِ الكبِدِ
والْمَاءُ يَدْفَعُنِي طَوْرًا ويَطْويني
واللَّيلُ في غُصَصٍ كمْ قصَّ مِنْ قِصَصٍ
والـمَوْجُ مُرتفِعٌ حولي يُحَاذِيني
والـمَوتُ مُنتظِرٌ في لـُجَّةٍ ولهُ
في قلبه ولَهٌ يغزُو شَراييني
قَدْ كان مركِبُهمْ في البحْرِ مِشْنَقةً
للحتْفِ ظَامِئةً فِي حِقْدِ صُهْيوني
تلْتفُّ تخْنُقُني أطْفو فتُغرِقُني
والـماءُ يُحرِقُني والبرْدُ يَكويني
في أبْيضٍ جُثثٌ سوْداءَ يقْبُرُها
لا صوْتُ حورِيَّةٍ غنَّت لتَسْبِيني
وهفتْ بيَ صُوَرٌ للأرْضِ أزْرعُها
والحقْلُ مبتهجٌ بالزَّهرِ يغويني
والشَّامُ أعشقُها ما كنْتُ أترُكها
لولا مجازِرُهمْ للموْتِ تهْدِيني
ورأيتُ في جزَعٍ طِفْلي على وجَعٍ
في الـماءِ مبتْهلاً لله يُنْجِيني
وذكرْتُ ضِحْكَتهُ فرَحِي بـِموْلِدِه
إذ أمُّهُ ابتسَمتْ مثْل الرَّياحينِ
سَمَّيتُهُ وطَني ومنَحْتُه زمَني
أَورَثْتُه مِحَني ومضَيتُ أبْكِيني
يا زهْرةً غَرِقتْ في اليَمِّ قَدْ غَرِقُوا
في لعْنةٍ أبدًا كلُّ الشَّياطِينِ
سوسة 02-09-2015 21:58:42