9 دقائق للقراءة
يمارس الملاحدة اليوم لعبة ذهنية مفادها أن عدم وجود إله مسلمة علمية لا يجادل فيها إلا جاهل، دحضا لقول المؤمنين: وجود الاله مسلّمة قلبية لا يجادل فيها إلا كافر.
وهم يضعون الحقائق العلمية العقلية في مواجهة الايمان القلبي الغيبي، ثم ينثرون ادلتهم في البيولوجيا والكونيات ليثبتوا ان العلم تحقق “بدقة مذهلة” من أن كل شيء أتى من لاشيء بمصادفة وعشوائية وتطور اعمى، لا اكثر، او من جاذبية واكوان موازية خرج منها كون منظم بعد مليارات المحاولات الفاشلة، بمجرد مصادفة عشوائية لا اكثر، تماما كقدرة القردة على كتابة مسرحيات شيكسبير بعد ملايين المحاولات وفق طرح زعيم الملاحدة الجدد ريتشارد داوكنز.
والان سنناقش وفق منطق الملاحدة نفسه ونعكس السؤال من: كيف تقولون انه لا وجود لاله، الى: ماذا لو يكن هنالك اله، وكنا جميعا مخطئين، وصدق الملاحدة، اكيد خبر سيسعدهم كثيرا، للحظات.
يقر جميع العلماء -بما فيهم الملاحدة- أن كل شيء ناشئ، أي لم يكن له وجود ثم نشأ وظهر، بداية من الكون الذي لم يكن سوى عدم أو لا شيء، “وفجأة كانت المعجزة” كما يقول دوكنز صاحب كتاب “وهم الإله”، ومن رحم اللاشيء وُجد كل شيء، من مفردة كونية أولى تجمع القوى كلها (النووية الضعيفة والثقيلة والكهرومغناطيسية والجاذبية) وتنفجر بسرعة تفوق مليون مليون مرة سرعة الضوء وفق تقدير بعض منظري الفيزياء الكونية (سرعة لن تتكرر مطلقا وفق حسابات آينشتاين الذي لم يقبل وجود تواصل أو تشابك كمي بين الالكترونات يفوق سرعة الضوء وسماه بالاتصال الشبحي رغم برهنة علماء آخرين عليه في فيزياء الكم).
الإنسان أيضا والكائنات الأرضية كلها لم يكن لها وجود، كانت الأرض كتلة من اللهب ثم طوفانا من المياه والحمم واصدطم بها القمر ثم انفصل عنها، ونتجت عن مجرة كانت قبل ذلك مجرد غبار كوني وكتل حرارية عالية وكانت قبل ذلك نجوم عملاقة أولى انفجرت وصهرت في داخلها المواد التي سيتشكل منها الكون لاحقا، وكان كل ذلك في البداية مجرد هكزونات وهكزونات مضادة تتصارع حتى كانت نسبة الهكزونات أعلى قليلا وتولد من ذلك مجرات ضمن نطاقات من المادة السوداء.
بعد ذلك كانت بكتيريا في الماء، أو خلايا أحادية، ثم مخلوقات مائية، ثم تطورت وفق الفهم الدارويني الذي تلاعبوا به لينتج عنه ليس التطور فحسب بل ثبوت عدم وجود إله وفق البيولوجيا. وهنا يكون دور دوكنز الذي تحدث عن صانع الساعات الأعمى ردا على برهان صانع الساعات وأصحاب نظرية التصميم الدقيق أو الذكي الذين يرون دقة المصنوع مثبتا لدقة الصانع.
دوكنز لا يرى سوى صانع ساعات أعمى وتطور شرير لا يختار سوى الأقوى وانتخاب طبيعي وطفرات جينية عشوائية أوصلت الإنسان إلى حالته هذه بعد سلالة من الأجداد المتصلين بالقردة والأوليات الكبرى وصولا لجد مشترك لجميع الكائنات الأرضية في تطور لخلية أحادية.
الكون نفسه في نظر هوكينغ الذي انضم إلى نادي الملاحدة بعد أن كان يؤكد أن الكون برهان على وجود الخالق، يقول وهو يسدد ضربته القاضية للإله كما عبر عن ذلك، أن الجاذبية هي سر كل شيء، والكون يمكنه أن يخلق نفسه بنفسه من خلال الجاذبية، ولعل عجزه عن ضم الجاذبية إلى نظريته (ام) بعد ضم القوى الأخرى (النووية الشديدة والضعيفة والكهرومغناطيسية) في نظرية واحدة وقانون واحد، لعل ذلك العجز جعله يعتقد أن الثقالة أو الجاذبية لها قوة الخلق، ولكنه تصور ملايين الاكوان الموازية الفاشلة التي نتج منها عشوائيا وبمحض المصادفة كون متناسق نشأ فيه كوكب واحد مناسب لوجود حياة وكائنات تطورت كلها ليكون لهوكينغ وجود وعقل وعلم يوصله إلى أن الكون صنع نفسه بنفسه عبر الجاذبية، وما من إله، بكل بساطة.
سوف نسلّم جدلا بصحة كل ما يقولونه: ليس هنالك إله. وننطلق من البداية.
لم يكن شيء، ثم كان شيء، تولّد منه كل شيء.
حين تسأل الملاحدة: كيف تحول اللاشيء إلى شيء، يقولون لك: هكذا.
وحين تسألهم: ماذا كان قبل الشيء، يقولون لك لاشيء، فتسألهم: وكيف بدأ اللاشيء في التحول إلى تلك المفردة الأولى الصغيرة جدا (فوق ما نتخيل) التي انفجرت لتكون كل شيء. يقولون لك: العلم لا يجيب عن أسئلة البدايات، فذلك متروك للفلسفة.
لكن العلم في جوهره إجابة عن جميع الاسئلة، واقتحام لجميع المجالات، فما الحرج والضرر هنا، ولماذا التهرب من الاجابة؟
لنفترض أن ذلك العدم كان عدما مطلقا مُطبقا، لاشيء، صفر مكان، صفر زمان. صفر موجودات. يمكننا تصور ذلك، طبعا عقولنا غير مبرمجة على تصور العدم، فنحن مبرمجون على عالم ثلاثي الأبعاد بجهاته وألوانه ومادته، مع ضبط زمني يتناسب مع قدرتنا على الوعي.
إذا العدم بقي عدما لـ….لكن لا يمكن قياس الزمن لأن الزمن لم يكن موجودا حينها، إنما متى قرر العدم التحول إلى وجود، ألا يحتاج ذلك لزمن موضعي، نقطة معينة قبل وجود تلك المفردة الأولى للوجود.
ثم ظهرت المفردة بتلك الكتلة الرهيبة التي تعادل وتفوق كتلة الكون، وفيها تجتمع القوى كلها، مع صغر متناه يجعل الجزيئات الكمية (الكواركات والهكزونات وما دونها) مجرات بالمقارنة معها.
كيف تمكن العدم من توفير بذرة أعقد مما سيأتي بعدها، إذا أقررنا بالتطور اللاحق. وكيف تم توفير زمن جزيئي تكون معه الثانية الواحدة كمليار سنة ضوئية، وسرعة تفوق ملايين المرات سرعة الضوء، تتشكل فيها الجزيئات التحت ذرية ويتم النسيج المكاني الشاسع ويتولد الزمن المتباطئ بمليارات السنوات حتى يصل الكون لحالته الحالية ويتم إعادة ترتيبه بعد الفوضى والعشوائية الأولى، إن صح وجود عشوائية.
كل هذا سيعني شيئا واحدا: العدم إله.
نعني الإله هنا صاحب القدرة على تفعيل الوجود، وبما أن كل شيء تم من لاشيء دون تدخل أي شيء خارجي، فاللاشيء هو الفاعل، لأنه السابق، والمحتوي لوجود الشيئ فيه، فهو إله بهذا المعنى. فهل يقبل الملاحدة بذلك.
لنقدم طرحا آخر لواحد من أهم العقول الفيزيائية الكونية: ستيفن هوكينغ: الكون خلق نفسه بقوة الجاذبية.
الجاذبية إذا كانت مع اللاشيء، أو هي قوة كامنة في العدم، ومنها تم وجود هذا العالم، وعليه تكون الجاذبية إلها.
ذات الأمر مع الكائنات: فجأة ودون سابق انذار حدث ما سموه بالانفجار الكمثيري، وجود أعداد رهيبة من الكائنات المختلفة وما تحويه من تعقيدات ونظم، تطورت حتى صار الانسان إنسانا، وبما أن دارون لم يكن يعرف تعقيدات الخلية المفردة، فقد ظن التطور حول الخلية إلى ما هو أعقد وأكبر، والحقيقة أن الخلية أشد تعقيدا.
كل شيء نسيج ذري، والاختلاف بين نسيج ذري مادي ونسيج ذري حيوي اختلاف كبير في الطبيعة والفاعلية، وسبب ذلك الاختلاف وتلك الطفرة مجهول تماما. إنها الروح التي تعطي الكائن والخلية الحية حياتها، والطاقة التي تنظمها، والبرمجيات الجينية التي تشكلها، تعقيدات لا تحصى، وقوى رهيبة في ما يبدو صغيرا لا قيمة له، كمحرك ذيل البكتيريا الذي يعد وفق أحد العلماء أقوى محرك في الكون.
إذا ما الذي حول الذرات إلى نسيج خلية حية، وما الذي صنع الحمض النووي، وما الذي حول القرد إلى إنسان، الجواب بسيط إن كنت ملحدا: الطبيعة.
الطبيعة عبر الانتخاب الطبيعي والتطور الأعمى فعلت ذلك، وهي إذا صاحبة الامتياز هنا: إنها الاله.
وبين إله الطبيعة الذي أوجد الخلية والكائنات الحية، وإله الجاذبية الذي اوجد الكون، أو إله العدم واللاشيء، توجد آلهة أخرى: من صنع اللغة والعقل والمعاني الحسية والخيالات والاحلام، إنها ملايين الآلهة.
مسألة أخرى نحب مناقشتها مع الملاحدة حول العشوائي والمنظم.
الانفجار العظيم الأول ولّد فوضى، والنجوم حين تتشكل في هالات من الغبار الكوني والغازات والحرارة العالية وتشكل مجرات تدور بسرعة هائلة ضمن عشوائية تحيط بها مادة سوداء وقد تغيب في ثقب أسود بعد ذلك، ولعلها تسافر في الزمن كما يحلو لخيال آنشتاين والحالمين بالسفر في الزمن.
كل هذه العشوائية ما الذي نظّمها ورتّبها بهذا التوازن المداري وتلك الجاذبية المذهلة والقوانين الذرية الرائعة والكاملة بحسابات دقيقة ورياضيات فوق التصور.
إذا عودة العشوائي الى المنظم يكون بقوة منظمة لا عشوائية، والنظام عقل خارق مخترق لكل النظم ومسيطر على العشوائية. وعليه فالقوة التي تقوم بالتنظيم وتشرف عليه هي قوة فوق ذلك، متجاوزة لذلك وتراه كله من أدناه إلى أعلاه، وفيزياء الكم تشير إلى تأثر الالكترون بزاوية النظر واختياره لوضع وموضع ومحور دوران وفق النظر، فكيف تشرف قوة عمياء على كل ذلك، لابد أنها تنظر وتؤثر في الكون وكل تركيباته من خلال ذلك. أليس هذا قريبا مما يسميه المؤمنين بالإله، ألا يكون النظام إلها آخر، أو هو قوة فوق جميع القوى التي تم التعرف عليها أو تصورها، فوق القوى النووية والثقالة وحتى المادة السوداء والثقوب السوداء الهائلة، والأكوان الموازية أيضا، التي ستعني قوة أكبر للاشراف والتنظيم وعدم تداخل الاكوان وابعادها وأزمنتها. وعلى الملاحدة أن يبحثوا عن آلهة لكل هذا، نعني قوى مهيمنة، وحين يقول نيل تايسون بكل غروره المعرفي الواهم: الرب مجرد سد لثغرات يكشفها العلم تباعا، نقول له: كم عدد الثغرات التي سدها فكرك وعلمك وعلم البشرية اليوم: هل فهمت فعلا آليات النيوكلوتيد والحمض النووي، وكل خصائص الذرة والعوالم الكمية والكون…يا لك من كاذب بارع.
وفيما يخص “العشوائية”التي يرجع إليها داوكنز طبيعة التطور، ويرجع إليها علماء الكونيات طبيعة التشكل الكوني، نسألهم: عشوائية بنظر مَن: الناظر داخل النظام، أم الناظر من خارجه.
فحين ننظر لأية حركة عشوائية من خارجها، سيكون الأمر مختلفا تماما عن النظر من الداخل، ثم النظر وفق آليات البصر والوعي البشري وحدوده البعدية المكانية والزمانية نظر لا يحمل كل الحقيقة: هنالك زوايا أخرى وأبعاد لا تدركها العقول الآدمية مهما بلغت ومهما استعانت بالذكاء الرقمي. الوعي البشري محدود. والنظر للعشوائية الكونية أو سيرورة العشوائية التطورية لا يعني انها عشوائية فقط، بل ما تم التعبير عنه فلسفيا بالبداهة خادعة (وفق وصف الفيلسوف هيدغير).
إذا كل هذا يضع الفكر الالحادي في ورطة، فنحن سواء آمنا بوجود إله أم لم نؤمن، نواجه قوة غامضة قامت بانبثاقات الوجود الكوني والحيوي، وأشرفت وتشرف عليه، وليس كما يدعي آينشتاين أن الخالق خلق ثم ترك ما خلق لحال سبيله وجعل فيه نظما مستقلة، من أخبره بذلك؟
قوة أقوى من تلك المفردة الأولى التي لا يمكن تصور قوتها وكتلتها.
قوة أقوى من اللاشيء الذي كان فيه الزمان عدما والمكان عدما.
قوة أكبر من الثقوب السوداء التي تبتلع المجرات بملايين النجوم أكبر من شمسنا كما تبتلع دوامة البحر زورقا صغيرا.
قوة ترى كل الذرات وجزيئاتها وتتحكم في الالكترونات ونظمها العجيبة وما دونها.
قوة تتحكم في تطور الخلايا والكائنات، وإن كانت تفعل ذلك فما الذي يمنعها من أن تخلق آدم وحواء بشكل منفرد، أم أن تطور القرد لبشري أمر أكثر سهولة ولا يحتاج لإله، وعلينا أن نقبل به ونرفض قصة جد البشرية فقط لأن الدين ذكر ذلك، عنادا لا غير.
قوة كبرى، صنعت من اللاشيء شيئا، مهما كان الشيء بسيطا، فكل تقنيات العلم اليوم والمعارف البشرية لن تتمكن من إيجاد شيء من لا شيء، وكل النظريات لا يمكنها تحويل المعادلات والأرقام والقوانين إلى وجودات فعلية، لكن الملاحدة يوهمون الناس أن الامر كذلك.
هذه القوة يمكن أن نسميها شجرة العنب، أو القط الأسود، أو مكنسة الساحرات، لا تهم التسمية: عشوائية، تطور، مصادفة وجودية، جاذبية، انتخاب طبيعي، صانع ساعات أعمى، المهم هنالك من فعل ذلك وما زال له سلطان على ما فعل، فالمنطق يقول ذلك.
حين أقول لك: هنالك آيفون، ستقول لي: من صنعه، ولن تصدقني إن قلت لك أن اللاشيء تمخض ذات يوم عن آيفون فيه كل تلك البرمجيات. وسوف تسخر مني إن أخبرتك إن الطاولة في بيتي أنجبت آيفونا. أو أن الكأس تطور بعشوائية ومصادفة إلى آيفون. أو أنه تم انتخاب طبيعي لمجموعة من أواني الطبخ ليتحول أحدها إلى آيفون بعد ملايين السنين.
وحين ترغمني على قبول وجود صانع للآيفون ومبرمج له، فهل سترفض قبول إشراف الصانع على مصنوعه، وعلمه الدقيق بالبرمجيات، وقدرته على صناعة نماذج أخرى مستقلة مع قواسم مشتركة (كالتي بين الشامبانزي والانسان)، أم ستقول لي: صنعه وفقد السيطرة عليه، أو صنعه ومنح القدرة على التحكم لغيره، او أنا المتحكم الآن لأن الآيفون لدي، هنا ستعلم حين يتعطل الآيفون أنك لا تفقه من أمره شيئا، وستحتاج إلى الرجوع الى الصانع أو الخبير ليعيد تشغيله، أو يقوم هو بتشفيره ببرمجية لم تكن تتصور وجودها. أليس الأنبياء خبراء علمهم الصانع أسرار الصنعة كما لم يعلم سواهم من البشر. مجرد سؤال.
لنعد إلى الكلام الذي انطلقنا منه.
الإله = الصانع المهيمن بشكل مطلق، الذي سبب الأسباب من البداية ويشرف عليها.
لا وجود لإله: فقط لاشيء تحول صدفة لشيء= الصدفة مهمينة بشكل مطلق= الصدفة إله.
لا وجود لإله: عدم تفاعل ليكون منه نسيج كوني بدأ من مفردة، ونسيج زمني بدأ مع تلك المفردة= العدم مسبب للأسباب مفعل للوجود = العدم إله.
لا وجود لإله: التطور الأعمى نتج عنه تحول الخلية إلى ثديي والقرد إلى بشري= التطور له قدرة الفعل في الكائنات بدقة متناهية مستمرة= التطور إله.
وهكذا يمكننا بناء مصفوفة كاملة لكل التفسيرات التي يقدمها الملاحدة لنخرج لآلاف الآلهة.
ونرجع لطرح السؤال عليهم: من اين أتى كل هذا؟ مصادفة، من فعّلها؟تطوير، من نظمه وسيره؟
عشوائية عمياء: كيف انتظمت وأبصرت؟
من لا شيء: كيف انبثق الشيء من اللاشيء؟
كيف تحول العدم الى وجود، والصفر الى واحد؟
وكيف تفاعل الواحد مع ذاته لتتولد اللانهائيات؟.
وعليه فسوف نطلب منهم إجابات جديدة، لأن الأجوبة القديمة خرجت بهم من إله واحد إلى جيش من الآلهة كما في الأساطير القديمة، أو مجموعة من الخارقين كما في أفلام مارفل، والمنطق يفرض وجود أقوى بينهم، سابق لهم، مشرف عليهم، وأن كل الأرقام مهما تعددت فهي ترجع لرقم واحد، كما ترجع كل الكائنات إلى حتمية وجود كائن أول، وكل ما في الكون إلى حتمية مفردة أولى.
لنرجع إلى قصة الآيفون: لو لم يكن هنالك آيفون، فسؤالنا هو: لماذا لا يوجد آيفون؟
والجواب: لأنه لا أحد صنع الآيفون، وغياب الصانع يعني غياب المصنوع.
وعليه فعدم وجود كون سيعني حتما عدم وجود مكوّن.
هل صانع الآيفون سابق في الوجود لما صنعه: حتما نعم، وبمراحل.
فكيف يتصادف أن يكون موجد الوجود: الجاذبية مثلا، يوجد بعد وجود المفردة الأولى التي تمثل جاذبيتها أضعاف الجاذبية الكونية الحالية.
وكذلك التطور والنظم العشوائية التي يفسرون بها وجود الكائنات كانت بعد وجود الخلية نفسها. ثم حين تسألهم ماذا كان قبل ذلك يقولون لك هذا سؤال غير علمي، اذهب إلى الفلاسفة، فأي علم هذا؟ أليس هذا دجلا مغلفا بالعلم، وعنادا أحمقا؟
إن الجواب بسيط جدا ولا يحتاج كل هذه الطرق الملتوية: لو لم يكن هنالك خالق، فلن يكون هنالك خلق. وما دام هنالك خلق، فهنالك حتما خالق.
يقينا إن الملاحدة يؤمنون في أعماقهم بوجود الخالق، ويقينا إن العلم الذي بين أيديهم دال بلا شك على وجود خالق، ويقينا إنهم يكذبون.
فسبحان الذي خلق الخلق، وسبحان الذي أعجز المعاندين وحطم غرور الجاحدين، وصدق الله العظيم حين قال في وصف حال الملاحدة وأضرابهم: “وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)” (النمل).
سوسة
الخميس، 04 رمضان، 1440 هـ / 09/05/2019 01:40
# الدكتور مازن الشريف، الملاحدة، رد على الالحاد