كلمة الشيخ عبد الفتاح مورو رئيس مجلس النواب في تأبين رئيس الجمهورية محمد الباجي قايد السبسي رحمه الله كانت عميقة بليغة مؤثرة، امتزجت فيها القدرات الخطابية الكبيرة لخطيب مفوّه ومحامٍ فذّ، مع فيض إحساس صادق عبّر عن محبة كبيرة وتأثر عميق، لرجل سار خلف جنازة الراحل وشيّع جثمانه مشيا رغم طول المسافة والشمس الحارقة، تنفيذا لوصيته، ومحبة وحزنا.
وقد كانت الكلمة موشّاة بأبيات من الشعر:
يا تونس الخير يا عزّي ويا تاجي
إني دعوت بقلب المؤمن الراجي
حزنا أعزّيك في خطب ألمّ بنا
إذ قبضة الموت مثل المظلم الداجي
في القائد الفذّ يوم الشعب ودّعه
في وحدة الصف أفواجا بأفواجِ
فطن حكيم كريم الخلق ذو أدبٍ
سمح السجيّة ذو فهم ومنهاجِ
قد قدّم العمر إخلاصا لموطنه
رحم الإله رئيس بلادنا “الباجي”
وهي ابيات كنت ارتجلتها خصيصا للمناسبة، لينالني شرف إلقائها من الشيخ مورو في تلك اللحظة المؤثرة والتي سيسجلها تاريخ تونس، لأنها جسدت قوة الدولة ومدنيتها وحضارتها القديمة المتجددة الضاربة بجذورها في أعماق الزمن، والتي تنظر للآتي بثقة رغم كل شيء. كما جسدت مشهدا من مشاهد الصلة الوطنية التي تتجاوز الايديولوجيا وتسمو فوق السياسة والمناصب، لتكون تعبيرا انسانيا متونسا لامس قمة الرقي والوفاء.
رحم الله محمد الباجي قايد السبسي رئيسا وإنسانا ورجلا وطنيا أصيلا.
وبارك في عمر الشيخ مورو الذي تربطني به اواصر متينة، وفي كل أحرار تونس وحرائرها، وكل من تمكن من فهم الحقيقة: أن الوطن يسع الجميع، وأن علينا جميعا أن نحافظ عليه، وأن نساهم في بنائه، وأن نفي لكل الذين أفنوا أعمارهم في خدمته.
عاشت تونس.