3 دقائق للقراءة
كلما حفرت عميقا، أو حفر سواي من الباحثين الجادين والناصحين الصادقين، في اركيولوجيا الامة، تاريخها وكتبها وما وصل الينا من معلومات واحاديث وقصص، وخاصة موضوع ال البيت والامام علي وما اصاب الامة منذ أيام النبي الاخيرة الى اليوم، في محاولة صادقة لفهم العلة والكشف عن الحقيقة لعل ذلك يكون سبيلا لاصلاح الحاضر الذي ما يزال رهين الماضي، دون مزايدة مذهبية او دعوة للتمزيق او محاولة “تحطيم مذهب اهل السنة” ومنح “التشيع” غطاء علميا تاريخيا، كما يحلو للبعض أن يردد.
كلما فعلت ذلك قال لي الكثيرون:
انت تسبب نزيفا في الامة…انت توقظ الفتنة.
هل كلمة اقولها تفعل كل ذلك؟
ثم هل نامت الفتنة كي أوقظها؟
وهل توقف النزيف يوما؟؟؟
الفتنة من حولنا…في الشام والعراق واليمن وليبيا وافريقيا…
في داعش والوهابية وجهلة الصوفية وغلاة الشيعة.
الفتنة في الملاحدة والشواذ وعبدة ابليس، وفي المدمنين والفسدة. وفي أدعياء النبوة الكذبة على الناس، مثل البهائية والقاديانية، وفي اللصوص والخونة والصهاينة واذنابهم.
الفتنة في الاعلام والغذاء والنشأ والتعليم والمسلسلات الداعرة في رمضان وغيره.
الفتنة في السقيفة وفي خبر مالك بن نويرة وفي قتل عمر وعثمان وعلي والحسن.
الفتنة في الجمل وصفين ورفع المصاحف.
الفتنة في الوضع والدس وتحريف الدين.
الفتنة في كربلاء والحرة ومجازر بني امية.
الفتنة في صلب الإمام زيد بن علي السجاد وتركه شهرا، وفي الحجاج وتدمير الكعبة بالمنجانيق والختم بالنار على رقاب الصحابة. الفتنة في ما فعل بنو العباس بال الامام الحسن وقتلهم مئات الالاف للسيطرة على الشام ومصر.
الفتنة في فخ ومجزرة أخرى في حق آل البيت، وقتل محمد النفس الزكية وفرار جدنا المولى ادريس.
الفتنة في قتل آلاف العارفين وأكابر الصوفية (كالحلاج والسرهوردي وابن عربي وابن مشيش) والعلماء والمحدثين والمؤرخين والأدباء (ابن المقفع والنسائي والطبري وسواهم..) لتآمر الحاكم أو لحسد فقيه فاسد أو مجرم وضيع، أو لأجل محبة آل البيت (ما لا يمكن أن يحصيه قلم).
الفتنة في فتنة الحنابلة وفي ابن الراوندي (اليهودي الذي ادعى الاسلام واخترق كل المذاهب الاسلامية) ومدرسة القراء اليهودية وابن تيمية والقتل لاجل الاختلاف.
الفتنة في البرامكة والسلاجقة وشجرة الدر والمماليك وسلاسل القتل والنحر والذبح والسحل والإبادة .
الفتنة في تصارع الدويلات في المشرق والمغرب، في جنكيز وهولاكو والدماء التي صبغت دجلة والفرات، ومآت آلاف الكتب التي داستها الخيل في شوارع بغداد.
الفتنة في الاندلس وخيانة الامراء وفتنة الجواري ومغادرة الحمراء.
الفتنة في الحروب الصليبية وذبح مدن بأكملها باسم الصليب.
الفتنة في حكم ال عثمان وفي القتل للاخوة والاهل ليحكم سمو السلطان المعظم، وفي الحروب والمجازر وسياسة التفقير والتجهيل ونشر الشعوذة والعقم.
الفتنة في مجازر ابن عبد الوهاب في مكة والمدينة واليمن والعراق وسائر الحجاز والقتلى بالملايين منذ ظهورهم إلى اليوم.
الفتنة في مجزرة الارمن والحربين العالميتين والاستعمار وما فعل حتى ان ليبيا ابادوا ثلث سكانها.
الفتنة في تزييف استقلال معظم دولنا وسيطرة الطغيان والظلم واللائكية التي تمقت كلمة “إسلام”.
الفتنة في تدمير شعوب وتسميم غذائها وهوائها ومائها ودوائها وتلويث عقول شبابها ونشر الفساد فيها والانحلال والتطرف.
الفتنة في الربيع العبري وما بعده من مآس.
الفتنة في فلسطين وغزة والقدس منذ قيام دولة العدو ومجازرهم بحق أصحاب الأرض المباركة إلى اليوم، في خيانة الكثير من حكام العرب، في نقل السفارة وبيع الدول العربية وتسليم أموالها لراعي البقر المتعجرف.
الفتنة في ألف ألف شيء وحدث وتاريخ ويوم وساعة.
لا يقول لي احد ان ذكرت مسالة جوهرية اصمت لا تثر الفتنة.
انتم ونحن غارقون في الفتنة حتى يظهر المهدي، ثم تجيء بعد ذلك فتنة الدجال.
الفتنة قدر آدم وبنيه إلى قيام الساعة، بعضهم لبعض عدو، قدر البشرية عامة والعرب وبني اسرائيل خاصة.
واجهوا الفتنة بالوعي، بالنبش في الماضي والكلام العميق في كل شيء.
واجهوا الفتنة بالانتصار للحق، وبالحوار الهادئ، وبتقبل احتمال ان كثيرا ممن سبقونا اخطؤوا أو ظَلموا.
واجهوا الفتنة بالاعتراف ان ال البيت ظُلموا كثيرا وان تلك نكبة الامة الكبرى.
بذلك فقط تنام الفتنة ولو قليلا، في انتظار الخلاص.
الخميس 19/07/2018