كتاب التوسل هو خامس كتب المشكاة. كتاب قيّم فيه توسّلات بوسائل الله إليه. وهو باب عظيم لا يلقّاه إلا ذو حظ عظيم.
وهي لمن له قلب ولم يشبه في أمر التوسل عمى، هدية من قلب يرى.
وهذه مقدمة الكتاب:
﴿ یَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِیلَةَ﴾[1]
الحمد لله الذي جعل إليه أبوابا، ووسائل وأسبابا. غير مشارَك في ألوهيته ولا مُزاحَم في ربوبيته. من رحمة من لدنه وفضلا.
والصلاة والسلام على أعظم الوسائل إلى الله وأخلص المتوسّلين بأهل الله لله. وهو وسيلة الله العظمى وباب القرب الأكبر.
وعلى آله أسباب كل خير ووسائل كل خير.
وبعد: فالتوسل باب عظيم، لا يرده إلا ذو حظ عظيم. ولا يصدّ عنه إلا معتلّ سقيم، ومختلّ عقيم.
ووسيلة رسول الله قائمة بربه لربه حال حياته القديمة في الطّور الأول روحا وذاتا، وحال حياته الكريمة في الدنيا، وحال حياته الروحية في البرزخ، ويوم يحشر الله الخلق إليه ويوقفهم لديه.
وهذه الوسبلة من الله لله بالله. فالله وهبه ذلك المقام الرفيع والركن المنيع ليكون بابا لرحمته ووسيلة لعطائه وعفوه وكرمه.
وما كان للنبي ورثه آل بيته على قدر، كلّ ومقامه، ثم الصالحون كلّ ومقامه، وهو من قبل للأنبياء كلّ ومقامه، ولكل السائلين على الله الذين توسّل بهم وسيلة الله العظمى وهم دونه فقال اللهم بممشاي إليك وبالسائلين عليك.
وهي أبواب من عرفها فقد عرف، ومن أتاها فقد غرف. ومفاتيح لبركات الدنيا ولجنات وغُرف. فياله من شرف وما أعظمه من شرف، أن أكون من المتوسلين لله برسوله وآل بيته والصالحين، وبالأصول والفروع المحمدية وبالذوات النبوية والأرواح العلوية والملائكة القدسية وبما جعل فيه الله سرّه ونوره وبركته من العرش إلى الفرش.
فهذا كتاب في بعض ذلك ضمن مشكاة فيها مصابيح كل مصباح كتاب، وفي كل كتاب أنوار وأسرار وبركات، من سر زيتونة لا شرقية ولا غربية، وأنوار مزارات وزيارات، وطواف بالبيت الحرام ووقوف في مقام هو عند الله خير مقام، كيف لا وفيه خير الأنام، جسدا لم يتسنّه، وروح لم تنفصل.
وكتب
أبو علي مازن بن الطاهر بن علي الحسني الحسيني الشريف.
22-06-2020
[1] الإسراء الآية ٥٦