4 دقائق للقراءة
من كتاب الفوائد
يقع بين الأزواج تفريق وتشتيت بسبب السحر، والعين، أو خلل في الطاقة، أو إشكال في النفس، أو كل ذلك معا.
بمعنى أن يؤثر الروحي على الطاقي، وينعكس الطاقي على الروحي. وقد يولّد ذلك أثرا على العصبي والبيولوجي الجسمي العضوي.
وهذا حكم عام على كل أنواع الخلل التي تصيب الانسان.
والسحر كما هو معلوم لدى البشرية كلها – إلا المنكرين له من الماديين – أمر موجود وله أثره.
وحسبنا في ذلك كمؤمنين بالله، على علم وبينة، قوله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: ﴿وَٱتَّبَعُوا۟ مَا تَتۡلُوا۟ ٱلشَّیَـٰطِینُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَیۡمَـٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَیۡمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّیَـٰطِینَ كَفَرُوا۟ یُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَاۤ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَیۡنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَۚ وَمَا یُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ حَتَّىٰ یَقُولَاۤ إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةࣱ فَلَا تَكۡفُرۡۖ فَیَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا یُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَیۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ وَمَا هُم بِضَاۤرِّینَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَیَتَعَلَّمُونَ مَا یَضُرُّهُمۡ وَلَا یَنفَعُهُمۡۚ وَلَقَدۡ عَلِمُوا۟ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡا۟ بِهِۦۤ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ﴾[1].
وهذان كما بيّنت من قبل في كتابي “السر الحرام” نوعان من السحر هما: الأسود أي السحر الفعلي الشيطاني. والأحمر وهو يتعلق أساسا بالانفعالات والأحاسيس والتلاعب بها وأمور اخرى من السوء.
في حين يكون النوع التخييلي مجرد تلاعب بصري أو خفة يد.
والذي يُسقط ذلك النوع فقط المعني بقوله سبحانه: ﴿فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِیُّهُمۡ یُخَیَّلُ إِلَیۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ (٦٦)﴾[2] على السحر كله
يجهل حقيقة الأمر ولا يعتد بقوله.
وسحر التشتيت والتفريق بين الازواج مذكور في قوله سبحانه في الآية السابقة من سورة البقرة: ﴿فَیَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا یُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَیۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِ﴾.
وللاسف ينتشر ذلك في العالمين العربي والاسلامي بشكل كبير.
وهو في العالم العربي أكثر انتشارا من غيره، رغم أن الأمم الأخرى لا تخلو منه.
ويرجع ذلك لكثرة الحسد والتباغض، والبحث عن اساليب للانتقام والأذى لا يمكن لعين القانون المادي رصدها.
ولضعف الإيمان وسيطرة الشيطان، فلا يفعل ذلك مؤمن بالله ورسوله، ولا يأتيه إلا شقي فاسد العقيدة بعيد عن ربه.
وهو وباء فتاك فيه أنواع كثيرة من بينها سحر التشتيت بين الأزواج خاصة، وبين المتحابين عامة، الذي يسبب التنافر والبرود والتشنج والضيق النفسي والطلاق وأنواع فساد كثيرة.
ومن باب النصح للمؤمنين فإن في كتاب الله العظيم خلاصات لعلاج ذلك ذاتيا. مع الحرص على عدم إغفال جانب الوعي، والكلمة الطيبة، ودور الاهل. وكذلك الجوانب الطاقية لدى المختصين فيها، والجوانب النفسية لدى المختصين فيها، حتى يكون ذلك معا علاجا كافيا ضافيا شافيا.
وهنالك معطيات يُستبان بها إن كان الخلل روحيا فقط بسبب سحر أو أذى، أو يكون طاقيا بسبب خلل أو عين حاسد قوية نافذة بما فيها من طاقات سوداء، أو هو نفسي فقط، أو هو كل ذلك معا وهو الأكثر شيوعا.
والخلاصات القرآنية علم كبير يحتاج إذنا وفتحا من الله، ولا علاقة لذلك بأدعياء الرقية الشرعية ممن لا روحانية لهم ولا اعتقاد سليم بل أفسدوا وطلقوا الزوجات وأخذوهن إلى طريق التكفير وأتكلم وفق معطيات دقيقة لا مجرد تخمين. ولا بالكثير مما يدعي في الروحانيات فهما وفي علاج أدواء السحر علما وما له في ذلك إذن ولا تفويض ولا علم ولا حقيقة.
إنما الأمر أن يكون الإنسان خالص النية لله وأن يتوكل عليه وأن يجمع آيات في الجمع بينها سر.
وفيما نحن بصدده فهذه الآيات فيها نفع كبير وأكيد وتُقرؤ على الذات قلبا وسرا أو جهرا. وكذلك على الماء النقي ليكون ويشرب ليكون في ذلك بركة الشفاء.
وكل ذلك بإذن الله وحده وفضله.
وأما الساحر ومن قصده فالله سيخزيهم وينتقم منهم، ولا يجب الانشغال بمعرفة من فعل ذلك وعند من، أو البحث عن الرد بساحر آخر، أو علاج لدى ساحر، او مشعوذ أو مدعي رقية، أو دجال يسلب المال، وغيرها من الامور.
وإن أفضل السبل عموما هي اللجوء إلى الله في الأدعية والتسابيح والأذكار والأوراد مع العبادات المفروضة. إلا في حالات يكون الأمر فيها قويا وخارجا عن السيطرة، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ويجعل الله العلاج لدى من أراد.
وهذه وصفة علاجية نافعة إن شاء الله:
1-الإكثار من الصلاة على رسول الله وآله لأنها باب الرحمات.
2-الإكثار من الإستغفار لانه يمحو السيئات ويشحن طاقة الذات ويكون أكثر خير كبير.
3-التسبيح بصيغة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. سبعين مرة مجموعة أو مقسمة إلى عشرة على الأقل وخاصة إثر كل صلاة.
4-تلاوة قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا۟ كَیۡدُ سَـٰحِرࣲۖ وَلَا یُفۡلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَیۡثُ أَتَىٰ (٦٩)﴾[3].
﴿مَا جِئۡتُم بِهِ ٱلسِّحۡرُۖ إِنَّ ٱللَّهَ سَیُبۡطِلُهُۥۤ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُصۡلِحُ عَمَلَ ٱلۡمُفۡسِدِینَ﴾[4].
﴿فَٱللَّهُ خَیۡرٌ حَـٰفِظࣰاۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّحِمِینَ﴾[5]
﴿أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَیَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَاۤءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِیلࣰا مَّا تَذَكَّرُونَ (٦٢)﴾[6]
﴿مِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَاجࣰا لِّتَسۡكُنُوۤا۟ إِلَیۡهَا وَجَعَلَ بَیۡنَكُم مَّوَدَّةࣰ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِی ذَ لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ﴾[7].
﴿وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ﴾[8]
﴿رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَاجِنَا وَذُرِّیَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡیُنࣲ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِینَ إِمَامًا﴾[9].
ويتلى هذا من مرة إلى ثلاثة مرات في اليوم لمدة سبعة أيام. وعلى الماء كذلك لمن شاء. والنفع بالله والأمر لله والفضل كله بيد الله.
[1] البقرة ١٠٢
[2] طه
[3] طه الآية 69
[4] يونس الآية ٨١
[5] يوسف الآية 64
[6] النمل الآية 62
[7] الروم الآية 21
[8] الأنفال الآية ٦٣
[9] الفرقان الآية ٧٤