2 دقائق للقراءة
الحمد لله الذي سبقت منه كلمة فأسعدنا وكتب على من شاء كلمة العذاب غير ظالم.
وهو العليم الذي علّم كل عالم.
وأوحى لمن أراد، وألهم من أراد، وفهّم من أراد.
وجعل أنبياء ومرسلين، وأولياء وصالحين، ومُلهَمين مُحدّثين يُفيض عليهم ما شاء. فتح عين عَطاء بعد كسر غين غِطاء.
وجعل لذلك الحديث معلّما آتاه من لدنه رحمة وعلما. وجعل كل ذلك لحكمة عنده لم تُشب تفريطا ولا ظُلما.
وجعل جنى ذلك في القلب سكينة وطمأنينة وتسليما وسِلما.
وجعله شجرة، وجعل أغصانها رحمة وثمارها حكمة وأوراقها حِلما.
وصلى الله على من خلقه محبوبا، وخلقنا جنودا، وعرّف جنوده مقام حبيبه، فقاموا له قياما، وعرفوا له المقامَ.
فصلى عليه وصلينا عليه، وزدنا الصلاة تحية وسلاما.
سلام أيها المخفي عنك فيك، وعنهم فينا.
المطوي طيّا دفينا.
وعلى سلسلة أعلاها بيد صاحب السفينة.
هو موعد جديد وخلوة في جلوة، بعد خلو الخليل بخليله سنين عددا في مجمع بحري العلم والحكمة منذ فيض “البرهان” وما كشفنا قبله وبعده.
وبعدُ فهذه مجالس ليس فيها جالس، إنما أقيمت في ساحة القلب وعُقدت في باحة العقل وتمت في مجلس الروح وعليها من سر أردت وأردنا وأراد ربك ما عليها
وذي نفحة أدنى العليم السر إليها، فنطقت وصدقت وفي العلم وسقت[1] وأطعمت وسقت لكلمة سبقت.
وما ساخبرك به كنت حدثتك ببعضه من قبل وجاءت به الرؤيا أو تحقق بالرؤية في أبواب الكشف والإشراق والتجلي.
وما سأقصه عليك فيه مستجد إذ أن أمواج البحر تتجدد والبحر نفسه والموج هو الموج.
ولا يمكن لعقل بشري مادي التيقن من صدق ما في هذه المجالس أو بطلانه، إنما له أن يتدبره. والأمر معقود على القلب، فقلب من عرف غرف، وقلب من صَدّ صُدّ وما له من بُد.
وهو رحلة للروح في فلك فسيح. وسفر كسفر سليمان على أجنحة الريح.
فمن امترى فيه فله أن يمتري، وأن يبيع فلا يشتري، أو أن يقول هذا كذّاب يفتري.
لكنه إن قاسه علما ففي البسط علم كبير، وفي الطي علم أكبر.
وإن أرادها رواية وتخييلا فلا شك أنه خيال عبقر، وتخييل بديع، فيه من العلم جميع.
ومن أراد تسليم الفؤاد، بحسن الظن برب العباد. وأنه يُجري القلم ويفتح بالعلم على قلب من أراد، من باب الإلهام وفهم المُراد، فذلك فتح على من فهم فاستزاد.
إذ لا يعرف الفتح إلا صاحب فتح، ولا يذوق النّفح إلا ذو نفح.
اما من عرفنا فقد عرّفناه فعرفنا، وكاشفناه فكشفنا.
ففهم الكتاب ونجوى روحين في عقل كاتب.
فتلك لعمرك ريح السعد حملت على يم التيسير إلى شواطئ العرفان المراكب.
فسبحان الذي خلق الخلق وألهم العلم وزيّن السماء بزينة الكواكب.
والصلاة والسلام على خير عابد وساجد وماش وراكب.
وكتبا
29-06-2020
[1] وسق الوسق: جمع المتفرق. يقال: وسقت الشيء: إذا جمعته، وسمي قدر معلوم من الحمل كحمل البعير وسقا.