2 دقائق للقراءة
من كتابنا: كتاب الإشراقات، الجزء الثاني
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل حجم، هو حجم، ويحاط به.
كل عدد، هو عدد، ويُحاط به.
كل سرعة، هي سرعة، ويُحاط بها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا المعنى يدركه أكثر الذين يفهمون علوم الكون والتكوين[1].
فكل حجم كوني وملكوتي مهما بلغ، ومهما كان من مليارات مليارات السنوات الضوئية مثلا، أو ما فوق ذلك، أو أضعاف أضعاف الكون والسماوات والأفق الأعلى، فما هو عند الله سوى حجم، وقد أحاط به.
وكذا مهما صغُر الحجم فكان أدنى مليارات المرات من الذرة فهو حجم والله سبحانه أحاط به.
بل ذلك الأدنى هو في عين التدقيق كون كامل، فخلية واحدة هي كون لما فيها، وذرة واحدة هي كون لما فيها.
وكل ذلك الأعلى والأكبر هو في عين الإحاطة ذرة متناهية الصغر محاط بها.
﴿وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ﴾[2]
وكل عدد لأي شيء خلقه الله، مثل عدد النمل من يوم بدأ الخلق إلى يوم القيامة، وعدد السمك والطير والدواب والخلق وضمنهم ذرية آدم وحبات الرمل وقطرات الماء وعدد الذرات وأعداد الكواكب، كل ذلك ما هو إلا عدد ويُحيط الله به.
﴿ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَیۡءٍ عَدَدَۢا﴾[3]
ولمن أراد أن يتصور شيئا من عظمة الله، فليتصور كل تلك الأعداد التي لا يمكن حصرها، وكيف أن الله يأتي بها يوم القيامة، وبكل فعل وشيء كان دون تفويت ولا تفريط: ﴿وَنَضَعُ ٱلۡمَوَازِینَ ٱلۡقِسۡطَ لِیَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسࣱ شَیۡـࣰٔاۖ وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَیۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَـٰسِبِینَ﴾[4].
ثم ليحاول ما استطاع عقله العاجز أن يتصور وهو يتمثل كل تلك الأعداد التي لا يمكن على وجه الحقيقة لبشري تصورها، ولينظر في عظمة الله سبحانه إذ يقول: ﴿مَّا خَلۡقُكُمۡ وَلَا بَعۡثُكُمۡ إِلَّا كَنَفۡسࣲ وَاحِدَةٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرٌ﴾[5].
أما السرعة والتي تبلغ ما لا يُتصوّر من أضعاف سرعة الضوء التي يتخذها الجهلة بالله صنما، فإنها مهما بلغت سرعة مُحاط بها، وكما أن حركة البشري السريعة هي في عين الذبابة بطيئة، وحركة الذبابة السريعة هي في عين البعوضة بطيئة، وحركة الضوء السريعة هي في عين النور بطيئة، فكل سرعة في عين خالقها سرعة جامدة، محاط بها.
ولا يتداخل عنده من ترك السرعات المختلفة وما يكون فيها من حركات متفواتة السرعة والتسارع شيء. فسبحان العظيم العليم.
وكل ما ذكرنا مُحاط به أيضا في الكتاب والقلم من قبل خلق الملكوت، ومحاط به في الكتاب الذي يتم فيه استنساج كل ما تم في الحياة الدنيا.
وتجد معاني هذه الإشراقة مجتمعة في قوله سبحانه: ﴿وَمَا یَعۡزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثۡقَالِ ذَرَّةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ وَلَاۤ أَصۡغَرَ مِن ذَ لِكَ وَلَاۤ أَكۡبَرَ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مُّبِینٍ﴾[6].
[1] وقد بيّنا في كتابنا “الرقيم المعلَّم” أمورا من الكون وأحجامه وسرعاته وأعداده يمكن الرجوع إليها لمزيد الفائدة. وفيه إشارة لهذه الإحاطة والإشراقة.
[2] البروج الآية 20
[3] الجن الآية ٢٨
[4] الأنبياء الآية ٤٧
[5] لقمان الآية ٢٨
[6] يونس الآية ٦١