< 1 دقيقة للقراءة
من كتابنا: كتاب الإشراقات، الجزء الثاني. سلسلة المشكاة
إذا عميت البصيرة، واسودّت السـريرة، صارت الكبيرة صغيرة.
وإذا انجلت البصيرة، وابيضّت السـريرة، صارت الصغيرة كبيرة[1].
وهذا من أحوال تجلي النظرة إلى البواطن، وحقيقة المعادن.
فمن عميت بصيرته، واسودّت سريرته، وطمس الله على لبّه وقلبه، صارت كبائر الذنوب عنده صغيرة، وأصبحت جرائم المعاصي كاللّمم[2] عنده.
بل إنه يسمُدُ[3] في غيّه. ويرى الفواحش والآثام الكبرى من خلال عمى بصيرته وسواد سريرته مجرد أمور عادية، أو يقول ماذا فعلت أمام ما فعل غيري. أو تأخذه العزة بالإثم فيزداد إصرارا وجحودا وعنادا.
﴿وَإِذَا قِیلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ﴾[4]
أما من انجلت بصيرته، وابيضت سريرته، فغطاؤه مرفوع، وحجاب الغفلة عنه منزوع، فإنه سيرى صغائر الذنوب واللمم كأنها الكبائر.
فتجده يلوم نفسه، ويسعى في تطهير ذاته، سائلا مغفرة ربه، مقبلا بمجامع قلبه، ناظرا بجلاء لُبّه.
وهذا من سمت الصالحين، وسمات الـمُصلحين، وعلامات العارفين، وشمائل الغارفين.
﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ یَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ﴾[5]
[1] المدينة المنورة 26.02.20 01:00
[2] اللمم: الصغير من الذنوب.
[3] سمَدَ: تكبّر. الغي: الضلال.
[4] البقرة الآية ٢٠٦
[5] السجدة الآية ١٦