2 دقائق للقراءة
الحوار السياسي الليبي بتونس نتيجة حتمية، لا لمسار الحوارات من الصخيرات الى القاهرة وفيينا وبرلين وغدامس فقط، ولكن لأن الأمر حُسم عسكريا ووبائيا.
أما الحسم العسكري فهو تيقن كل اطراف النزاع أن الانتصار لن يكون لأحد منهم، فإذا تم دعم هذا الطرف من دولة ما بأسلحة او مقاتلين فسيتم دعم الطرف المقابل بأسلحة أكثر. وليست الغاية إلا إبادة الليبيين بأيدي بعضهم وتحول ليبيا إلى بؤرة للمرتزقة والإرهابيين ولصوص الثروات وتجار الأسلحة، فهو حسم عسكري غير نمطي، لأن الحرب قد تستمر خمسين عاما دون منتصر، والدول الداعمة لا يهمها امر ليبيا بل ثرواتها ومزيد تمزيقها.
وأعتقد أن هذا يستحق ابتكار مصطلح “الإحباط الاستراتيجي” كناتج للعمى الاستراتيجي. ومهما يكون الموقف السياسي والايديولوجي فإن الحرب خرّبت ولم تمنح أفقا للبناء.
أما الحسم الوبائي فهو ما لم يحتسب المتنازعون في الداخل والمؤججون للنار في الخارج. فكورونا جعلت الوضع أكثر تعقيدا وخطورة، ولوّحت بيد الفناء الأسرع والأشد.
إن الإيقاف الدائم لإطلاق النار، ثم الاجتماع في تونس والاصغاء للموقف الرئاسي التونسي المتناغم مع الموقف الجزائري، ثم تطبيق نص الاتفاق برعاية الأمم المتحدة، والسعي إلى تخليص ليبيا من المليشيات والإرهابيين، وجمع شمل الليبيين بعد سنين عجاف من التناحر والتشتت في أصقاع الأرض، كل ذلك لا مناص منه.
لكن هل سيسمح اللاعبون على أوتار الحرب والمستفيدون منها بذلك؟!
وكيف ستكون رؤية بايدن الديمقراطي للمسألة الليبية، بل همجية ترامب!
وهل لدول الاتحاد الأوروبي التي تختلف رؤاها حول ليبيا حد التضارب أن تتفق وتسمح للدولة الليبية التي فككها الناتو بالتنفس وإعادة البناء!
هي مرحلة دقيقة حرجة عالميا وعربيا وإقليميا، ويجب أن تتظافر جهود دول الجوار الليبي خاصة تونس والجزائر ومصر لأجل مساعدة الفرقاء الليبيين على بناء جسور حقيقية لليبيا الجديدة وفق تعبير رئيسة بعثة الأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، على أن لا تكون كالشرق الاوسط الجديد الذي تلفظت به غونداليسا رايس فلفظ أنفاسه أو كاد.
10 نوفمبر 2020