الإمام الحسين وفقه المرحلة

3 دقائق للقراءة

الإمامالحسينوفقه_المرحلة

عندما نتكلم عنه فنحن نتكلم عن مدرسة ربانية محمدية عظيمة.
ولقد استلهم احرار الأمة في مراحلها المختلفة منذ استشهاده دروسا مكنت لهم من رفع رايته، والهتاف بعده: “هيهات منا الذلة”، ضاربين ثقافة الخنوع التي أراد الظالمون نشرها في أمة الإسلام بغطاء له ظاهر مقدس يواري سوأة المدنس.
وهو في الحقيقة غطاء عار من القداسة، بل هو قناع شيطان ينطق بألسنة الأنبياء، كابن زياد الذي حمد الله أن أنقذ الإسلام وشفى صدور المؤمنين بقتل الحسين بن علي!!!!!
يستطيع ذو البصيرة أن يرى أثر المدرسة الحسينية في صالحي وأبطال الأمة عبر تاريخها، بداية من حفيده زيد بن علي، وسبطه محمد النفس الزكية (ابن ابن بنته فاطمة النبوية)، وصولا للشيخ المجاهد عمر المختار الذي قال: نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت.
ولا يمكن أن ننظر في عيني شهيد للحق، او بطل غيور، وثائر ضد الظلم والبغي والطغيان، ومناصر لدين الله منافح عن محمد وآله، دون أن نرى الإمام الحسين عليه السلام.
في عاشوراء كان مشهده الذي قدم فيه للملكوت كله أعظم دروس الفداء، مذهلا بذلك الملائكة، وارثا لكل نبي وتقي، مشرفا جده المصطفى وأباه عليا وأمه فاطمة وشقيقه الحسن، وكل آبائه وذريته ومنتسب إليه.
لأنه كان الذبح العظيم، فداء اسماعيل، والذي قدم قربان العشق الالهي بدمه ودماء إخوته وأبنائه وأبناء شقيقه وشقيقته زينب، وصفوة أهله وأصحابه.
ليس هنالك من مشهد عشق أعظم، حين يواجه الجرح الخنجر وينتصر عليه، حين ينقذ دين جده بقطع رأسه وحمله على الرماح، وباربعين من الخيل تعافس جسمه الشريف.
وصله مع ربه لم ينقطع لحظة حتى وهو يرمي السماء بدم من وجهه، ويسمع صرخة أخيه العباس، وابنه علي الاكبر ينادي: الظمأ يا أبي، أو يمسح دمع طفله عبد الله الرضيع على وجهه، او ينظر في عيني زينب وسكينة ويرى أن الهاشميات سوف يسبين حتما، وينظر حرق الخيام، ويضم أحد أبناء شقيقه صبيا مطعونا حتى تخط قدماه، وينادي بعلي زين العابدين العليل وهو يجر سيفه، هاتف بزينب: ادخليه أو لن يبقى من ال محمد أحد.
هذا المشهد تنفسته روحي وكل ذرة من ذراتي لانه في دمي، لأنه في الجينات، في الحمض النووي، لأني حفيده جسدا وشقيق روحه برزخا، وهذا نقش رباني في قلب كل شريف نسبا أو نسبة.
ليس الحسين تجارة وفلكلورا ومناسبة يقول فيها بعضهم ما لا يعنيه حقا.
وليست عاشوراء يوم ابتهاجه يوسع فيها المرء من داره ويصوم فرحا بنجاة موسى من فرعون، ويونس من بطن الحوت، وأيوب من الضر، وإبراهيم من النار، ونوحا من الطوفان، وآدم من الهجران.
فلا وجود لمحرم عند اليهود ولا عند قوم نوح ويونس.
بل ذلك كذب بني أمية وشماتتهم ووضعهم وتدليسهم، لطمس حقيقة جلية ساطعة واضحة: عاشوراء مقتل الحسين، عاشوراء ملحمة الحسين، عاشوراء صرخة تتردد: من لنا في هذا اليوم، من يذود عن حرمات رسول الله.
ولكن ما ينبغي أن ننبه له وفق فقه المرحلة، أن زمننا هذا هو زمن تسديد الدين للحسين كما يليق به: فتحا كاملا ونصرا شاملا لمحمد وآل محمد بيد وارثهم وقائمهم.
وأن مرحلتنا هذه هي مرحلة الظهور المبارك الذي لا ريب فيه، والذي سينهي قرونا من الزيف والظلم، ويسكن دم الحسين الذي يفور غضبا، بما تقر به عينه وأعين آبائه وآله وعشاقه أجمعين.
لست هنا أتخذ الانشاء توهما وإيهاما، بل أنا رجل يعي جيدا ما يقول، ويعلم تدقيقا وتحقيقا وتحققا معاني ما ينطق به.
ملحمة الامام الحسين شعلة الآتي الذي يشع خيرا وأملا وأمنا وفرحا وانتصارا. وما كان له أن يكون لولا ملحمة الطف الخالدة ودم الحسين الزكي.
لكن هذا التحقق لن يكون إلا على المحمدية البيضاء، ولن يكون إلا بالرجوع إلى رسول الله وإلى آل بيته.
إنها راية محمدية في أصولها، مهدوية في وصولها، كتب الله لها النصر بقدرته، والانتصار بقهره، والغلبة بسلطانه، تسديدا وتأييدا وتسخيرا وتمكينا.
فلنقف الان ونستعد.
الحسين لا يحب الخانعين ولا يرضى بهم.

*الصورة في الموضع الذي قطع فيه رأس الامام الحسين، في كربلاء.

مقالات ذات صلة

في شهود البيت العتيق
وأنت بجوار الكعبة المشرفة، تشهد المشهد العظيم، ترى بعينك الطائفين، وترى بقلبك الأولين، وتنظر بروحك إلى وجوه النبيين، من آدم الأول، بعد أن تاب...
3 دقائق للقراءة
عن الحق والباطل
كل فضيلة تقع بين رذيلتين.الكرم بين البخل والتبذير.والشجاعة بين الجبن والتهور.وكل حق يقع بين باطلين: باطل يحجبه، وباطل يسعى لتزييفه. هكذا حدثتني الروح، وهكذا...
< 1 دقيقة للقراءة
في مقام الوالدين
عظم الله قدر الأم، وأبان عن عظيم شرفها في كتابه، وأوصى الإنسان بوالديه ووصّاه ببرهما، فقال عز من قائل: ﴿وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰ⁠لِدَیۡهِ حُسۡنࣰاۖ﴾ [العنكبوت...
2 دقائق للقراءة
وظيفة الاستغفار
وظيفة الاستغفارمن الوظائف الخاصة في الطريقة الخضرية العلية.مع صدق الرجاء وإخلاص النية في الدعاء، والتوجه القلبي الكلي إلى الله، والتوسل بمن للوسيلة ارتضاه.لها بفضل...
2 دقائق للقراءة
في حكمة القبض والبسط
في حكمة القبض والبسط والفناء والبقاء ومما يثير الدهشة في الحياة، قدرتها على التلون والتبدّل والانتقال من حال إلى حال، وهي في ذلك تأخذ...
2 دقائق للقراءة
لقاء على بساط المحبة
على بساط المحبة والأنس بالله، كان لقائي بالشيخ خالد بن تونس شيخ الطريقة العلاوية، وقد كان لقاء منفوحا بحب الله ورسوله، محاطا بسر أهل...
3 دقائق للقراءة
عن الطريقة الخضرية
قد يظن البعض ممن لم يطلع على الرسائل ، ولم يفهم المسائل، أن الطريقة الخضرية بدع من القول مما افترى على الأمس اليوم، وبدعة...
2 دقائق للقراءة
صم عاشوراء ولكن
كل عام أكتب عن عاشوراء، ويغضب الكثيرون.حسنا، لن أقول لك لا تصم يوم عاشوراء، لكن إن كنت ستصومه فلا تفعل ذلك ابتهاجا بنجاة موسى...
3 دقائق للقراءة
خطبة بين الروح والقلب
الحمد الله مبدي ما بدا، وهادي من هدى، الذي لم يخلق الخلق سدى.والصلاة والسلام على نبي الهدى، ونور المدى.من عز بربه فساد،  اتباعه رشَد...
< 1 دقيقة للقراءة
عن القرآن الكريم
ليس القرآن فقط مصحفا من ورق، عليه كلمات مطبوعة، تطال نسخه أيدي الآثمين.فيقرؤه قارؤهم والقرآن يلعنه، حتى يقتل خير الناس اغتيالا في المسجد وهو...
2 دقائق للقراءة