2 دقائق للقراءة
وصيتان من ذهب طرقتا القلب منذ أعوام.
وكتاب الوصايا استمر فيضه أكثر من عشرين عام، ويستمر.
هذه وصايا عن الصالحين وأدب صحبتهم.
قوم كلامهم: “الله”. وصمتهم: “الله”.
ونداؤهم: “الله”. ودعاؤهم: “الله”.
وقيامهم: “الله”.
وحياتهم: “الله”. ومماتهم: “الله”.
قد فنوا في الله، وهاموا بحب الله.
وساحوا بأرض الله. وسلكوا بذكر الله.
وملكوا بفضل الله.
علمهم من الله. وعلمهم في الله. وعلمهم بالله.
وسيرهم لله.
لم يروا سواه مطلوبا ولا مرغوبا.
ولا عرفوا غيره معبودا ومحبوبا.
قد طلبوه وطلبوا أهل مودته وقربه.
وقد قصدوه ورغبوا بحبه.
وقد عرفوه، وعرّفوه لمن جهلوه.
قد أفلح من تبعهم. وقد فاز من سمعهم.
هم القوم لا تشقى بصحبتهم.
فاسلك سبلهم. واقصد منهلهم.
فالله الله كم تجمّلوا بالله. والله الله كم تحمّلوا في الله. وسبحان الله في قوم أرادهم وأرادوه. وقصدهم وقصدوه. وخلقهم فعبدوه. وعلّمهم فعرفوه.
إن نظرت إليهم رأيت نور الله.
وإن سمعت منهم سمعت حمد الله.
وإن مشيت معهم وجدت هدي الله.
وحيثما كانوا كانت الرحمة. وحيثما ساروا سارت الرحمة. فلا حرمك الله لقياهم. وصحبتهم ورؤياهم.
قد فزت إن أطعتهم. وهُديت إن سمعتهم.
وربحت البيع إن تبعتهم.
خذ عنهم، وتعلّم منهم.
فإن فيوضاتهم لا يحصرها عاقل، ولا يحيط بها ناقل. واعلم أنهم إن علّموك آلموك. وإن آلموك سلّموك.
وإن سلّموك سالموك.
فإن سالموك لم تضرّك حرب الدنيا ودواهيها، وشر من فيها.
وكن معهم للأدب ملازما، وللصمت لازما.
ينر الله لك وبك وعليك وحولك، ويبارك لك قوتك وحولك، ومكانك ويومك وحولك.
فإن سلكت ملكت، وإن شككت هلكت.
فإياك والريب، وأيقن بالغيب.
تتجلى عليك المشاهد، وتكن على الحق شاهد.
وعليك بسر التخلي، تفز بنور التجلي.
وإن للتجلي سوابق فيض، ولواحق إشراق.
فأما الفيض فمد بحرهم. وأما الإشراق فظهور أمرهم. وأما تجليهم فعلى قدر تخليك، والتسليم في حضرتهم يرفعك ويحليك.
واعلم أن الغرور للسر قبر، وأن من هجروه لن يملك عليهم ذرة من صبر.
فإن نظرت إلى أناك بعين كِبْر، صرت كالدواة بغير حبر.
فالحذر الحذر، والصبر على ما صَدَر.
وقل أعوذ بالله من شر من غدر.
*الصورة عند شجرة لها سرها، خلف مقام الامام الشاذلي، ذات فجر جميل في حميثرة السر.